بعد التصعيد المتبادل .. ما مصير العلاقات السودانية الإماراتية؟

68
بعد التصعيد المتبادل .. ما مصير العلاقات السودانية الإماراتية؟
بعد التصعيد المتبادل .. ما مصير العلاقات السودانية الإماراتية؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. مازالت ارتدادات مداخلة مندوب السودان لدى الأمم المتحدة مستمرة في السودان، وُصفت بالقوية وأظهرت في مضمونها التدخل الإماراتي في حرب السودان بصورة واضحة.

وكانت جلسة مجلس الأمن التي التأمت في نيويورك الاسبوع الماضي شهدت سجالا حادا بين مندوبي السودان والإمارات لدى الأمم المتحدة، وتبادلا الاتهامات حيال المسؤولية عن تأجيج الصراع في هذا البلد الذي مزقته الحرب.

وجدد مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس خلال حديثه في الاجتماع، اتهامه لدولة الإمارات بدعم “مليشيات الدعم السريع”، قائلا إن حكومة بلاده تملك أدلة على ذلك.

بعدها طلب مندوب الإمارات لدى الأمم المتحدة محمد أبو شهاب مداخلة وصف خلالها اتهامات المندوب السوداني بأنها “سخيفة”. وقال إن السفير السوداني “يمثل القوات المسلحة السودانية وهي أحد أطراف الصراع في السودان”. ووأوضح أن بلاده ظلت تقدم الدعم للعمليات الإنسانية في السودان.

وأضاف “ممثل القوات المسلحة السودانية يجب أن يُسأل لماذا لا يأتي إلى محادثات جدة إذا كان يسعى إلى وقف النزاع ومعاناة المدنيين؟ ولماذا يعيقون تدفق المساعدات؟ ما الذي تنتظرونه؟ يجب عليك أن تتوقف عن استغلال منبر دولي مثل مجلس الأمن للمزايدات وبدلا من ذلك أوقف النزاع الذي بدأته”.

وعلى الفور طلب ممثل السودان مداخلة رد فيها على المندوب الاماراتي قائلا: “من يريد صنع السلام في السودان عليه أن يأتي بقلب سليم”.

وشدد على أن دولة الإمارات هي التي ترعى الإرهاب المنمذج والعرقي في السودان وأثبت ذلك تقرير لجنة الخبراء منذ ديسمبر 2023.

وتابع مخاطبا أعضاء مجلس الأمن ”حشدنا لكم كل البيانات والدلائل والصور ورفعناها إلى مجلسكم الموقر لكي تناقش، لكن دولة الإمارات بفعلها وشرها عرقلت الاجتماع بصيغته المطلوبة حتى يتخذ مجلسكم، كما قلت لكم، مشي مسافة الميل المتبقي، وهو إدانة دولة الإمارات في عدوانها. إن دولة الإمارات مدانة والمدان لا يكون شريكا في السلام”.

بعد ذلك طلب مندوب الإمارات مرة أخرى مداخلة قال فيها “نرى أن هذا يمثل انتهاكا معيبا من أحد الأطراف المتحاربة في السودان لهذا المجلس. استغلال هذا المنبر لنشر اتهامات زائفة ضد الإمارات العربية المتحدة لتشتيت الانتباه عن الانتهاكات الخطيرة التي تحدث على الأرض، لن يكون هناك نصر أو تسوية عسكرية للنزاع في السودان وإن طاولة المفاوضات هي السبيل الوحيد للتسوية”.

ولعل التصعيد الدبلوماسي بين الإمارات والسودان فتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول مدى تأثر التصعيد على العلاقات بين البلدين، وهل ستتخذ الحكومة السودانية موقفا واضحا إزاء دولة الإمارات، أم سيحدث رأب صدع بين الدولتين؟.

تمادي الامارات

يقول خبير العلاقات الدولية الفاتح محجوب لموقع “أفريقيا برس” إن “العلاقات السودانية الاماراتية متوترة بسبب تورط الإمارات في تقديم السلاح والمال والمرتزقة لقوات الدعم السريع وتسخير علاقاتها الواسعة عالميا لمنع الدول المصدرة للسلاح من التعامل مع السودان”.

ونبه الفاتح إلى “أن الامارات بذلت جهودا كبيرة لمنع قبيلة المساليت من عرض قضيتها أمام الكونغرس الأمريكي بعد تعرضها لأعمال إبادة جماعية في ولاية غرب دارفور”.

وأضاف “كذلك سعت الامارات لمنع السودان من الحصول على دعم الجامعة العربية والأمم المتحدة ضد تمرد الدعم السريع المدعوم بالمرتزقة القادمين من غرب وشمال أفريقيا، هو الأمر الذي جعل البرهان يحرص على تجنب الصدام مع الإمارات بل سعى للاستفادة من أي جهد عربي لإيقاف مساندة الإمارات لتمرد الدعم السريع”، مستدركا “ولكن تمادي الامارات العربية المتحدة هو ما أضطر السودان للجوء للأمم المتحدة وللمنابر الإعلامية لفضح الامارات التي ظلت دوما تنكر دعمها لتمرد الدعم السريع مع أن لجنة خبراء الامم المتحدة أثبتت في تقريرها قيام الإمارات بتقديم الدعم العسكري واللوجستي والمرتزقة لقوات الدعم السريع”.

ولا يستبعد الفاتح حدوث مصالحة سودانية إماراتية قبيل التوصل لاتفاق سلام ينهي الحرب في السودان أو بعده مباشرة.

وقال محجوب “إن الاتهامات السودانية للإمارات كما جاءت في خطاب مندوب السودان في الأمم المتحدة؛ غالبا تساعد الإمارات على مراجعة موقفها تجاه الحرب في السودان في ظل تورط الدعم السريع في ارتكاب جرائم حرب بعضها يرتقي للإبادة الجماعية، وبالتالي من يدعمها بالمرتزقة قد يجد نفسه تحت طائلة المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية وهي أمور لا ترغب فيها القيادة السياسية في الإمارات ولهذا ظلت تنكر تماما أي صلة لها بمساندة الدعم السريع”.

خطاب عنيف

فيما وصف القيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق خطاب مندوب السودان بـ”العنيف”، وأضاف “أبسط ما يمكن أن يوصف به خطاب السفير الحارث أنه من الخطابات العنيفة التي لم تشهدها أروقة الأمم المتحدة في الوقت القريب”.

وتابع الصادق “كذلك يعد من الخطابات المتطرفة التي تغذيها عناصر التنظيم الإخواني في الخارجية ببارود الكلام وسموم الاستعداء للكل، وهو من الانفعالات المنحرفة التي تقود إلى عكس مقاصدها، والمنجرفة تأثرا بالدعاية الحربية للجنرالات، والتي بدورها ستؤدي إلى تدهور العلاقات الدبلوماسية ليس بين السودان والإمارات فحسب بل بينه وبين دول الخليج ومن ثم الجيران العرب، وربما منظمة التعاون الإسلامي، حيث قادت تلك التصريحات لزيادة التوتر ورفع مستويات عدم الثقة بين الدولتين، وهذا بدوره قد يؤدي إلى زيادة احتمال وقوع صراع أو نزاع سياسي اقتصادي أمني قادم أشد ضراوة، وهو ما سيعرض مصالح الشعوب للخطر ويؤثر سلباً على الاستقرار الإقليمي والعالمي وسيستثمره البعض في تغذية الاصطفافات الدولية الحالية”.

ويرى الصادق أن القيام بتحليل وفهم السلوك اللفظي واللفظ المؤد إلى العنف والتطرف أمر مهم للحفاظ على علاقات دولية صحية وبناءة.

ويقول الصادق “إن أردنا محاكمة الإمارات أو أي دولة تدخلت في الشأن السوداني وغذت أطراف الصراع فيه بالكلمة والمال والعتاد، علينا إيقاف الحرب فورا واستعادة مؤسسات الدولة والاعتراف الاقليمي والدولي والمطالبة بتحقيق دولي مستقل وشفاف وتقديم أدلتنا للمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية لمقاضاة تلك الدول والمنظمات التي غذت حرب السودان ومحاكمة الأشخاص الذين تسببوا في إشعالها، ما سوى ذلك ستكون خطابات حماسية وهياج غوغائي وذر للرماد في العيون”.

علاقات طبيعية

ويستبعد المحلل السياسي محمد عبدالجبار حدوث توتر في العلاقات السودانية الإماراتية، حيث يقول لموقع “أفريقيا برس”؛ “بالرغم من التصعيد الدبلوماسي السوداني المتكرر واللهجة الحادة تجاه الامارات إلا لأن ذلك لم يؤثر على العلاقات بين الطرفين”، موضحا إنه “حتى الآن لم يتم طرد السفير الإماراتي في السودان ولا السفير السوداني في الإمارات، وهو ما يعني أن العلاقات طبيعية ولا يشوبها توتر”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here