مريم ولد عبد العزيز لـ”أفريقيا برس”: النظام يسعى لتسييس محاكمة الرئيس السابق

31
مريم بنت عبد العزيز: النظام يسعى لتسييس محاكمة الرئيس السابق
مريم بنت عبد العزيز: النظام يسعى لتسييس محاكمة الرئيس السابق

أحمد إمبيريك

أفريقيا برس – موريتانيا. قالت مسؤولة المكتب السياسي في حزب جبهة التغيير الديمقراطي في موريتانيا، مريم عبد العزيز، إن “الظروف الصحية للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز سيئة وتستدعي تدخلاً سريعاً”. وأشارت، في حوار مع “أفريقيا برس”، إلى أن السلطات الموريتانية تتعمد إطالة أمد المحاكمة التي وصفتها بأنها سياسية ولا تخضع لمعايير المحاكمات العادلة.

وأكدت مريم أن النظام الحالي يسعى بجهود حثيثة إلى التوريث لشخصيات وصفتها بأنها من أسوأ الشخصيات في تاريخ الأنظمة الموريتانية.

تعد مريم عبد العزيز من أبرز الناشطين السياسيين في حزب جبهة التغيير، قيد الترخيص، والمحسوب على أنصار الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، الذي يُحاكم حالياً من قِبل النظام الموريتاني بتهم تتعلق بالفساد وغسيل الأموال.

ما هي الظروف الصحية للرئيس السابق؟ وهل تستدعي تدخلاً عاجلاً؟

يعاني الرئيس السابق من مرض مصحوب بحمى والتهابات، مما أدى إلى تدهور حالته الصحية بشكل ملحوظ خلال الأيام القليلة الماضية. نحمل السلطات الموريتانية المسؤولية عن صحة الرئيس وما قد يطرأ عليها من تدهور مستقبلي.

ورغم صبره وجلده خلال جلسات المحاكمة الطويلة، فقد ظهر الرئيس في محاكمته الأخيرة يعاني من ألم حقيقي وتعب وإرهاق شديدين، بالإضافة إلى ألم في ركبته، لدرجة أنه بالكاد استطاع الوقوف.

الوضع الصحي يتطلب تدخلاً عاجلاً من السلطات المعنية، وندعوها إلى السماح للرئيس بتلقي العلاج في الخارج مع ضمان عودته لاحقاً.

كان يُنظر إلى العلاقة بين الرجلين أنها وثيقة وتمتد إلى مستوى من الصداقة والعلاقات الاجتماعية، ثم جرت مياه كثيرة بعد ذلك. حدثينا عن البداية الفعلية للتوتر؟

البداية الفعلية للخلاف بين الرئيس محمد ولد عبد العزيز وولد الغزواني تحدث عنها الرئيس خلال محاكمته، لكنها كانت بسيطة وعادية جداً في بداياتها الأولى. ومع ذلك، عمدت أيادٍ في السلطة إلى تغذية هذا الخلاف، وهي نفس الجهات التي سعت وما زالت تسعى إلى تأزيم الأمور اليوم.

هؤلاء الذين لم يُتح لهم الرئيس ولد عبد العزيز فرصة لاستغلال أموال الشعب الموريتاني أو إطلاق يدهم للفساد ونهب المال العام، ومن بينهم شخصيات عسكرية ومدنية وساسة كبار، بالإضافة إلى رجال أعمال، على رأسهم “البارون” الذي كان حاضراً بقوة قبل فترة حكم الرئيس ولد عبد العزيز.

“البارون” أُتيح له التدخل في الشأن العام وإدارة مؤسسات الدولة، مثل شركة الإيراد والتصدير “سونمكس” وغيرها من المؤسسات التي تعود ملكيتها للشعب الموريتاني. هؤلاء استغلوا الخلاف الحاصل، ونفخوا فيه إلى أن وصل إلى هذا الحال الذي تشاهدونه اليوم.

تتهمون النظام بتسييس المحاكمة وإطالة أمدها؟

لا شك أن المحاكمة سياسية بالدرجة الأولى، والهدف منها الإساءة لشخص الرئيس محمد ولد عبد العزيز والانتقام منه لصالح نافذين في النظام الحالي. القضية لا علاقة لها بالقانون أو الفساد، والفترة الزمنية الطويلة التي استغرقتها المحاكمة دليل واضح على ذلك.

كما أن انتقام النظام من بعض القضاة المعنيين بمحاكمة الرئيس، بسبب أن أحكامهم لا تلامس هوى في نفوس المعنيين، يؤكد أن المسار الذي تسير فيه المحاكمة غير جاد. هذه بوادر واضحة على أن الهدف الأساسي هو لي الأذرع، الانتقام، وتصفية الحسابات السياسية.

القضاء الموريتاني يتهم ولد عبد العزيز بالثراء غير المشروع وغسيل الأموال. هل ترون وجاهة لهذه التهمة؟

الثراء غير المشروع يُطرح كإشكال في كل بلد لأي موظف حكومي، وهو مطروح بقوة في موريتانيا كبلد يعاني من الفساد. ومع ذلك، اتهام الرئيس ولد عبد العزيز بالثراء غير المشروع يبدو محاولة لتقوية حجج واهية تم تجميعها لإضعاف موقفه والبحث عن طريقة للإيقاع به وإحراجه أمام الشعب الموريتاني.

التهم تحتاج إلى أدلة واضحة وصريحة، وهو ما لم يُثبت حتى الآن. تهمة كهذه لا يمكن أن تكون مبنية على أسس ضعيفة. صحيح أن أي شخص قد يواجه اتهامات من هذا النوع، لكن ذلك يتطلب أدلة دامغة، وهو أمر لم يحدث.

أما المادة 93، التي تحمي الرئيس من المساءلة إلا في حالة الخيانة العظمى، فقد دفعت النظام إلى تجميع أكبر قدر ممكن من التهم لدعم موقفه.

المشكلة الحقيقية ليست في محاكمة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، بل في كيفية تهرب أطراف النظام الحالي بعد انتهاء مأموريتهم التي شارفت على النهاية. الأزمة ستواجه النظام الحالي، الذي ما زال محاطاً بالمفسدين، فيما يعاني الواقع الموريتاني من تدهور كبير، حيث تتدنى الأوضاع المعيشية للمواطن بشكل لافت. السؤال الحقيقي هو: كيف سيكون مهرب النظام من هذا الواقع المتردي؟

هل تتهمون شخصيات في النظام الحالي بالسعي للتوريث؟ ومن هي؟

هناك صراع حقيقي داخل النظام، وتمثلاته واضحة للعيان، حيث إن محاولات التوريث بلغت ذروتها في ظل مأمورية لم تنتهِ بعد. يبدو أن المجموعة المحيطة بالرئيس تسعى للتخلص منه في أقرب وقت، وهو أمر يثير التساؤل حول البحث عن بدائل أكثر سوءًا لتقرير مصير الشعب الموريتاني.

البديل الذي يُروّج له اليوم ليرث نظام ولد الغزواني هو وزير الداخلية الحالي محمد أحمد ولد احويرثي، الذي يُعتبر أسوأ من شغل هذا المنصب. في فترته، شهدت موريتانيا تضييقًا على الحريات العامة، والزج بالشباب في السجون، وسن قانون الرموز السيئ السمعة، فضلًا عن التضييق على الأحزاب، وانتهاك شرعية الدستور، والانقلاب على مقتضياته.

إلى جانب ولد احويرثي، هناك شخصيات أخرى تسعى للتوريث، منها وزير العدل محمد محمود ولد بيه، والرئيس السابق لحزب الإنصاف ولد الطالب أعمر، والوزير السابق محمد فال ولد بلاّل، والحسن ولد عوان، والخليل ولد الطيب، بالإضافة إلى مجموعة من الناصريين وقدامى الكادحين وجماعة “تياب” الإصلاحيين الوسطيين الذين انضموا للنظام الحالي عام 2019.

هؤلاء ينظمون صفوفهم حاليًا، ويجتمعون بالقبائل، ويعملون على التنسيق لتحقيق هذا الهدف. وما يُروّج له من أن موريتانيا في خطر لا معنى له، لأنهم المسؤولون عن خلق هذا الخطر، بما في ذلك تعريض الوحدة الوطنية للخطر وقتل الشباب الموريتاني في كيهيدي خلال الانتخابات الماضية. بل وصل فساد النافذين في النظام الحالي إلى حد بيع لقاء الرئيس بمبالغ مالية يدفعها الراغبون في الاجتماع بولد الغزواني!

هل حضر حزب جبهة التغيير لقاء وزير الداخلية الأخير مع المعارضة؟

حزبنا مُنع من الترخيص، وخلال تواصلنا مع القادة المعارضين الذين تقدموا بطلبات لترخيص أحزابهم، سألناهم عمّا إذا تم استدعاؤهم ضمن السياسيين الذين شملهم اجتماع وزير الداخلية. كانت إجابتهم أن الوزير لم يشملهم في دعوته، على الرغم من أنهم رؤساء أحزاب وناشطون سياسيون كبار.

لا أدري كيف تتم دعوة أحزاب معارضة، بينما يتم استثناء هؤلاء الذين يمثلون المعارضة الحقيقية. لم توجه أي دعوة لأحد منا، ولا حتى الإشارة إلينا، بينما تمت دعوة أحزاب من الموالاة لا علاقة لها بالمعارضة.

طعنتم في الانتخابات الماضية واتهمتم بعض الأطراف السياسية بأنها محسوبة على رجل أعمال موريتاني، ما صحة ذلك؟

في الانتخابات الأخيرة، مُنعت شخصيات من المشاركة بشروط مجحفة، وسعت السلطات إلى فرض النظام الحالي وتأزيم العملية الانتخابية. كما استغل رجال أعمال معروفون المال للتأثير على الرأي العام، وقطعت الإنترنت، وتمت عسكرة الساحة الانتخابية.

هذه الأجواء كانت بعيدة كل البعد عن الديمقراطية، ولا يمكن أن تعبر عن الشفافية أو تتيح للمواطن حرية التصويت والتعبير عن خياراته. السلطات الموريتانية الحالية لم تقتصر على تزوير الانتخابات فقط، بل قامت أيضًا بتزوير الرأي العام، وتدجين الصحافة وقادة الرأي وصناع التأثير.

لقد ميّعت السلطات كل شيء، وأوصلت موريتانيا إلى مستوى غير مسبوق من الفساد. الصحافة، التي يُفترض أن تكون رقيبًا على المشهد السياسي، تم شراؤها وتحييدها عن دورها الحقيقي المتمثل في نصح الشعب، مواجهة مافيا الفساد، مكافحة التزوير، وفضح محاولات تغييب خيارات الشعب ومصالحه.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس