راح ضحيتها عشرات السودانيين … عمليات الشفتة الأثيوبية المسلحة ماهي أسبابها؟

25

بقلم : خالد الفكى

أفريقيا برسالسودان. منطقة الحدود مابين السودان وأثيوبيا تحولت الى مسرح لعمليات مسلحة من طرف عصابات أثيوبية تُعرف بـ”الشفتة”، تجاه السودانيين خاصة المزارعين على الشريط الحدودي في أراضي الفشقة الكبرى، رغم أن الجيش السوداني بسط سيطرته وأعاد انتشاره على نحو 95% من تلك الأراضي التي كانت تحتلها تلك العصابات المسلحة، إلا أنها تمكنت من اغتيال مزارعين واختطاف أحد الرعاة لدى تسللها داخل الأراضي السودانية بعمق 6 كيلومترات عند منطقة خور يابس شمالي مدينة القلابات التابعة لمحلية باسندة بولاية القضارف.

هذه رواية

ووفقًا لمصادر فإن مليشيا إثيوبية مسلحة توغلت داخل الحدود عل مقربة من الطريق القاري الرابط بين السودان و إثيوبيا بمحاذاة إقليم الأمهرة لتقطع الطريق أمام مزارعين ورعاة سودانيين. واغتال المسلحون الإثيوبيون اثنين من المزارعين “أحمد عبد الواحد من منطقة عطرب ومحمد صلاح” رميا بالرصاص، وعلى إثر ذلك تحركت قوة عسكرية مشتركة من الأجهزة الأمنية السودانية حيث تعرفت على قتيلين جراء وابل من الأعيرة النارية.

ويرى الصحفي والمحلل السياسي محمد على فزاري بأن ما يجري من عمليات تصعيدية بين الفنية والأخرى من قبل عصابات الشفتة الاثيوبية على الحدود السودانية، يجري بإيعاز من قبل الحكومة المركزية التي تعاني حاليًا من تعقيدات دستورية وقانونية وربما ترى أن شرعيتها على المحك بعد أن ارجاء رئيس الوزراء الاثيوبي آبي أحمد الانتخابات الرئاسية التي كانت مقرر العام الماضي بزعم تفشي وباء كورونا.

وأكدت مصادر أن المليشيا المعتدية اقتادت احد الرعاة السودانيين، يدعى عثمان محمد إدريس، من منطقة خور الجير إلى شرق نهر العطبراوي داخل الأراضي السودانية وطالبوا بفدية من العملة الإثيوبية تعادل مليوني جنيه سوداني “نحو 40 ألف دولار”.

وتم تدوين بلاغ بالرقم “13” بقسم شرطة القلابات المتحري فيه مساعد شرطة الماحي حسن إسماعيل، وساد التوتر الشريط الحدود بين البلدين بعد أن أعاد الجيش السوداني انتشاره في أراضي الفشقة التي ظل مزارعون إثيوبيون يفلحونها تحت حماية مليشيات مسلحة منذ العام 1995. ويؤكد الجيش السوداني أنه حرر 95% من هذه الأراضي بعد إخلائه لقرى ومستوطنات لمزارعين إثيوبيين.

وأشار فزارى لموقع “أفريقيا برس”، ان تأجيل الإنتخابات للمرة الثانية يربك المشهد الاثيوبي ويجعل حكومة آبي أحمد تستخدم أسلوب الالهاء لتمديد أيامها على كرسي السلطة لحين لملمة أطرافها واسترادها شرعيتها المسلوبة بسبب التوترات الداخلية خاصة حرب اقليم تغراي، لافتًا إلى أن دخول موسم الامطار يجعل الشفتة الاثيوبى تُصاعد من عملياتها المسلحة ضد المزارعين السودانيين بغية التوغل واستزراع الاراضي التي استردها الجيش السوداني على الحدود.

وأفاد فزارى بان التشكلات الجديدة على المشهد الاقليمي والداخل السوداني تجعل الحكومة الفيدرالية الاثيوبية تتخلى عن دعم ومساندة المليشات التي كان يقاتل لاجلها نظام عمر البشير، مبينًا ان مستجدات الاوضاع في القرن الافريقي قلبت الموازين وجعلت هناك أولويات كبرى وأطماع لدول عظمى حيث الصراع الامريكي الروسي والصين في هذه المنطقة الحساسة، هذا بالاضافة إلى الصراع على ساحل البحر الاحمر العربي والافريقي حيث التركيز على القضية الاستراتجية المتعلقة بالامن المائي الاقليمي وربما هذا صرف حكومة آبى احمد مؤقتًا عن دعم الميليشيات الاثنية والقبلية.

أراضي الفشقة

وقال الخبير في شؤون القرن الافريقي طارق عثمان بشأن الاطماع الاثيوبية خاصة الامهرة في مايتعلق بالحصول على أراضي الفشقة. وماهي المسببات لذلك، لن تتوقف أطماع الأمهرة في الاراضي السودانية، وستتواصل محاولاتهم لاستعادة الاراضي التي استردها الجيش السوداني مؤخرا وذلك لعدة أسباب أبرزها أن أراضي الفشقة ظلت هي الحلقة الأقوى في اقتصاديات الاقليم، باعتبارها أراضي واسعة ومنتجة زراعيا.

كما يرى عثمان في حديثه لـ “أفريقيا برس”، ان هذا جعل حكومة اقليم أمهرة توفر كل السبل لمساعدة المزارعين الاثيوبيون الذين كانوا يستغلون المنطقة بتوفير الخدمات من طرق وغيرها وتوفير الحماية لهم عبر تلك المليشيات التي في الاساس هي جزء من الجيش الاثيوبي، هذا بجانب أن اقليم أمهرة كغيره من الاقاليم الاثيوبية لا توجد فيه أراضي صالحة للزراعة بهذا الاتساع.

ويشير الخبير في شؤون القرن الافريقى طارق عثمان حول انشغالات الحكومة الفيدرالية الداخلية والتي ربما جعلت الشفتة “الامهرة” تقاتل الجيش السوداني منفردة، بان الشفتة ماهي الا فصائل من الجيش الاثيوبي، فالقوات التي ظلت تشن الهجوم على المزارعين السودانيين والجيش السوداني، تستمد قوتها من الجيش الاثيوبي.

وكان رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، دعا إلى استكمال ترسيم الحدود البرية مع إثيوبيا، مشددا على ضرورة الحوار لحل الأزمة بين البلدين، وقال حمدوك إن بلاده لم تتسبب في الأزمة على حدودها الشرقية مع إثيوبيا، وأضاف أن السودان لا يزال يؤكد أن الحوار هو السبيل لحل الأزمة مع إثيوبيا، مشددا على أن الحدود بين البلدين لم تكن يوما محل نزاع.

وأضاف” صحيح أن الحرب الداخلية شغلت الحكومة المركزية، ولكنها تدرك خطورة الوضع في حال دخلت في حرب منظمة مع الجيش السوداني، فأثيوبيا تدرك الكروت التي بيد السودان والتي يمكن استخدامها في حال خاضت معه حرب، أبرز تلك الكروت هو كرت تغراي، والذي يمكن أن يقلب الموازين في حال فتح السودان حدوده لقوات جبهة تغراي لاعادة ترتيب أوضاعها فهي محاصرة الآن ولكنها لا تزال تكبد قوات الحكومة المركزية الخسائر فكيف لو وجدت منفذ على الحدود السودانية، وينطبق ذلك على بني شنقول”.

اتفاق البشير

البرهان: تجربة الحكم الانتقالي أثبتت العجز الكامل عن تحقيق تطلعات الشعب والثورة

في 17 مارس، قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، إن جيش بلاده “أعاد الانفتاح في الأراضي السودانية”، وأن الخرطوم لن تتفاوض مع إثيوبيا إذا لم تعترف بسودانية هذه الأراضي، ويتم وضع العلامات الحدودية. وفي 9 مارس، دعا السودان إثيوبيا إلى تحديد موعد لاجتماع اللجنة العليا المشتركة للحدود في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا قبل حلول فصل الخريف.

أستاذ العلوم السياسة في الجامعات السودانية الدكتور صلاح الدومة قال من الاسباب التي تجعل عصابات الشفتة الاثيوبية تُصاعد عملياتها تجاه المزراعين داخل الاراضى السودانية، أسباب تتعلق بالاقتصاد والانتاج لكون أن هناك رجال أعمال أثيوبين تضرروا من عودة العمالة خاصة في منطقة اقليم الامهرة المتاخمة للحدود السودانية بعد أن بسط الجيش السوداني سيطرته على تلك الاراضى التي كان تُزرع من قبل أولئك الرأسمالية وتستفيد من انتاج مختلف المحاصيل الزراعية، ونوه الدومة خلال حديثه لـ “أفريقيا برس”، إلى أن رجال الاعمال يرون أن الحكومة المركزية لم تقف معهم ولم تقدم الدعم والسند لقتال الجيش السوداني مما أفقدهم مصدر الثروة.

كما لفت الدومة الى سبب يتعلق بالاوضاع السياسية التي تنبثق منها المتعلقة بالعرقيات والقوميات داخل أثيوبيا حيث ترى بعضها أن الحكومة الفيدرالية تخلت عن اتفاق سابق مع حكومة السودان خلال عهد البشير المخلوع، مضيفًا ” هذا كما ترى تلك القوميات وليس وفق للقواعد ودون شك هي لا تخضع للمنطق أو القانون مما يقود لشنها العمليات المسلحة ضد المزراعين السودانيين بين الفنية والاخرى”.

وقال رئيس مفوضية الحدود السودانية معاذ تنقو، إن “السودان ينتظر تنفيذ مشروع تكثيف علامات الحدود، الذي تم الاتفاق حوله عام 1973، ثم جرى الاتفاق بشأنه في 2010، عبر اللجنة الفنية المشتركة بين البلدين، ثم تم تأكيده عام 2011، بواسطة اللجنة السياسية المشتركة، برئاسة وزيري خارجية البلدين”.

تلويحات البرهان.. السد والفشقة وخيارات إثيوبيا؟

في 30 مارس 2020، أعاد الجيش السوداني انتشاره، بعد غياب استمر لنحو 25 عاما، في منطقة “الفشقة الصغرى” الحدودية، المتنازع عليها بين البلدين، كما أن لنزاع في مناطق “الفشقة” قديم، لكنه ظل بين مزارعين إثيوبيين وسودانيين، إذ يهاجم مسلحون إثيوبيون مزارعين سودانيين، بغرض السلب والنهب، وكثيرًا ما سقط قتلى وجرحى، وفق الخرطوم.

ويتهم السودان الجيش الإثيوبي بدعم ما يصفه بـ”المليشيات الإثيوبية”، وهو ما تنفيه أديس أبابا، وتقول إنها “جماعات خارجة عن القانون”، وفي 1972، وقع السودان وإثيوبيا اتفاقًا بشأن القضايا الحدودية.

ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية صلاح الدومة فى حديثه لـ “أفريقيا برس”، بأن التغييرات على المشهد الاقليمي والعالمي، فضلًا أن ما يجري في كل من السودان وأثيوبيا جعل الخرطوم نديدة لأديس ابابا صاحبة الصوت العالى في كافة القضايا منذ عهد البشير، مشيرًا ان مابين تلك التحولات مايتعلق بملف سد النهضة والحدود وحرب اقليم تغراى وموقف مصر.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here