بين الصراع الروسي الأميركي والصراع الفرنسي الإيطالي حول سباق الوجود في ليبيا يعيش الاتحاد الأوروبي من الجهة المُقابلة حالة صراع خاص بين دوله وانقسام سياسته الخارجية بعد أن بات التوتر في ليبيا يشكل خط الصدع الجديد في الشرق الأوسط وتعارض مصالح الدول المتورطة بالحرب بالوكالة في ليبيا .
ورأى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في تحليل له أن تركيا أشعلت مشهد الأزمة الليبية باتفاقيتها مع حكومة الوفاق حول الحدود البحرية التي تهدد عدوّيها التاريخيّين قبرص واليونان واتفاقية التعاون الأمني، إضافة إلى تصريحات الرئيس التركي عن نيته إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا.
وأوضح المجلس الأوروبي في تقريره أن تصريحات الرئيس التركي كانت رسالة للجهات الدولية الفاعلة والمتورطة في ليبيا وإعلان عن نوايا تركيا البقاء في ليبيا لفترة أطول من أزمتها، إضافة للمباحثات التركية الروسية المكثفة بين الرئيسيين والتي رأى المجلس أنها في حال انتهت بتفاهم بينهما فإنه لن يضعهما في مواجهة مباشرة في ليبيا لدعمها طرفين مختلفين إلا أنهما سيضعان أساساً لاتفاق أكثر شمولاً.
وحذر المجلس الأوروبي من أن التوافق بين أنقرة وموسكو سيزيد تهميش أوروبا من دول جوارها وحلفائها خاصة مع عدم قدرة الاتحاد على اتخاذ موقف حازم موحد لتضارب مصالح إيطاليا وفرنسا بشكل متزايد عندما بدأ التجهيز لمؤتمر برلين الذي تسعى الأمم المتحدة من خلاله لوضع النقاط على الحروف لإنهاء الحرب بالوكالة في ليبيا، ورأى المجلس أن المؤتمر سيشكل فرصة جديدة لأوروباً أيضاً لمعالجة العيوب في سياستها الخارجية.
ومن المرجح أن تكون أوروبا الموحدة هي الطريقة الوحيدة لإقناع فرنسا وإيطاليا بالكف عن محاولاتهما الفردية، وتركيا وروسيا عن نواياهم الخفية، وإجبار واشنطن على توضيح موقفها، لتحافظ أوروبا على ضغط كافي قد تمارسه على الأطراف في برلين لدعم محاولات الأمم المتحدة لإطلاق عملية سياسية تصل بليبيا للاستقرار وإلا فستفقد أوروبا نفوذها وسيطرتها من شواطئ ليبيا إلى شرق البحر المتوسط.