بقلم : بدرالدين خلف الله
أفريقيا برس – السودان. أثار المقترح الإماراتي حول منطقة الفشقة الحدودية المتنازع عليها بين السودان وأثيوبيا جدلاً واسعاً فالمقترح القاضي باستثمار أراضي الفشقة الزراعية بين الدول الثلاث وجد أيضاً رفضاً داخل المكون السيادي السوداني، كما ترك انسحاب دولة الإمارات رسمياً من مبادرتها تساؤلات عديدة في الساحة السياسية السودانية منهم من اعتبرها أطماع إماراتية حول المنطقة دون رغبة في حل النزاع ومنهم من أشار إلى تعقيدات الخطوة باعتبار أن المنطقة مازالت محل صراع وتوتر عسكري.
ويشير محللون أن سحب الإمارات لمبادراتها يأتي بعد استنفاذ أوراق ضغتها مثل الإيقاف المؤقت للدعم المادي والسياسي للحكومة السودانية والذي بدأ واضحاً في إيقاف السلع الاستراتيجية بجانب الموقف الإماراتي حول مؤتمر باريس لإعفاء ديون السودان.
صراع المحاور
تزامن إعلان سحب المبادرة الإماراتية حول الفشقة مع تحركات (تركية قطرية) في المنطقة حيث زار نائب رئيس مجلس السيادي السوداني محمد حمدان حميدتي تركيا ووصل وزير الخارجية القطري الخرطوم عقب انجاحه في إعادة العلاقات الدبلوماسية بين كينيا والصومال. ويفسر مراقبون أن التحركات التركية القطرية نحو السودان ومنطقة القرن الأفريقي سوف تثير قلق و انزعاج الإمارات خاصة وأن تلك المناطق تمثل مركز ثقل إماراتي استراتيجي.
دافع الاستثمار
المحلل الاقتصادي هيثم محمد فتحي يشير إلى أن دافع الاستثمار الإماراتي حول أراضي الفشقة يرجع لخصوبة أراضي الفشقة ، حيث تشتهر المنطقة التي تشقها أنهار عطبرة وستيت، بإنتاج الذرة والسمسم بكميات كبيرة وجيدة. ورجح فتحي في حديثه لموقع أفريقيا برس أن الخلاف الحقيقي بين السودان وأثيوبيا يعود لمجموعات أثيوبية بعينها تتخطى العلامات الحدودية عمداً وعنفاً وتنتزع مشروعات و أراضي المزارعين السودانيين. وأقر باعتراف إثيوبيا بتبعية المنطقة الزراعية للسودان، وأضاف ” لم تتخذ أثيوبيا أي خطوات عملية لترسيم الحدود، حيث سمحت للمزارعين الإثيوبيين بزراعة المنطقة ووفرت لهم الحماية العسكرية.
لاتخدم المصلحة
يصف الكاتب الصحفي السماني عوض الله انسحاب دولة الإمارات من المبادرة بالطبيعي لجهة أن أراضي الفشقة سودانية لايمكن التنازل عنها لاستثمار مشترك بين الأطراف. وأشار في حديثه لموقع أفريقيا برس أن المبادرة لم تراع السيادة السودانية والحق السوداني في ملكيته لأرض الفشقة الزراعية وتابع ” الحكومة السودانية على المستوى الرسمي لم توافق بالمبادرة وقطع عوض الله بأن المبادرة الإماراتية لا تخدم المصلحة السودانية ولاتؤدي إلى حلها.
وأضاف أن المبادرة تقود إلى تقنين الصراع الحدودي بين السودان واثيوبيا. واستبعد نجاح أي وساطة إقليمية أو دولية لحل الأزمة ورهن نجاح الوساطة بانسحاب القوات الأثيوبية من الأراضي السودانية. وأوضح أن قبول السودان بأي وساطة يعني ضمنياً عدم ملكيته لأراضي الفشقة الحدودية.
وكان وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني قد بحث مع نظيرته السودانية مريم الصادق المهدي بالعاصمة الخرطوم إمكانية التوسط وتقديم المشورة في النزاع الحدودي بين السودان واثيوبيا بجانب أزمة سد النهضة، بجانب رغبة قطرية في الدخول في المجال الاستثماري. وشدد الجانب القطري على رفضه، المساس بأمن السودان أو حياة الشعب السوداني.
وكانت الحكومة السودانية أعلنت في مارس الماضي، موافقتها على مبادرة إماراتية، للتوسط بينها وبين إثيوبيا لحل خلافاتهما الحدودية، ومشكلة سد النهضة. بيد أن الموقف السوداني الرسمي في رده الأخير اعتبر المبادرة تجاوزاً لوضع العلامات الحدودية التي يتمسك بها السودان كشرط لأي حل للأزمة الحدودية مع الجارة أثيوبيا.