مصر وحكومة الدبيبة.. الاقتصاد مدخل للتحولات

7
مصر وحكومة الدبيبة.. الاقتصاد مدخل للتحولات
مصر وحكومة الدبيبة.. الاقتصاد مدخل للتحولات

أفريقيا برس – مصر. شهدت العلاقة بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، ومصر، تحولاً كبيراً بعد استعادة هادئة للعلاقات بينهما، وذلك عبر “بوابة الاقتصاد”، في تحوّل كبير في الموقف المصري بعدما كانت القاهرة قد أعلنت، في سبتمبر/ أيلول الماضي، اعترافها الرسمي بالحكومة المكلفة من مجلس النواب في فبراير/ شباط 2022، برئاسة فتحي باشاغا.

وقالت مصادر إن الخطوات الأولى في التقارب بين الطرفين “جاءت من قِبل الدبيبة، التي حركها إدراك للاحتياجات المصرية، المرتبطة بالأوضاع الاقتصادية”.

وأضافت أن “البداية كانت في مارس/ آذار الماضي، عندما بعث الدبيبة برسائل مبطنة، خلال حفل تسليم ائتلاف الشركات المصرية المنفذة لمشروع الطريق الدائري الثالث في طرابلس، موقع المشروع”. وأوضحت أنه “خلال الحفل، حملت كلمات الدبيبة إشارات واضحة، ورغبة في تصحيح مسار العلاقات عبر البوابة التي تريدها القاهرة، مبدياً استعداده للتفاهم”.

وبحسب مصدر مقرب من اللجنة الوطنية المعنية بالملف الليبي في مصر، فإن “الدوائر المعنية بالملف الليبي، اكتشفت خطأ التقديرات التي أدت إلى إعلان موقف القطيعة مع حكومة الدبيبة في سبتمبر من العام الماضي”، وهو ما دعاها لإعادة النظر في تلك الخطوة.

لكن “ما كان يعطل استئناف العلاقات مع الدبيبة، كيفية الدخول من بوابة تحفظ ماء وجه القاهرة وتلبي مطالبها، خصوصاً في ظل إدراك المسؤولين في مصر، أن حكومة الدبيبة لا تزال تمارس عملها، ولا توجد ملامح تؤكد سحب الاعتراف منها دولياً، كذلك إن تصور المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي لحل الأزمة في ليبيا، قائم على دور رئيسي لحكومة الوحدة”، وفق المصدر.

القاهرة التقطت إشارات الدبيبة

وكشف دبلوماسي مصري، أن القاهرة “التقطت إشارات الدبيبة، وردت عليها أيضاً برسائل إيجابية، عبر قنوات اقتصادية”.

وأشار إلى أن “دولة عربية ساهمت بلعب دور الوساطة بين الطرفين، وإذابة الجليد الذي تراكم بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية والقاهرة، بعدها أوفد الدبيبة ممثلاً خاصاً له إلى القاهرة، اجتمع مع اللواء عباس كامل مدير المخابرات العامة، والمشرف على عمل اللجنة المعنية بملف ليبيا”، مضيفاً أن “مبعوث الدبيبة جاء محملاً بعروض اقتصادية سخية”.

وكشف الدبلوماسي عن “عرض مبعوث الدبيبة إسناد حصة كبيرة من المشروعات، إلى الشركات المصرية، في عملية إعادة الإعمار الجارية في ليبيا في الوقت الراهن، مع السماح بزيادة أعداد العمالة المصرية، عبر تقديم تسهيلات واسعة لها، إضافة إلى إمكانية لعب حكومة الوحدة دوراً في التوصل إلى تفاهمات اقتصادية بين مصر وتركيا في ليبيا عبر شراكات”.

وبحسب الدبلوماسي، فقد “استعرض مبعوث الدبيبة إمكانية قيام شراكة اقتصادية مصرية تركية عبر المشروعات في ليبيا”، لافتاً إلى أن “غالبية الاتفاقيات الموقعة مع الشركات التركية المشاركة في عمليات إعادة الإعمار، هي عقود مقاولات، ما يعني أن تلك الشركات ستكون في حاجة إلى عمالة تنفذ المشروعات، وهو أيضاً يعني التوسع في الاعتماد على العمالة المصرية، التي يوجد كثير منها بالأساس في ليبيا بطرق غير شرعية”.

وأضاف أن “عروض الدبيبة التي كانت في حقيبة مبعوثه الخاص للقاهرة، لم تتوقف عند هذا الحد، بل أبدى استعداداً للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية التي تواجهها القاهرة، عبر وديعة دولارية ليبية في البنك المركزي المصري، يمكن التوافق على قيمتها في مرحلة لاحقة، بعد استعادة العلاقات، وإعادة مصر اعترافها بحكومة الوحدة الوطنية”.

استقبال الدبيبة لوفد مصري

واستقبل الدبيبة أخيراً، وفداً مصرياً من اللجنة، ضم مسؤولين من جهاز المخابرات العامة، ورجل الأعمال المقرب من الجهاز إبراهيم العرجاني، الذي تتولى المجموعة التي يرأسها تنفيذ العديد من المشروعات داخل مصر، وكذلك تنفذ مشروعات المنحة المصرية في قطاع غزة.

وفي السياق ذاته، شهدت الدورة الـ13 لمعرض “ليبيا بيلد 2023” المتخصص في الإنشاء والتصميم والتشييد، الذي انعقد لمدة ثلاثة أيام، في الفترة ما بين 22 و25 مايو/ أيار الحالي، حضوراً مميزاً للشركات المصرية. وجاءت مصر، الأولى على المستوى العربي من حيث الشركات المشاركة في المعرض، بأكثر من 24.

مقابل ذلك، كانت القاهرة أول المرحبين بالبيان الصادر عن لجنة “6+6” لإعداد القوانين الانتخابية. وعبّرت وزارة الخارجية، في بيان مساء الأربعاء الماضي، عن تطلعها إلى مواصلة اللجنة المشتركة مهامها لاستيفاء الإطار القانوني اللازم لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في أقرب وقت ممكن.

علاقات وطيدة بين مصر وليبيا

وفي السياق، قال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والخبير في الشؤون الأفريقية، شريف الخريبي، إن “هناك علاقات وطيدة بين مصر وليبيا، سواء على مستوى الأنظمة أو على مستوى الشعوب، بسبب القرب الجغرافي وعلاقات المصاهرة التي نشأت بين المصريين والليبيين، ودوماً ما سعت مصر لاستقرار ليبيا بشكل كامل، بغض النظر عن الأمور الاقتصادية، ولا مانع من التعاون الاقتصادي مع أي دولة من دول المنطقة، ولكن لا يمكن أن تكون علاقاتنا مبنية على أساس الاتجاه الاقتصادي فقط أو اتجاه المنفعة”.

وأضاف: “هناك تقارب يحدث بين الأطراف الليبية من طريق مجموعة 5+5 (العسكرية) ومجموعة 6+6، وهذا التقارب كان لمصر دور كبير فيه، ولم يحدث بين ليلة وضحاها من دون ترتيب مسبق، ولكن بسبب سعي الدولة المصرية لتحسين الأجواء في ليبيا، من أجل توحيد الدولة، وعقد الانتخابات والوصول إلى دولة وحكومة مستقرة”.

من جهته، قال الخبير في الشأن الليبي، مدير مركز “بيان” للدراسات، نزار كريكش، إن “المشروع المطروح في ليبيا الآن، تشكيل حكومة تؤدي إلى عملية انتخابية يكون على رأسها الدبيبة”.

وأشار إلى أن مصر “تحاول إيجاد بعض الوزراء الذين يتبعون خليفة حفتر والمجموعة الشرقية، لذلك حدث تقارب بين مصر وحكومة الوحدة الوطنية”. وأضاف أن “ما يهم مصر في هذه المرحلة، أن تضمن وجود من يمثلها ويحقق مصالحها في ليبيا، ضمن الحكومة المشكلة، ويبدو أن مصر تسير بشكل جيد في التقريب بين الأطراف المختلفة في ليبيا، بدليل الزيارات الأخيرة”.

وقال إن مصر “لا تزال تشعر أنها الطرف الوحيد المؤثر في المعادلة الليبية، وهي إشكالية في السياسة المصرية مع الملف الليبي، لأنها غير قادرة على بناء تحالف إقليمي، بالعكس من الجانب التركي الذي يسعى لإقامة تحالف تركي مصري جزائري”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here