ترحيل المهاجرين من أمريكا يثير جدلًا في ليبيا

6
ترحيل المهاجرين من أمريكا يثير جدلًا في ليبيا
ترحيل المهاجرين من أمريكا يثير جدلًا في ليبيا

عبد الرحمن البكوش

أفريقيا برس – ليبيا. أثار تقرير لوكالة “رويترز” عن استعداد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لترحيل مهاجرين إلى ليبيا لأول مرة موجة واسعة من السخط في الأوساط الليبية، ما أعاد إلى الواجهة تعقيدات المشهد الداخلي وعمّق الانقسامات بين الأطراف المتنازعة شرقًا وغربًا.

ورغم أن واشنطن نفسها سبق أن دانت “المعاملة القاسية” للمحتجزين في ليبيا، فإن العودة لطرح هذا الخيار فجّرت موجة من التصريحات الغاضبة والتجاذبات السياسية في البلاد.

وفي هذا السياق، وفي تصريح خاص لـ”أفريقيا برس”، حذّر يوسف الفارسي، رئيس حزب ليبيا الكرامة، من خطورة هذه الخطوة، معتبرًا إياها “مؤامرة مرفوضة” تمثل تهديدًا مباشرًا لأمن واستقرار البلاد. وأكد أن المهاجرين المزمع ترحيلهم “ليسوا طالبي لجوء”، بل “غالبيتهم من أصحاب السوابق الجنائية”، مشددًا على أن استقبالهم داخل الأراضي الليبية هو مغامرة غير محسوبة، وانتهاك للسيادة الوطنية.

ووجّه الفارسي اتهامًا مباشرًا لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، متهِمًا إياها بإبرام تفاهمات سرية مع الجانب الأمريكي دون الرجوع إلى باقي المؤسسات السيادية، في محاولة – كما وصفها – “لتمديد بقائها في السلطة ولو على حساب الثوابت الوطنية”.

وأشار إلى أن المناطق التي يُخطط لنقل المهاجرين إليها خاضعة لسيطرة ميليشيات مسلحة، ما يهدد حياتهم ويزعزع السلم المجتمعي، موضحًا أن القيادة العامة للجيش والحكومة المكلّفة من البرلمان في الشرق ترفضان بشكل قاطع هذا التوجه، في موقف يحظى بدعم شعبي واسع.

من جانبه، اعتبر الباحث القانوني والسياسي عبدالله الديباني أن هذه الخطوة تمثل “خرقًا خطيرًا” لمبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في اتفاقية جنيف لعام 1951، مؤكدًا أن ليبيا “ليست دولة آمنة بأي معيار قانوني أو إنساني” لترحيل أفراد إليها. وفي تصريحه الخاص لـ”أفريقيا برس”، لفت إلى أن غياب المؤسسات الفاعلة والانقسام الحاد في السلطة يجعل من هذه الخطوة تهديدًا مباشرًا لحقوق الإنسان.

الديباني ذهب أبعد من ذلك في تحليله، مشيرًا إلى احتمال وجود تفاهمات أمنية غير معلنة بين واشنطن وأطراف محلية، قد تشمل مصالح اقتصادية أو تسهيلات مالية مقابل استقبال المرحّلين، محذرًا من أن هذا النموذج الأمريكي قد يُغري دولًا أوروبية باتباع النهج ذاته، ما قد يحوّل ليبيا إلى “منطقة عازلة” لتفريغ الأزمات الخارجية.

وشدد على ضرورة العمل لوقف محاولات ترحيل المهاجرين إلى مناطق النزاع مثل ليبيا، التزامًا بالقانون الدولي الإنساني، مؤكدًا في الوقت ذاته أهمية دعم قدرات الدولة الليبية في بناء مؤسسات أمنية ومدنية قادرة على حماية سيادتها وحدودها.

تعكس التصريحات المتباينة من الأطراف السياسية الليبية، والصمت المريب من جهات متهمة بالتواطؤ، واقع الانقسام والتوظيف السياسي لهذا الملف الحساس. فبينما يرى البعض في هذه التفاهمات تهديدًا للسيادة وخيانة للمصلحة الوطنية، لا يزال الغموض يحيط بمدى صحة هذه الترتيبات ومن يقف خلفها.

وفي المحصلة، حذر قاضٍ فيدرالي من أن الخطط المحتملة لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لترحيل مهاجرين على وجه السرعة إلى ليبيا ستشكل “انتهاكًا واضحًا” لأمر قضائي سابق يمنع مثل هذه الترحيلات الفورية، فيما قال ترمب إنه لا يعلم شيئًا عن هذه الخطط. ونفت الحكومتان الليبيتان أي اتفاق مع واشنطن، وأعلنتا رفضهما لأي تفاهمات لإعادة توطين مهاجرين.

لكن طرح فكرة ترحيل المهاجرين من أمريكا إلى ليبيا يكشف عن حجم هشاشة الدولة الليبية، وافتقارها إلى موقف موحد في قضايا تمسّ الأمن القومي. وبينما تتقاذف الأطراف السياسية الاتهامات، يبقى المواطن الليبي هو الطرف الأكثر تضررًا، في ظل غياب مؤسسات قادرة على حماية البلاد من أن تتحول إلى ساحة تصريف للأزمات الدولية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here