البرهان.. هل سيتخلى عن الحكم؟

21
البرهان.. هل سيتخلى عن الحكم؟
البرهان.. هل سيتخلى عن الحكم؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. في أكثر من مناسبة، أعلن قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة ، الفريق عبدالفتاح البرهان عدم رغبته في الحكم وعدم الترشح للإنتخابات القادمة ، وعلى الرغم من اعتبار ذلك عند بعض القوى السياسية بأنه محاولة لامتصاص الغضب الداخلي و الخارجي ، ترى بعض القوى السياسية ، إن البرهان زاهد في السلطة وإنه صادق في التنازل عنها ، ياتي ذلك في وقت قالت فيه مصادر البرهان إن البرهان قرر التنحي وتسليم السلطة لحكومة مدنية بكافة الصلاحيات، والبقاء على رأس مجلس الأمن والدفاع .. فهل سيترجل الجنرال من كابينة القيادة؟

مقاهي سياسية

مجدي عبدالقيوم كنب، الأمين السياسي لحركة “حق” وقيادي في قوى الحرية والتغيير

وبدأ عضو المكتب السياسي لحركة “حق” مجدي عبدالقيوم كنب حديثه لموقع “أفريقيا برس” بسؤال مفاده : في اي سياق يتنحى البرهان مثلا ؟ قبل أن يجيب قائلا : مغادرة المشهد السياسى فيما أرى في هذا الظرف وأعنى الانتقال كمرحلة ذات خصوصية لن يكون طوعيا الا حال تم التوصل لاتفاق يتضمن هذا التنحي أو أن تصل الثورة في أعلى مراحلها الى الاطاحة بالانقلاب ورموزه وهزيمته، ويضيف ، عدا ذلك أعتقد أن هذه محض حكاوي و مقاهي سياسية لا صلة لها بالسياسة وربما ما يرد من تسريبات في هذا الصدد جزء من مناورات أو تكتيكات يقصد بها التغطية على سيناريو بجرى الاعداد له في الخفاء. ويقول كنب: لم نقرأ في التاريخ البشري ان جنرالا استولى على السلطة بانقلاب خلف وراءه عشرات الشهداء ثم قرر بغتة مغادرة مسرح الجرائم الناجمة عن الانقلاب طوعا فالامر أكثر تعقيدا من هذا التناول المبسط.

شروط التنحي

عبدالقادر محمود صالح، باحث سياسي

لكن الباحث السياسي عبدالقادر محمود صالح يقول لموقع “أفريقيا برس” إن الفريق البرهان سيتنحى عن رئاسة المجلس الانتقالي حال التوصل إلى تسوية مرضية مع قوى التسوية وتخليه عن رئاسة المجلس الانتقالي خلال الأيام المقبلة ، مستدركا ، لكن بشرط ان يتم قبول بقائه قائدا أعلى للقوات المسلحة مع وجود ضمانات بعدم الملاحقة القضائية، وأعتقد أن التسوية تضمن للمكون العسكري هذه الضمانة والحصانة ، ويرى صالح أن تبعات تخلي العسكر عن السلطة الأمنية ستربك المشهد بشكل كبير ، متوقعا أن يحتدام الصراع بين قوى الهبوط الناعم وقوى التغيير الجذري، مشيرا إلى أن انسحاب الجيش وقياداته في هذا الظرف الحرج سيبقي البلاد في دوامة الصراع السياسي والذي في نظر محمود لن يفضي إلى استقرار سياسي مستدام. وأضاف أن الفريق البرهان قرأ الشارع جيدا وأدرك تماما بأن القوى التي تسعى ليل نهار وراء التسوية هي قوى نخبوية لا سند لها في الشارع بل الشارع لفظها كما حدث مع النظام البائد، وأردف ، صحيح هنالك ضغوط دولية بقبول التسوية لكن لا تنسجم هذه الضغوط وضغوط الشارع المتزايدة على التسوية والسلطة الانقلابية الراهنة. و يرى صالح أن تصريحات البرهان التي أطلقها في الهواء الساخن والتي لها صلة بشكل أو آخر بتنحيه عن السلطة السيادية تخفي نوايا المؤسسة العسكرية بإتجاه ترتيبات جديدة أو ربما انقلاب جديد خاصة وأن السيد البرهان قد أشار إلى إمكانية القفز على الأزمة وتشكيل حكومة في أسرع وقت. ويقول صالح: بتنحي البرهان عن السلطة المدنية يكون البرهان قد أعاد الكورة إلى ملعب المدنيين بهدف تحميل المدنيين فشل الدولة والعودة مجددا إلى الملعب السياسي بترتيبات جديدة..

اعادة ترتيب

صالح في حديثه لموقع “أفريقيا برس” قال إن القوات المسلحة لن تسمح لقوى التسوية الخوض في مسألة هيكلة وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، حيث تعتبر إن هذا الأمر تفكيك واعادة تركيب للمنظومة الأمنية وفق هوى الكتل السياسية المتصارعة، ويرى صالح أن خطاب البرهان الأخير يمكن كذلك فهمه في إطار المناورة السياسية لجني المزيد من المكاسب للمكون العسكري في أي عملية سياسية قادمة وخاصة أن قوى الكفاح المسلح طرحت تعديلات دستورية يمكن أن تؤدي إلى فض الشراكة مع المكون العسكري والانضمام إلى الشارع بعد أن كانوا يمثلون الداعميين بقوة للاجراءات التصحيحية الانقلابية.

تنحي البرهان ومسودة التعديلات الدستورية وضغوط الشارع المتزايدة برفض التسوية بالإضافة إلى تهديد الإسلاميين للبرهان، كلها في نظر صالح تعتبر طبيعية في سياق الفعل السياسي في خضم الصراع السياسي الراهن، حيث يقول صالح أصبح الكل ضد الكل والشارع يتمدد ثوريا لإسقاطهم جميعهم في حال التوصل بشكل سريع إلى تسوية ثنائية وتسلطية تقود إلى فترة ديكتاتورية جديدة.

زهد البرهان

الشاهد إنه ومنذ ان أعلن الفريق أول عبدالفتاح البرهان عن رغبته وكل المكون العسكري في الانسحاب من الحوار ومن السلطة التنفيذية كاملة للمدنيين ، ظل اكثر سؤال يشغل المراقبين السياسيين هو ما مدي جدية البرهان في ادعائه انه زاهد في السلطه ؟ وهنا يقول مراقبون ، إن البرهان يملك جدية في التخلي عن الحكم ، مؤكدين إنه فقط ينتظر توافق القوي السياسيه السودانية كافة عدا المؤتمر الوطني علي تشكيل حكومة انتقالية مدنية

تفضي إلى انتخابات نزيهة وشفافة تمهد الطريق الى حكومة منتخبة ، ويضيف المراقبون ، إن البرهان موقن باستحالة تحقيق التوافق السياسي بين الاحزاب السياسيه السودانية وانه بذلك يكشف للقوى الدولية بان تلك القوى السياسيه السودانية غير مؤهلة لتحمل اعباء الحكم طالما انها غير قادرة على التوافق مع بعضها البعض ، لذلك يكون هذا مبررا كافيا لبقائه في السلطة ، واستدرك المراقبون، ولكن مبادرة البرهان بالتفاوض السري مع قحت المجلس المركزي حول كيفية تسليم السلطة التنفيذية كاملة للمدنيين يؤكد هذه المرة انه فعلا جاد او علي الاقل يبدو انه كذلك .

ويرى آخرون ، إن مشكلة البرهان هي ان كل التحالفات السياسية السودانية المختلفة تطلب منه اتخاذ خطوات تتفق مع رؤيتها هي اي تطلب منه الانحياز لها ضد بقية القوي السياسيه ، ويستدل المراقبون بأن التيارات الإسلامية تريد من البرهان الابتعاد عن قحت المجلس المركزي وعدم اعادتها للحكم مرة أخرى بينما تريد قحت اعادة الشراكة الثنائية مع العسكر ما امكن ذلك ويريد التحالف الجذري ابعاد العسكر عن كل الكتل السياسية ليسهل الاستفراد بهم بينما لا ترغب قوي اتفاقية جوبا للسلام غير المحافظة على مكتسباتها من الاتفاقية ولهذا يرون ان بقاء البرهان في سدة الحكم ضمان حقيقي للاتفاقية.

ووفقا للمعطيات أعلاه يقول المراقبون إن البرهان يستخدم الايحاءات بقرب تكوين حكومة لتهديد هؤلاء واولئك بمعنى إن كل ما يصدر عن أقوال منسوبة لمقربين للبرهان هي بمثابة بالونات اختبار وتهديدات كلامية معظمها غير قابلة للتنفيذ لجهة أن قرار العسكر بالانسحاب من السلطة التنفيذية ليس مجرد قرار عابر بل هو سياسة رسمية تم اقرارها في مؤتمر رسمي للجيش تحت رعاية رئيس الاركان المشتركة للقوات المسلحة قبل ستة أشهر بحسبانه السبيل الامثل لحفظ وحدة القوات المسلحة .

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here