“ميناء بربرة”.. بؤرة خلافات جيواقتصادية بين الصومال وإثيوبيا (إضاءة)

3
"ميناء بربرة".. بؤرة خلافات جيواقتصادية بين الصومال وإثيوبيا (إضاءة)

أفريقيا برس – السودان. اشتعل فتيل أزمة بين الصومال وأثيوبيا، مجددا خلال الأسبوع الجاري، بإعلان أديس أبابا توقيع مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، يسمح للأولى باستغلال ميناء بربرة على البحر الأحمر، تجاريا وعسكريا.

هذه المذكرة، التي تأتي بعد قرابة 6 سنوات من اتفاق أولي بين الطرفين تم إلغاؤه لاحقا، أثار إدانات من الصومال؛ في وقت يشعر جيران آخرون بالقلق، بشأن السماح بالوصول البحري المحتمل إلى البحر الأحمر من جانب أثيوبيا.

وأرض الصومال، أو “صومالي لاند” لا تتمتع باعتراف رسمي منذ إعلانها الانفصال عن الصومال عام 1991، باعتبارها كيانا مستقلا عن الصومال إداريا وسياسيا وأمنيا.

والإثنين الماضي، تم توقيع مذكرة تفاهم بين رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد ورئيس أرض الصومال موسى بيحي، ينص على موافقة الأخيرة تأجير أكثر من 12 ميلاً من الوصول البحري في ميناء بربرة لمدة 50 عاما، للبحرية الإثيوبية.

وفي المقابل، تعترف إثيوبيا رسميا بأرض الصومال كدولة مستقلة، وهي خطوة قال بيحي إنها ستشكل “سابقة كأول دولة تقدم الاعتراف الدولي لبلدنا”.

كذلك، ستحصل أرض الصومال أيضا على حصة في الخطوط الجوية الإثيوبية المملوكة للدولة.

وجاء الاعتراض الأكبر من الصومال، حيث عقدت حكومة رئيس الوزراء حمزة عبدي بري اجتماعا طارئا، الثلاثاء، لمناقشة الصفقة.

ووصفت الحكومة الصومالية مذكرة التفاهم بأنها “باطلة ولاغية” وطلبت من الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عقد اجتماعات بشأن هذه القضية؛ كما استدعت الصومال سفيرها لدى إثيوبيا لإجراء مشاورات عاجلة.

ووفق تحليل لصحيفة نيويورك تايمز، فإن إريتريا ومصر ستشعران بالقلق أيضا من وجود إثيوبيا البحري الكبير في البحر الأحمر وخليج عدن الاستراتيجيين.

ومصر، واحدة من دول رئيسة على ساحل البحر الأحمر، وتملك عدة موانئ تجارية ونفطية، تعتبر أحد مصادر الدخل الأجنبي؛ فيما يعد استغلال أثيوبيا لميناء بربرة، بوابة تنافس مع مصر في صناعة الخدمات اللوجستية البحرية.

وفي جيبوتي، التي تتقاضى من إثيوبيا حوالي 1.5 مليار دولار سنويا لاستخدام موانئها، يقول التحليل إن فقدان هذا الدخل قد يؤدي إلى عدم استقرار البلد الذي يرأسه إسماعيل عمر جيله.

أما الصومال، فإن ميناء بربرة يعتبر أحد أفضل المواقع الجغرافية للتطوير، وتحويله إلى أحد أهم مصادر الدخل للبلد الفقير، خاصة مع عدم توفر موانئ بنفس الميزات التي يحظى بها “بربرة”.

وإثيوبيا اليوم، هي “دولة حبيسة” لا تطل على أية واجهة بحرية، إذ تحدها من الغرب كينيا وجنوب السودان، ومن الجنوب الصومال، ومن الشرق جيبوتي وإريتريا، ومن الشمال والشمال الغربي السودان.

وفقدت إثيوبيا، وهي ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان، قدرتها على الوصول إلى البحر عندما انفصلت إريتيريا عنها وأعلنت استقلالها عام 1993.

ومنذ ذلك الحين، اعتمدت إثيوبيا على جيبوتي في التجارة الدولية، حيث يمر أكثر من 95 بالمئة من وارداتها وصادراتها عبر ممر “أديس أبابا – جيبوتي”.

ووفق بيانات للبنك الدولي، فإن الرسوم البالغة 1.5 مليار دولار سنويا التي تنفقها إثيوبيا لاستخدام موانئ جيبوتي هي مبلغ ضخم بالنسبة لدولة وجدت صعوبة في خدمة ديونها الكبيرة.

ولسنوات، سعت الحكومة الإثيوبية إلى تنويع محاولات الوصول إلى موانئ بحرية، بما في ذلك استكشاف الخيارات في السودان وكينيا؛ وفي 2018، وقعت صفقة للاستحواذ على حصة 19 بالمئة في ميناء بربرة، قبل إلغاء الاتفاق.

وقد لا يبدو الحصول على منفذ بحري طوله 20 كلم أمرا كبيرا، ولكنه حيوي بالنسبة لدولة حبيسة، مثل أثيوبيا، تبحث عن موارد مالية، من أجل بقائه؛ فهي من حيث عدد السكان أكبر دولة في العالم لا تملك ساحلا.

وفي تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية “BBC”، فإنه وبعيدا عن المنطقة، تنظر الصين إلى الصفقة بين أرض الصومال وأثيوبيا بعين الاهتمام. فقد تلقت أرض الصومال مساعدة من تايوان، ومن جهتها تدعم الصين دولة الصومال.

وتقيم تايوان علاقات دبلوماسية مع أرض الصومال، إذ بدأ التقارب بينهما في سنة 2020، وهو ما أثار سخط جيرانهما الكبار. فكلاهما غير معترف به دوليا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here