معارك السلاح تهدأ و”حرب الإلغاء” تشتعل

3
معارك السلاح تهدأ و
معارك السلاح تهدأ و"حرب الإلغاء" تشتعل

كريمة ناجي

أفريقيا برس – ليبيا. في الوقت الذي ترقب الشارع السياسي اللبيي اللقاء المزمع بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري في مدينة الزنتان (على بعد 136 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة الليبية طرابلس)، لحسم ملفات المناصب السيادية وتوحيد السلطة التنفيذية واستكمال الإطار الدستوري للانتخابات، أعلن المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، عن إلغاء اللقاء الذي كان من المقرر عقده اليوم الأحد، الرابع من ديسمبر (كانون الأول)، في مدينة الزنتان غرب البلاد.

وكان مراقبون أبدوا شكوكهم حول إمكانية عقد اللقاء دون أن تحاول حكومة الدبيية إجهاضه. لكن باتيلي أرجع إرجاءه إلى أسباب لوجيستية خارجة عن إرادة البعثة الأممية، داعياً البرلمان ومجلس الدولة إلى الاتفاق على مكان وموعد “مقبولين للطرفين” لعقد اجتماعهما، مشدداً على ضرورة أن يخرج الاجتماع بـ”مقترحات ملموسة وقابلة للتنفيذ وذات أطر زمنية محددة لإيجاد مخرج توافقي” من أزمة البلاد.

وجاء قرار إلغاء اللقاء، بعد ساعات من إعلان قوى محلية في مدينة الزنتان رفضها استضافة وتأمين اجتماع عقيلة صالح وخالد المشري، واشترطت الحصول على موافقة وتفويض حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن عميد بلدية الزنتان عمران العمياني، أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، تواصلت معهم في شأن استضافة اجتماع بين رئيس البرلمان عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري.

وأضاف العمياني أن السلطات المحلية بالمدينة مستعدة لاستضافة الاجتماع، شريطة الحصول على موافقة من وزارة الحكم المحلي في حكومة الوحدة الوطنية، مشيراً إلى أن “اللقاءات الداخلية تعد الحل الوحيد لليبيا، وذلك مع اتباع التسلسل الإداري الصحيح عند اتخاذ الخطوات لاستضافة مثل هذه الاجتماعات”.

تعديل الإعلان الدستوري

قال بيان لرئاسة مجلس النواب إن “هناك اتفاقاً بين رئاسة المجلسين (الدولة والبرلمان) على إعادة تكوين المناصب السيادية التابعة لمجلس النواب، إضافة إلى تشكيل حكومة جديدة موحدة في ليبيا”.

وأكد رئيس المجلس عقيلة صالح في بيان له أمس أن “مجلس النواب قام بتعديل الإعلان الدستوري رقم 12 بتكليف لجنة من 24 عضواً، 12 من مجلس الدولة، و12 من مجلس النواب، اجتمعوا في القاهرة تحت إشراف بعثة الأمم المتحدة، وقضوا شوطاً هاماً في الوصول إلى التوافق على القاعدة الدستورية”.

وأوضح أن “تأخر عمل اللجنة يعود إلى تأخر تكليف مبعوث جديد على رأس الأمم المتحدة للدعم في ليبيا المتحدة”، مضيفاً أنه “ستتم دعوة هذه اللجان للاستمرار بعملها في القاهرة خلال الأيام المقبلة لإنجاز القاعدة الدستورية، وما يتم الاتفاق عليه بين الطرفين سيجري إنجازه، وما يختلف في شأنه سيترك للشعب للاستفتاء عليه”.

وكان عضو مجلس الدولة الاستشاري عادل كرموس، قال في وقت سابق إن “لقاء الزنتان سيتناول المسار الدستوري كملف أساس يتمثل في القاعدة الدستورية التي من المحتمل إما أن تنتج عنها لجنة عمل جديدة، أو أن تستمر لجنة المسار الدستوري السابقة نفسها في إعداد القاعدة الدستورية التي من الممكن اعتمادها من دون الرجوع إلى المجلسين”.

وتابع أنه “سيتم في مرحلة موالية اعتمادها (القاعدة الدستورية) من اللجنة المشتركة بين المجلسين، وتحال مباشرة إلى المفوضية العليا للانتخابات للاستفتاء عليها”.

كرموس أوضح أن “لقاء الزنتان سيتطرق أيضاً إلى مناقشة ملف السلطة التنفيذية المتمثلة في حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، والتي استكملت ولايتها من دون أن تنجز المهام الموكلة إليها، وعلى رأسها إجراء انتخابات وطنية في 24 ديسمبر 2021، وفقاً لاتفاق جنيف”.

ونوه إلى أنه “حان الوقت لاختيار حكومة أخرى قادرة على إنجاز هذا الاستحقاق الانتخابي، وبالنسبة إلى ملف المناصب السيادية أعتقد أن البعثة لن تتدخل فيه، إذ سبق أن تم الاتفاق عليه في بوزنيقة المغربية، والمجلسان يعملان وفق هذا الاتفاق”.

وختم كرموس قائلاً، “سيتم التصويت خلال المدة المقبلة على المناصب السيادية من قبل مجلس الدولة وإرسالها إلى مجلس النواب”، مؤكداً أن هذا الملف سيأخذ شهرين لإنجازه.

حدود المصالح الدولية

لكن عضو البرلمان جبريل وحيدة لم يخف تخوفه من إمكانية إجهاض اللقاء. وقال إن “الدبيية لن يترك أي اتفاق ليبي – ليبي يكتمل لأنه سيجد نفسه خارج أسوار الحكم، لا سيما أنه سبق وأكد رفضه تسليم السلطة حتى لو اقتضى الأمر حمل السلاح”.

وفي إطار تعليقه عن تصريح بلدية مدينة الزنتان التي ستحتضن اللقاء بأنها “بانتظار موافقة الدبيبة على اجتماع رئاسة المجلسين مع المبعوث الأممي عبدالله باثيلي”، أشار جبريل إلى أنه “اتضح الآن سبب تكليف الدبيبة لابن مدينة الزنتان عماد الطرابلسي كوكيل عام مكلف تيسير وزارة الداخلية، ضماناً لعدم خروج الزنتان عن إرادته السياسية”.

وتابع عضو البرلمان حديثه قائلاً إن “أي اتفاق ليبي – ليبي سيصطدم بمصالح المجموعة الدولية المتحكمة في مفاصل القرار السياسي الليبي وعلى رأسها تركيا ومصر والولايات المتحدة”.

ومدينة الزنتان التي ينحدر منها وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي، تضم أبرز القوى العسكرية في الغرب الليبي، وهي منقسمة بين ميليشيات موالية لرئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة وأخرى داعمة لمنافسه فتحي باشاغا.

سيناريو متكرر ولا حل

أما رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية جمال الفلاح فيقول إن “اللقاء المؤجل لم يكن ليتعدى كونه خطوة سيئة تهدف إلى بقاء رئيس المجلسين (عقيلة صالح وخالد المشري) لأكثر وقت ممكن في المشهد السياسي الليبي”. وتابع أن “الهدف من الاجتماع هو تقسيم السلطة بينهم بعيداً من إيجاد مخرج للأزمة الليبية عبر انتخابات وطنية”.

وعن سبب اختيار الزنتان قال رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية إنها “أول مرة يتم فيها اختيار هذه المدينة لاحتضان لقاءات سياسية، وهي التي يسيطر عليها عسكرياً القائد أسامة الجويلي الذي انشق عن الدبيبة واصطف مع حكومة فتحي باشاغا المكلفة من قبل مجلس النواب في فبراير (شباط) الماضي”.

وأكد أن “اختيار الزنتان رسالة موجهة للدبيبة بأن بإمكان المجلسين الاجتماع في أي مدينة بالمنطقة الغربية، وأنهم يستطيعون الحصول على تحشيد عسكري لدخول طرابلس وتعيين سلطة تنفيذية أخرى”.

وأوضح أن “ليبيا ليست بحاجة إلى هذه السيناريوهات المتكررة بقدر ما تحتاج إلى فرض عقوبات دولية على كل من يقف أمام إجراء انتخابات وطنية برعاية أممية”، مؤكداً أن “مشروع الاتفاق الليبي – الليبي لن ينجح لأن الليبين فشلوا في إرساء مصالحة وطنية شاملة فما بالنا باتفاق وطني يفضي إلى انتخابات شفافة؟”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here