“ولاة الولايات”؛ أزمة مازالت تواجه شركاء الحكم

37
ولاة يؤدون اليمين الدستورية أمام رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك

بقلم: خالد الفكى

أفريقيا برسالسودان. الأزمات المُتلاحقة مازالت تسد طريق الفترة الانتقالية، وملفات متعددة لم يتم إنجازها ترقد فوق طاولة شركاء الحكم “العسكر والمدنيين”، وعلى رأسها؛ إعادة الحيوية لولايات البلاد بالنظر في تشكيل حكوماتها بما يتسق واجراءات التحول الديمقراطي رغم تأخر عقد مؤتمر الحكم الاتحادي والإدارة، والمتابع للأمر يجد أن هناك حاجة ماسة لإجراء تعديلات ملحة بشأن الولاة خاصة بعد شكاوي مستمرة لمواطني الولايات بسوء الأوضاع، بل هناك شبه توقف لعجلة العمل في عديد المناطق في الولايات.

توصية بالإعفاء

مجلس شركاء الفترة الانتقالية، كان قد أوصى بإعفاء جميع ولاة الولايات إعتباراَ من الأول من شهر آب أغسطس الماضي، وتعيين الولاة الجدد في الخامس من نفس الشهر. المجلس شكل لجنة للاكتمال برئاسة المجلس التشريعي والترتيب لانعقاد أول جلسة له في السابع عشر من الشهر المقبل وهو اليوم الذي يوافق توقيع الوثيقة الدستورية، ولكن لم يتم التنفيذ.

الدكتور ابراهيم الأمين – القيادي في حزب الأمة القومي

القيادي في حزب الأمة القومي الدكتور ابراهيم الأمين يوضح لـ’’ أفريقيا برس’’، صعوبة فصل الربكة بشأن ملف الولاة والولايات بتداعيات الوضع السياسي الراهن، ويُشير لإعفاء ثلاثة من ولاة الولايات بأمر من رئيس الوزراء تنفيذاً لاتفاقية السلام الموقعة بجوبا،  وشمل الإعفاء والي شمال دارفور محمد حسن عربي المحسوب على حزب المؤتمر السوداني، وتعيين نمرعبد الرحمن المحسوب على مجلس التحرير القومي بدلاً عنه.

كما تم إعفاء والي غرب دارفور من حزب الأمة القومي محمد عبدالله الدومة، وتعيين خميس أبكر عبدالله رئيس التحالف السوداني بدلاً عنه، كما عُين أحمد العمدة بادي من الحركة الشعبية شمال والياً للنيل الأزرق خلفاً للوالي السابق الذي توفي في حادث سير.

وأفاد الأمين أن حالة التشظي والانقسامات داخل التحالف الحاكم “الحرية والتغيير”، قاد لإضعاف هذا الكيان وصنع توهان بائن في القدرة على إتخاذ قرارات مهمة على رأسها ملف الولاة. وأشار بأن التحالف الحاكم من حقه ممارسة الرقابة على مختلف أجهزة الدولة التنفيذية، بل لها حق الاستغناء عن خدمات رئيس الوزراء الذي جاء بترشيحه، مضيفاً: ” للأسف حمدوك يقود حالياً عملية إصلاح تحالف الحرية والتغيير”.

الوضع المختل

مراقبون توقعوا بعد توصية مجلس الشركاء إعفاء عدد من الولاة من الذين أثاروا جدلاً واسعاً في ولاياتهم، وساهموا في خلق مشاكل بالولايات، فضلاً عن ولاية كسلا التي لم يتم تعيين والٍ لها منذ إقالة الوالي صالح عمار بعد نشوب خلافات حول تعيينه.

ويعتقد القيادي في حزب الامة القومي، بأن هذا الوضع المختل عطل ويعطل انجاز العديد من بنود الوثيقة الدستورية ومن بينها استكمال مؤسسات الانتقال.

ويرى الأمين أن المضي في استكمال ملف الولاة وإصلاح حال الولايات وتكوين المجلس التشريعي لن يكون إلا من خلال وحدة وتقوية “الحرية والتغيير”. وبشأن سيطرة المكون العسكري على أجهزة الدولة وإعاقة ملف استكمال مؤسسات الانتقال، قال الأمين: ” هذا لضعف الحرية والتغيير وعدم مركزية القرار”.

وأوضح الأمين أن رئيس مجلس السيادة منوط به رئاسة الجلسات تشريفيا فقط وليس لإصدار قرارات باسمه ووضعها على طاولة المدنيين الذين لهم الحق الأصيل بموجب الوثيقة الدستورية.

ورهن الامين تعيين ولاة جدد أو النظر في ملف الاوضاع في الولايات بتحديد مصير الحكم الاتحادي وحسم خيار أن يكون السودان ثمانية اقاليم ومستويات الحكم الثلاثة. وتابع:” فكرة الاقاليم متفق عليها وفقا لاتفاق سلام جوبا، ولكن الخلاف حول كيفية وطرق التنفيذ”.

في السياق قال عضو مجلس الشركاء يوسف محمد زين: “الولاة الحاليون كان تعيينهم مؤقتاً وينتهي بتوقيع اتفاقية السلام في جوبا”.  وأضاف “الولاة الحاليون كان يجب إعفاؤهم في اكتوبر من العام الماضي بعد توقيع اتفاقية السلام بجوبا وتم إرجاء الأمر إلى فبراير 2021 ولم ينفذ”.

الصراع الحزبي

يحيى الحسين – رئيس حزب البعث السوداني

رئيس حزب البعث السوداني، يحيى الحسين يفيد لـ’’ أفريقيا برس’’، ان عدم وجود خطة عمل واضحة لتحالف الحرية والتغيير تمثل سبباً رئيسياً في عدم انجاز بنود الوثيقة الدستورية.

ونوه الحسين لـلقصور في تشكيل المجلس التشريعي والعدالة الانتقالية وليس ملف الولاة لوحده، مشيراً لصراع دائر بين مكونات “الحرية والتغيير” بشأن عدد المقاعد لكل منها.

كما لم يتردد في القول أن هناك تهافت من قوى سياسية وأحزاب للاستيلاء على ولايات بعينها، منتقداً الدور السلبي لرئيس الوزراء في حسم خلاف هذا الملف.

ولم يستبعد الحسين حال التوافق على ملف الولاة بين شركاء الحكم تعيين بعض العسكريين على الولايات الطرفية أو التي تعاني من هشاشة أمنية.

وأبدى الحسين استغرابه لعدم خضوع ملف الولاة لمراجعة شاملة من قبل مؤسسات الشراكة رغم التذمر والشكاوي من المواطنيين لضعف أداء كثير من ولاة الولايات والمطالبات بإقالتهم.

معتصم أحمد صالح – قيادي في الجبهة الثورية

القيادي بـالجبهة الثورية، معتصم أحمد صالح، كان قد أكد وجود تحديات كبيرة تواجه تعيين الولاة الجدد، خاصة في ولايات دارفور، أغلبها أمنية، لكن توجد تحديات سياسية أيضا.

وأوضح صالح أن التحديات الأكبر التي تواجه الولاة، تتمثل في مسألة السلم الأهلي، ورتق النسيج الاجتماعي خاصة في ولايات التماس أو التي تدور فيها مواجهات، وأضاف:”الولاة يطالبون بشكل كبير، بالمساهمة في تحقيق السلم الأهلي والمجتمعي”.

وأشار إلى التمزق الكبير الذي حدث في المجتمع السوداني، لاسيما في دارفور بسبب الحرب وسياسات الدولة، معتبراً أنها تسبب في شرخ وهتك النسيج الاجتماعي.

محمد علي فزاري، محلل سياسي وباحث في العلاقات الدولية

ووفقا للصحفي والمحلل السياسي، محمد علي فزاري، فإن تأخير تعيين الولاة سبب مشكلة كبيرة في تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية في معظم أرجاء البلاد

ويقول فزاري لـ’’أفريقيا برس’’: “كان التدهور واضحاً في الولايات الحدودية مع دول الجوار و السبب الأساسي في ذلك تأخير بعض الولاة في تفكيك التمكين في ولاياتهم”.

وأضاف فزاري: “هنالك بعض الولايات لا تزال تدار بالصف الثاني من المؤتمر الوطني، لذلك ارتفع صوت إقالة الولاة من شرق البلاد إلى غربها، لأن بعض المشاكل الأمنية ألقت بظلالها على الولايات”، مضيفا:” تحول الولاة إلى “عمد بلا أطيان”، لأنهم مُسلوبي القرار والإرادة”. مؤكداً أن الاحتقان السياسي الحالي سوف يعجل بتعيين الولاة الجدد بعد أن سقط معظمهم في تقييم الأداء. وأضاف: “وجودهم لفترة أطول يعني المزيد من تدهور الأوضاع”.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here