أفريقيا برس – ليبيا. كشف مصدر مصري مطّلع على ملف الأزمة الليبية أن القاهرة أبدت ارتياحاً لتعيين الفريق خالد حفتر، نجل اللواء خليفة حفتر، رئيساً للأركان العامة لـ”الجيش الوطني الليبي” (قوات حفتر المسيطرة خصوصاً في شرق ليبيا)، خلفاً للفريق عبد الرازق الناظوري، فيما جرت ترقية شقيقه صدام حفتر إلى منصب نائب القائد العام (شغل صدام منذ مايو/أيار 2024 منصب قائد القوات البرّية لقوات حفتر).
وأرسلت القاهرة إشارات دعم واضحة لخالد حفتر، إذ بعث رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، برقية تهنئة إلى نظيره الليبي الجديد، مؤكداً “اعتزاز القوات المسلحة المصرية بالعلاقات التاريخية التي تجمعها مع القوات المسلحة الليبية”، ومعرباً عن ثقته بأن هذه الخطوة “ستسهم في دعم الاستقرار وتعزيز التعاون المشترك بين البلدين”.
حلّ عسكري منضبط
ويرى مراقبون أن إعادة ترتيب مواقع القيادة داخل قوات حفتر تحمل انعكاسات مباشرة على مسار التسوية السياسية في ليبيا التي ترعاها الأمم المتحدة، إذ تسعى القاهرة إلى توظيف هذه التغييرات لصالح دفع العملية السياسية إلى الأمام، من خلال ضمان أن يظلّ الجيش الليبي موحداً وتحت قيادة أقرب إلى خياراتها. هذا التوجه يتماشى مع حرص مصر على أن يكون الحل العسكري منضبطاً ومكّملاً للمسار السياسي لا معطلاً له.
وفي هذا السياق، رحّبت مصر بإعلان المبعوثة الأممية الخاصة إلى ليبيا هانا تيتيه، الأسبوع الماضي، عن خريطة جديدة لحلّ الأزمة الليبية تتضمن تشكيل حكومة مؤقتة والإعداد لانتخابات وطنية خلال 12 إلى 18 شهراً. وشدّدت وزارة الخارجية المصرية، في بيان أصدرته أول من أمس السبت، على “أهمية الالتزام بهذا الإطار الزمني باعتباره شرطاً ضرورياً لضمان مصداقية العملية السياسية وتحقيق تطلعات الشعب الليبي في الاستقرار والتنمية”. كما جدّدت القاهرة دعمها الكامل للجهود الأممية، مؤكدة أن “الحل السياسي الشامل هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة الممتدة”، مع التشديد على “رفض التدخلات الخارجية والحفاظ على وحدة المؤسسات السيادية، وفي مقدمتها الجيش، كضمانة أساسية للاستقرار”.
ليبيا ساحة نفوذ
وبينما تعمل بعض القوى الدولية على الدفع بصدام حفتر كمرشح محتمل لقيادة ليبيا، تركز القاهرة على ترسيخ موقعها كفاعل رئيسي في الأزمة، عبر دعم شخصيات عسكرية وسياسية أقرب لرؤيتها، وضمان أن أي تسوية سياسية لن تأتي على حساب أمنها القومي أو على حساب نفوذها في غرب الحدود. ويعكس هذا التباين الفارق بين حسابات القوى الكبرى التي ترى ليبيا ساحة نفوذ استراتيجي، وبين حسابات مصر التي تنظر إليها باعتبارها خط تماس مباشر مع أمنها واستقرارها الداخلي.
وفي السياق، رأى مدير المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، شريف عبد الله، أنه لا جديد في المخرجات أو الإحاطة التي قدمتها المبعوثة الأممية إلى ليبيا، معتبراً أنها تكرار لما هو متداول على المستويات السياسية والأمنية والعسكرية وحتى الإقليمية. وأوضح أن التحدي الرئيسي الذي يواجه البعثة الأممية والمجتمع الدولي يكمن في كيفية دفع الأطراف المتدخلة إقليمياً ودولياً نحو الاستقرار، مشيراً إلى أن قراراً نهائياً بشأن مستقبل ليبيا لم يُتخذ بعد، في ظل النزاع القائم بين قوى إقليمية مثل مصر وتركيا والاتحاد الأوروبي، والتنافس الدولي بين روسيا والولايات المتحدة.
من جهته، اعتبر السياسي الليبي ورئيس مجموعة “منحى الأزمة الليبية” سعد سلامة، أن التعيينات الأخيرة، ولا سيما إسناد مواقع بارزة إلى أبناء شخصيات نافذة في الشرق، تمثل استمراراً للنفوذ العائلي داخل المؤسسة العسكرية، في سياق مراقبة دقيقة من القوى الإقليمية لتطورات القيادة وحركة المجموعات المسلحة في غرب وجنوب ليبيا، بما يشير إلى ضغوط متزايدة للتحكم في القرار المحلي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس