الإعلان السياسي.. هل سيشعل الصراع داخل التحالف الحاكم؟

20

بقلم : أحمد جبارة

أفريقيا برسالسودان. أثار الإعلان السياسي الذي وقعته عدد من مكونات قوى الحرية والتغيير جدلا واسعاً في الأوساط السياسية والأسافير، ففي الوقت الذي اعتبره البعض إقصاءً لمجموعة داخل الحاضنة السياسية و” تكويش” على السلطة، رأى البعض الآخر أن الإعلان السياسي سيحدث بعض التغييرات والاصلاحات داخل التحالف الحاكم، وبين هذا وذاك  وجهت قوى الحرية والتغيير “اللجنة الفنية” و- التي لم توقع على الاعلان – هجوماً عنيفاً ضد الموقعين على الإعلان السياسي، إذ حذرت من الإعلان معتبرة أنه سيزيد الوضع السياسي تعقيداً واحتقاناً ، ورأت أنه يؤسس لانقسام كامل لقوى الحرية والتغيير، وجددت تمسكها بوحدة “قحت” ودعم الحكومة الانتقالية وانجاح برامجها المتفق عليها في الإعلان السياسي لقوى الحرية والتغيير 2019م.

حفل الإعلان

الأربعاء الماضي، وقعت مجموعة من قوى الحرية والتغيير مكونة من أحزاب سياسية وحركات مسلحة، إعلانا سياسياً في العاصمة الخرطوم يتضمن إنشاء هيكل تنظيمي لتوحيد قوى الثورة والوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة.

جاء ذلك خلال حفل أقيم تحت عنوان “الإعلان السياسي لوحدة قوى الحرية والتغيير وقضايا الانتقال وبناء دولة المواطنة المدينة الديمقراطية”، وشارك في الحفل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ورئيس الجبهة الثورية، عضو مجلس السيادة الهادي إدريس، وقادة أحزاب سياسية وحركات مسلحة، ووقعت الإعلان السياسي قوى سياسية، أبرزها أحزاب “الأمة القومي” و”المؤتمر السوداني” و”البعث العربي الاستراكي” و”التحالف السوداني” و”التجمع الاتحادي” و”الحركة الاتحادية” و”تجمع المهنيين” وممثلين من منظمات مجتمع مدني، ومن الحركات المسلحة وقعت فصائل الجبهة الثورية، باستثناء حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، “وزير المالية” وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور.

محاور الاعلان

وأكد الإعلان السياسي على وحدة “قوى إعلان الحرية والتغيير” في دعم الانتقال وبناء دولة المواطنة، وأضاف أنه يمثل تطويرا لما أنجزته قوى الثورة في إعلان الحرية والتغيير، في يناير 2019، واتفاق جوبا للسلام والوثيقة الدستورية.

وكشف الإعلان السياسي عن إنشاء هيكل تنظيمي لتوحيد قوى الثورة، يشمل المؤتمر العام والهيئة العامة والمجلس المركزي، والمكتب التنفيذي الذي يباشر العمل اليومي، إضافة إلى لجان متخصصة تدعمه، كما دعا الإعلان السياسي، للتوصل إلى انتخابات حرة ونزيهة، والوصول مع المكون العسكري إلى تحول مدني كامل، وطالب بعدم إقحام القوات النظامية في الصراعات السياسية، وأن تلتزم بحياديتها ومهنيتها، وشدد الموقعون على ضرورة تسليم المطلوبين في جرائم الحرب بدارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية.

ماذا قال حمدوك بشأن الاعلان؟

حمدوك: ندعم القوات الأمنية بكل ما نملك لمكافحة الإرهاب

وصف رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك توقيع إعلان القوى الموقعه، بأنه خطوة جريئة في الاتجاه الصحيح، ونوه الى أن الثورة التي حققت أعظم الانجازات وقال: “عندما توحدنا حققنا أعظم انجازات شعبنا في أكتوبر وأبريل وديسمبر”، وأشار إلى أن المبادرة الوطنية للطريق نحو الأمام عملت على توحيد قوى الشعب الحية.

وانتقد حمدوك غياب من وصفهم بالرفاق وقال في كلمته التي ألقاها في احتفال التوقيع على الاعلان: “لكن ألاحظ غياب بعض الوجوه من الكفاح المسلح والمهنيين وبعض السياسيين، تحديدا وزير المالية جبريل إبراهيم وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوى”، وأردف: “هؤلاء رفاق في هذه الرحلة ويجب أن يرتكز الجهد على تحقيق الوحدة”، واثنى حمدوك على أن الاعلان ركز على عدم اقصاء أي مكون من قوى الثورة، واعتبر أن وحدتها ترياق وصمام أمان لتحقيق الانتقال الديمقراطي، وقال: “تابعنا انبهار العالم بهذه الثورة العظيمة، والعالم يتحدث عن النموذج السوداني القائم على الشراكة بين المكون العسكري والمدني رغم التحديات يجب أن نصبر عليه”، وطالب القوى الموقعة على الإعلان بالعمل مع القوى غير الموقعة لاستكمال مهام الفترة الانتقالية وتابع قائلاً: “يجب أن نصبر على خلافاتنا من أجل الوطن والمواطن السوداني والسودان الآن يجلب الأمل ليس لمواطنيه فقط بل لكل الاقليم فمازلنا بعد عامين قادرين أن نحافظ على وحدة البلاد رغم الخلافات والخلاف من أجل الوطن كويس يساعدنا على تخطي كل هذه التحديات”.

ميلاد جديد

اللواء فضل الله برمة ناصر – رئيس حزب الأمة القومي والقيادي في قوى الحرية والتغيير

في السياق، اعتبر رئيس حزب الأمة القومي وممثل قوى الحرية والتغيير فضل الله برمة ناصر أن التوقيع على الإعلان “ميلاد جديد”، معتبراً أنه سيقطع طريق القوى المضادة التي تكثف نشاطها بحملات تهدف لشق صف الثورة من خلال إشاعة روح الإحباط واليأس بين الناس، وأضاف: “سنكمل السلام بطريقة عادلة وشاملة، وتعهد بتفكيك نظام الثلاثين من يونيو، التفكيك مهمة مقدسة ولا تراجع عنه ولا مساومة حوله وسنعمل على استكمال التفكيك بعد استيفاء كل متطلبات العمل لإنجازه بالوسائل القانونية”

وأكد برمة التزامهم بتوسيع قاعدة المشاركة الداعمة للوفاق الوطني، كاشفاً عن اتصالات تمت برئيس مجلس السيادة الفريق ركن عبد الفتاح البرهان للمشاركة في الاحتفال والتوقيع على الإعلان” واستدرك قائلاً: “اعتذر لأسباب جوهرية وقبلنا عذره ووجهنا بأهمية وحدة الصف الوطني والتماسك وعدم الالتفات للصغائر وتجاوز كل السلبيات لأجل وضع الوطن في حدقات العيون”.

وأشار رئيس حزب الأمة القومي إلى أن الإعلان أبلغ تعبير لوحدة قوى الثورة لتجاوز التحديات في حسم قضايا الانتقال العالقة التي من بينها المجلس التشريعي، ووضع الإصلاح الأمني والعسكري كأولوية قصوى لما يحيط بالبلاد من ظروف وتهديدات.

إعلان ناقص

ساطع الحاج، خبير قانوني ورئيس الحزب الناصري -العدالة الاجتماعية

رئيس الحزب الناصري -العدالة الاجتماعية-  ساطع الحاج  وأحد الذين وقعوا على الإعلان، وصف التوقيع على الإعلان السياسي لقوى الحرية والتغيير؛ بـ”المنقوص”، موضحاً خلال حوار مع “أفريقيا برس”؛ أنه يفقتد لقوى أساسية تحمل أهداف الثورة، معتبراً  أن الهدف من الإعلان السياسي خلق كتلة تاريخية بقيادة قوى الحرية والتغيير تعبر بالفترة الانتقالية وتخرج البلاد من مشاكلها، متسائلاً: “هل الاعلان أستطاع توحيد كتلة تاريخية قوية؟” قبل أن يجيب بالقول:  “يمكن خلق كتلة تاريخية من قوى التغيير تستطيع تحقيق شعارات الفترة الإنتقالية”، واردف: “هنالك قوى تحمل أهداف التغيير لم تكن جزءً من الإعلان وبالرغم من ذلك الباب مفتوح أمامها لتصبح ضمن قوى الاعلان”، وشدد الحاج على ضرورة عقد مؤتمر جامع بين كل أطراف الحرية والتغيير لمناقشة هياكلها وتحقيق أهدافها والتي- بحسب ساطع تغيرت بعد سقوط النظام السابق .

اعلان قاصي

معتصم أحمد صالح – قيادي في الجبهة الثورية

الناطق الرسمي لحركة العدل والمساواة معتصم أحمد صالح، وفي حوار مع “أفريقيا برس” شن هجوما عنيفا ضد الموقعين على الإعلان السياسي، إذ اعتبره إقصاءً لمكونات قوى الحرية والتغيير التي تؤمن بالتغيير وأهداف الثورة، جازما بأن ذات الاعلان لن ينجح لأن هنالك تيارات عريضة تملك الفاعلية في المشهد السياسي لم تكن جزءً من الإعلان، مشيراً إنه لم يتم مشاورة الحركة في الإعلان السياسي، واصفا الأمر بالمؤسف، ودعا صالح قوى الثورة الحقيقية للتوحد ومعالجة مشاكلها حتى تنجز مهام الفترة الانتقالية، وأكد أنهم سيسعون إلى توسيع الماعون السياسي حتى يشمل قوى الثورة الحية ومن ثم تحقيق شعارات ثورة ديسمبر.

إعلان مهم

مجدي عبد القيوم القيادي فی حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق)

لكن القيادي بحركة “حق” -جزء من الاعلان- مجدي عبدرالقيوم “كنب” اعتبر في حوار مع “أفريقيا برس”أن الإعلان حدث مهم ونقلة نوعية في طريقة عمل قوى الحرية والتغيير، وأضاف، كذلك من ناحية سياسية ومن ناحية تنظيمية يشكل تطوراً في الهيكل التنظيمي لقوى الحرية والتغيير في اتجاه عمل اكثر مؤسساتي على اعتبار أنه وسّع من قاعدة المشاركة واشتمل على اربعة مستويات إدارية وأضاف قائلاً: “صحيح أن بعض القوى تحفظت على الإعلان من خلال قدحها في آلية اتخاذ القرار، وفي تقديري هذا شيء طبيعء في عمل التحالفات، فالعبرة بالموقف مما تضمنه الاعلان من قضايا  وهذا لا خلاف حوله”.

إعلان مفصل

وفي رده على سؤال “أفريقيا برس”  حول الجديد في نصوص الإعلان مقارنة بالإعلان القديم لقوى التغيير؟ قال كنب: “الاعلان السابق كان مختصرا او بالأحرى جاء كعموميات كأطار عام وهو أمر مفهوم في ذلك المناخ، اما الإعلان الجديد فقد جاء مفصلا وغطى كثيراً من القضايا التي لم يذكرها الإعلان القديم”، مستدلا، بإشارة الإعلان إلى كتلتي لجان المقاومة والشباب كفصائل ثورية مهمة في انجاز المطلوبات والتحول الديمقراطي، وهو الأمر الذي قاله عنه كنب أنه لم يرد ذكره في الإعلان القديم، مضيفا: “كذلك أشار الإعلان الجديد إلى إمكانية تحول هذه القوى إلى تحالف انتخابي عريض يخوض الانتخابات”، مؤكدا في حال تحقق فإنه يمثل حدثا تاريخيا.

وحول سؤال آخر، حول مدى تنفيذ نصوص الاعلان؟ قال كنب: “تنفيذ نصوص الإعلان يتوقف على توافر الإرادة السياسية للقوى الموقعة عليه، الى جانب الحكومة كذلك .. صحيح ان التحديات جمة والأوضاع في غاية التعقيد، لكنني اعتقد ان ما تم الإعلان عنه سيتم تنفيذه”.

رفض الاعلان

البشرى الصائم قيادي بالادارة الاهلية في السودان

فيما أعلن القيادي بقوى الحرية والتغيير “المجموعة التي لم توقع على الإعلان” البشرى الصائم عن رفضهم للإعلان السياسي الذي وقعت عليه عدد من مكونات قوى الحرية والتغيير، وانتقد حضور رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك للاحتفال بتوقيع الاعلان، واعتبر أن ذلك يعني انحيازه لمجموعة دون الأخرى.

وقال الصائم في تصريح لصحيفة “الجريدة” السودانية: “التوقيع على الإعلان السياسي فيه تكريس للانقسام بالرغم من أننا سعينا سعياً حثيثاً ألا يحدث انقسام داخل قوى الحرية والتغيير لكن كل محاولاتنا باءت بالفشل”، مشيراً الى أن آخر محاولة قاموا بها كانت عبر طلب تقدموا به إلى رئيس الوزراء للقيام بدوره في رأب الصدع بين مكونات قوى الحرية والتغيير على اعتبار أنها أحد المحاور الرئيسية في مبادرة حمدوك”، واعتبر الصائم مشاركة حمدوك في احتفال توقيع الاعلان السياسي لم تقف في مساحة واحدة من مكونات الحرية والتغيير، وأنها انحياز لمجموعة ضد الأخرى، لافتاً الى أن تداعيات ذلك لن تقف عند انقسام فحسب، بل سيصل الإنقسام الى داخل الجبهة الثورية، مدللاً على ذلك بمناشدة رئيس مجلس الوزراء رئيس حركة العدل والمساواة والقيادي بالجبهة الثورية جبريل إبراهيم وكذلك رئيس الجبهة الثورية مني أركو مناوي بالانضمام للإعلان السياسي.

وشدد الصائم: “ما حدث هو تكريس وتأكيد للانقسام في الجبهة الثورية وهذا ماظللنا نحذر منه قوى الحرية والتغيير ومجلس الوزراء”، ووصف احتفالية توقيع الإعلان بأنها أشبه بما كان يحدث في عهد الإنقاذ، ويشابه طريقة أحزاب ما سمي بالحوار الوطني، ورأى أن حمدوك اذا كان حريصاً على نجاح مبادرته في لم الشمل فلا بد أن يسعى أولاً إلى جمع الاطراف المكونة للحرية والتغيير والجبهة الثورية على اعتبار أنهم الداعمين لحكومته، وأضاف: “بخلاف ذلك فإنه يكرس للانقسام داخل الحكومة”

وجدد الصائم بالتأكيد على وحدة قوى الحرية والتغيير عبر قيام مؤتمر تأسيسي وليس مؤتمراً تداولياً كما يطرح الائتلاف الجديد، لافتاً إلى أن التوقيعات على الإعلان السياسي في البداية كانت للكتل، واستدرك قائلاً: لكن خروج جبريل فتح الباب لنفس طريقة الحوار الوطني.

ميلاد قوى الحرية والتغيير

وفي العام 2019 كان ميلاد قوى الحرية والتغيير التي ضمت أكبر تحالف عريض في السودان، وكان يهدف إلى إسقاط النظام السابق، وبعد إسقاطه تكون هنالك فترة إنتقالية لمدة ثلاث سنوات، كما خصص التحالف الأشهر الستة الأولى من الفترة الانتقالية لملف وقف الحرب والوصول للسلام العادل والشامل والدائم في كل أرجاء السودان، بجانب تشكيل مجلس وزراء مدني من الكفاءات الوطنية التي تمتاز بالخبرة المهنية والنزاهة، بحيث يكون بصلاحيات تنفيذية كاملة ويتم اختياره من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير، فضلاً عن تشكيل مجلس تشريعي مدني قومي انتقالي بعضوية 300 عضو، يتم اختيار ثلثيه من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير، ويتم تعيين الثلث من القوى الأخرى التي لم تكن جزءاً من النظام وبالتشاور بين قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس السيادي الانتقالي.

لكن ما يمكن ملاحظته بعد سقوط النظام السابق تغيير أهداف قوى الحرية والتغيير، حيث شهدت صراعات حول مركزية التحالف الحاكم مما أدى لخروج مكونات عريضة من قوى التغيير أبرزها تجمع المهنيين والحزب الشيوعي، كما أنه وبحسب مراقبين؛ فإن مكونات قوى الحرية والتغيير بعد اسقاطها للنظام السابق أنشغلت بالمحاصصات على السلطة، الامر الذي افقدها بريقيها وسطوتها.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here