أفريقيا برس – الجزائر. أفردت مجلة “الجيش” في عددها الأخير (746) افتتاحيتها بعنوان “من أجل قارة آمنة ومستقرة ومزدهرة”، مؤكدة أن الجزائر، بثقلها الاقتصادي وديناميكيتها التنموية، تواصل تكريس موقعها كفاعل أساسي في مسار التنمية والاندماج الإفريقي، من خلال احتضانها شهر سبتمبر الجاري للطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، وهو موعد هام يجسد التزام بلادنا وسعيها الحثيث لتعزيز التبادل التجاري البيني في إطار منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، بما ينعكس إيجابا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول القارة وشعوبها.
وأبرزت الافتتاحية أن الجزائر، التي تعد ثالث أكبر اقتصاد إفريقي وتطمح لاعتلاء صدارة الاقتصادات الإفريقية خلال السنوات القليلة القادمة، قادرة حسب العديد من الخبراء الاقتصاديين، على الإسهام بفعالية في تسريع وتيرة الاندماج التجاري والاقتصادي للقارة، بفضل ما تتوفر عليه من مؤهلات اقتصادية وإمكانات تنافسية، فضلا عن موقعها الاستراتيجي الذي يجعل منها بوابة نحو أوروبا عبر البحر المتوسط، ومنفذا مميزا إلى أسواق القارة بفضل عمقها الإفريقي، وهو ما يؤهلها للعب دور محوري يرسخ مكانتها كقوة اقتصادية صاعدة ومحرك أساسي للتنمية في إفريقيا.
وذكّرت المجلة أن الجزائر، التي ساندت بالأمس العديد من دول القارة السمراء في مسيرة تحررها من الاستعمار، تواصل اليوم مناصرة القضايا العادلة وفي مقدمتها قضية الصحراء الغربية، مؤكدة حضورها المؤثر في جميع آليات العمل الإفريقي المشترك، وحرصها على أن تبقى طرفا فاعلا في الجهد الجماعي الرامي لتحقيق التنمية الاقتصادية والتكامل القاري.
وفي هذا السياق، أبرزت الافتتاحية دعم الجزائر القوي للمشاريع الكبرى ذات البعد الإفريقي، وهو ما أكده رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في كلمته الموجهة للقادة الأفارقة المشاركين في معرض التجارة البينية الإفريقية 2025، حين دعا إلى جعل هذه الطبعة “منطلقا جديدا وعهدا متجددا نضع فيه أيدينا في أيدي البعض لنسير بخطى ثابتة نحو إفريقيا قوية، متضامنة ومزدهرة”، مضيفا: “فلتصنع إفريقيا غذاءها بنفسها ولتستمر وتستثمر ثرواتها لصالح أبنائها وبناتها وتنتزع مكانتها عن جدارة واستحقاق في عالم اليوم والغد”.
وشددت مجلة “الجيش” على أن الجزائر تبذل جهودا مضنية لتعزيز الأمن والاستقرار في القارة، خاصة مع تعدد بؤر التوتر وانتشار الإرهاب والجريمة المنظمة، عبر مساهمتها في مختلف الأطر العملياتية القارية المشتركة، مثل لجنة أجهزة الأمن والمخابرات الإفريقية، آلية الاتحاد الإفريقي للتعاون الشرطي، لجنة الأركان العملياتية المشتركة، والمركز الإفريقي للدراسات المتعلقة بالإرهاب، فضلا عن القوة الإفريقية الجاهزة، بما فيها قدرة إقليم شمال إفريقيا.
وأكدت الافتتاحية أن الجزائر لطالما كانت صوتا قويا يدافع عن إفريقيا ومصالح شعوبها في المحافل الدولية، حاملة هموم القارة وتطلعاتها نحو النهضة والازدهار في كنف الأمن والاستقرار. وهي مواقف نابعة من الإرث النضالي والانتماء التاريخي والجغرافي لبلادنا، جعلتها محل ثقة من قبل الدول الإفريقية، وهو ما تُرجم بانتخابها في عدة هياكل قارية مثل نيابة رئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي، وعضوية مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي، إلى جانب دورها كرئيس للآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء، ومنسق للاتحاد الإفريقي لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
وتطرق العدد ذاته من مجلة الجيش إلى قضايا وطنية راهنة، حيث ردّت المجلة على بعض الحملات الإعلامية المعادية التي حاولت استغلال واقعة هجرة سبعة أطفال قصر من الجزائر العاصمة مطلع سبتمبر 2025، لتقديم صورة مغلوطة عن الجزائر شعبًا ومؤسسات.
وأكدت أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية تُعدّ ظاهرة عالمية متشابكة تتداخل فيها أبعاد اقتصادية واجتماعية ونفسية وسياسية، والجزائر ليست بمعزل عنها.
وشددت المجلة على أن “تضخيم الحادثة ومحاولة إخراجها من سياقها الطبيعي يكشف عن أجندات إعلامية مسمومة تستهدف تشويه سمعة البلاد والطعن في جهود الدولة”، مبرزة أن استدراج هذه الفئة الهشة عبر وسائل التواصل الاجتماعي “يعكس محاولات لضرب استقرار الجزائر، في وقت تعرف فيه دول عديدة معدلات مضاعفة من هذه الظاهرة دون أن تُوجَّه لمؤسساتها أي اتهامات”.
وختمت مجلة “الجيش” افتتاحيتها بالتأكيد أن المكانة المرموقة التي تحظى بها الجزائر في إفريقيا ثمرة لمقاربتها الشاملة والمتوازنة، القائمة على الدبلوماسية النشطة، التنمية المستدامة، والتعاون الأمني المسؤول، والمستمدة من مبادئ ثابتة أهمها احترام سيادة الدول، عدم التدخل في شؤونها الداخلية، حسن الجوار، وتغليب الحلول السلمية على منطق القوة، فضلا عن الالتزام بقيم الوحدة والتضامن والعمل المشترك من أجل قارة آمنة ومستقرة ومزدهرة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس