أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. أثار خطاب قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي مجد فيه السلاح وقال فيه إنه لا فرصة للتعبير عن الأدوات السلمية، استفهامات كثيرة حول ما إذا كان الرجل ينوي عسكرة الدولة والقضاء على الثورة.
وأعلن البرهان أنه “لا مجد بعد اليوم للساتك”، في إشارة إلى الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام عمر البشير في أبريل 2019، حيث اعتاد المتظاهرون خلال الحراك الذي اندلع في 2018 على حرق إطارات السيارات “الساتك” في الطرقات العامة لمنع قوات الأمن من الوصول إليهم وقمعهم. وقال البرهان إن المجد للبنادق فقط ولا مجد “للساتك”.
خطاب تعبوي
في الصدد، قال القيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق إن البرهان لا يتحدث عبثاً، ولا يلوّح بالبندقية كشعار، بل كبرنامج.
وبشأن حديث البرهان عن “العودة للبندقية” و”لا مجد للساتك”، قال الصادق إن هذا الحديث مجرد خطاب تعبوي فارغ، بل هو إكمال مباشر لسلسلة الفرمانات التي بدأت بانقلاب 25 أكتوبر 2021م، وبلغت ذروتها في الحرب التي أشعل فتيلها في 15 أبريل 2023م.
وتابع، ما قاله البرهان هو الترجمة المكشوفة لما ظل يُنفذ بهدوء وهو عسكرة كاملة للدولة، وتحويل السلطة إلى ثكنة، والوطن إلى ميدان رماية.
وبحسب الصادق، فإن خطاب البرهان يُقرأ بوضوح في ظل زيارته الأخيرة للقاهرة، وهو يحمل رسالتين مزدوجتين: الأولى موجهة إلى النظام المصري، يُعلن فيها إنكاره لأي وجود فعلي للإسلاميين في قلب السلطة، كضمان لطمأنة الإقليم بأن مشروع الدولة لن يخرج عن قبضة العسكر. والرسالة الثانية، يقول الصادق، موجهة للإسلاميين أنفسهم، ويوكد فيها أنه ماضٍ في سحق الثورة ورموزها وهتافاتها، تمامًا كما يريدون، وبذات أدواتهم، وبما يحقق لهم ما فشلوا فيه بأنفسهم حين أسقطهم الشعب.
ويرى الصادق في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أن البرهان لم يعد يُخفي شيئًا، إذ يقول: أصبح جليًا أن بقاؤه في السلطة هو هدفه الأوحد، وأن مشروعه الوحيد هو التمكين المعكوس بمعنى تسليم الدولة لجيل جديد من الإخوان، بواجهة عسكرية، وتحت دخان الحرب.
وتابع: ما يجري الآن من تعيين للولاة العسكريين، ومن عسكرة لحكومات الولايات، ليس ترتيبًا مؤقتًا فرضته ظروف المعركة، بل خطوات محسوبة في خطة تحويل الدولة إلى إدارة عسكرية شاملة، تعمل بقرارات الضباط، وتُنفّذ سياسات الجنرالات، ويُقصى منها المدنيون إلا من ارتضى أن يكون ديكورًا في متحف السلطة.
ما وراء خطاب البرهان؟
القيادي بحزب المؤتمر السوداني نور الدين بابكر، يقرأ خطاب البرهان من عدة زوايا، إذ قال لموقع “أفريقيا برس” إن خطاب البرهان يكشف أن حقيقة الحرب ليست حربًا من أجل الوطن، ولا من أجل الكرامة، بل من أجل السلطة.
وأضاف: البرهان لا يخشى البندقية، فهي أداته ولعبته التي يزهق بها أرواح السودانيين والسودانيات، واستدرك، لكنه يخشى صوت الجماهير، ويخشى ثورة ديسمبر المجيدة وشعاراتها التي أرعبت الطغاة. ولذلك، بحسب صلاح، فإن البرهان يريد أن يدفن أدوات المقاومة السلمية. وخاطب نور الدين البرهان قائلاً: “الساتك ستعود، والهتاف سيعود والمجد للثوار، لا للطغاة.”
رسائل البرهان
ويرى المحلل السياسي عبد الباقي عبد المنعم في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أن البرهان من هذا الخطاب يريد أن يرسل عدة رسائل للقوى المدنية. وبحسب عبد الباقي فإنه يريد أن يقول للمدنيين: “أنا سأحكم بقبضة السلاح وأن الشعب يقف خلفي ولا عودة لكم للسلطة مجددًا.”
وقال عبد الباقي إن حديث البرهان يوضح أن هذه الحرب ليست حرب “هيبة دولة” كما كذب، مؤكدًا أن الحرب الهدف منها هو اجتثاث الثورة وكل أدواتها السلمية.
ويرى عبد الباقي أن الثورة بمثابة كابوس للبرهان ويريد سد طريقها عبر هذا الخطاب، مستدركًا، ولكن البرهان سيفشل في ذلك وستعود الثورة أقوى وتعود الشوارع والهتافات.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس