أيّ مستقبل للعلاقات الجزائرية – الفرنسية بعد سقوط حكومة بايرو؟

4
أيّ مستقبل للعلاقات الجزائرية – الفرنسية بعد سقوط حكومة بايرو؟
أيّ مستقبل للعلاقات الجزائرية – الفرنسية بعد سقوط حكومة بايرو؟

أفريقيا برس – الجزائر. مثلما كان متوقعا، سقطت حكومة الوزير الأول الفرنسي، فرانسوا بايرو وسقط معها وزير الداخلية برونو روتايو، الذي يقدم من قبل بعض السياسيين والإعلاميين في فرنسا على أنه العدو اللدود للجزائر.

ويحسب لهذا الوزير، الذي يقود أحد أبرز الأحزاب اليمينية في فرنسا “الجمهوريون”، تسبّبه في تدمير العلاقات الجزائرية – الفرنسية، بعد نجاحه في جر كل طاقم الجهاز التنفيذي، وعلى رأسه سيد قصر الإيليزي، إيمانويل ماكرون، إلى جانبه في تبني خيار “القبضة الحديدية” الذي رفعه منذ وصوله إلى قصر “بوفو”.

ومنذ وصوله إلى سدة قصر “بوفو” في سبتمبر 2024، انتهج إستراتيجية تستهدف تقويض المصالح الجزائرية ومطاردة جاليتها بالتصريحات المستفزة، وترحيل بعض المهاجرين المنحدرين من أصول جزائرية خارج الأعراف القنصلية والقانونية، وهي الشرارة التي أشعلت فتيل الأزمة غير المسبوقة بين الجزائر وباريس.

وعلى الرغم من أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أعلن رفضه منذ البداية لسياسة “الرد التدريجي” لوزير داخليته، برونو روتايو، في إدارة الأزمة مع الجزائر، ووضعه بين خيار ترك هذا الملف لوزارة الخارجية باعتباره جزء من مهامها وصلاحياتها، أو مغادرة الحكومة، غير أنه استمر في تسميم العلاقات مع الجزائر، إلى أن نجح في جر ما تبقى من جيوب المقاومة داخل الجهاز التنفيذي.

ويعتبر الوزير الأول الساقط، فرانسوا بايرو، من أبرز داعمي برونو روتايو في مواقفه العدائية تجاه الجزائر، مستغلين ضعف سيد قصر الإيليزي، إيمانويل ماكرون، الذي فقد الكثير من نفوذه وسطوته منذ أن خسر حزبه “فرنسا إلى الأمام” سابقا و”النهضة” حاليا، سباق الانتخابات التشريعية الفرنسية التي جرت الصائفة الماضية، الأمر الذي جعله رهينة بين أحزاب اليمين التقليدي واليمين المتطرف، بزعامة عائلة لوبان وبرونو روتايو على التوالي.

والسؤال الذي يتبادر إلى ذهن أي مهتم ومتابع للعلاقات الجزائرية – الفرنسية، هل يمكن أن يساهم سقوط حكومة فرانسوا بايرو التي وفرت الحماية السياسية لوزير الداخلية برونو روتايو، على مدار سنة كاملة، في إعادة الدفء إلى العلاقات الثنائية؟ أم أن الأزمة وصلت إلى نقطة اللاعودة وفلتت الأمور من بين أيدي الرئيس الفرنسي؟

كل القراءات التي تحاول تلمس هذه المقاربة تنزع نحو الجانب السلبي، وذلك راجع إلى حالة التعفن التي وصلتها الأزمة بين العاصمتين منذ أزيد من سنة من الفعل ورد الفعل، استعملت فيها كل الأسلحة المعهودة وغير المعهودة، وباتت اتفاقيات عمرها عقود من الزمن محل مطالب بالمراجعة أو الإلغاء، كما هو الحال بالنسبة لاتفاقية الهجرة لسنة 1968، ناهيك عن اتفاقيات أخرى مثل اتفاقية 1994 و2013.

ومن بين من يتبنون هذه المقاربة المتشائمة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، حسام حمزة، الذي يرى بأن الأزمة بين الجزائر وباريس أبعد من المواقف المستفزة التي صدرت عن وزير الداخلية، برونو روتايو، الساقط مع الحكومة، بدليل توجيه ماكرون حكومة بايرو إلى تبني ما وصفها سياسة “الحزم” في التعاطي مع الأزمة المتفاقمة مع الجزائر.

يقول حسام حمزة معلقا على هذا التطور: “إن جذور الخلاف بين الجزائر وفرنسا لا ترتبط فقط بشخص رئيس الوزراء، بل بملفات ثقيلة تراكمت عبر السنوات: ملف الذاكرة، التجارب النووية الفرنسية في الجزائر، التعاون الأمني في الساحل، والمصالح الاقتصادية. هذه القضايا ظلت تؤجج التوترات بين الطرفين في ظل التهرب الفرنسي من مواجهتها بالشجاعة التي تتطلبها”.

وبعد ذلك يأتي شخص وزير الداخلية، برونو روتايو، في حكومة بايرو، يقول أستاذ العلوم السياسية، بخطابه المتشدّد وخياراته السياسية (خصوصا مراجعة اتفاق الهجرة وملف التأشيرات)، والذي أضاف وقودا جديدا إلى الأزمة، مما جعل العلاقات تتراجع إلى مستوى غير مسبوق منذ عقود يقترب تدريجيا من القطيعة.

وبرأي الأستاذ حسام حمزة، فإن إسقاط البرلمان الفرنسي لحكومة فرانسوا بايرو في اختبار الثقة، سوف “لن يغير المشهد جذريا في المدى القريب”، ويتوقع المحلل السياسي، أن “يبقى الجمود سيد الموقف إلى أن تتشكل حكومة جديدة في باريس، وتتضح مقاربتها لكيفية معالجة الملفات العالقة. عندها فقط يمكن قياس إن كانت العلاقات ستدخل مرحلة تهدئة تدريجية، أم أنها ستواصل مسار القطيعة المتدرّجة”.

كما أن هناك من يرسم مستقبلا أكثر سوداوية للعلاقات الجزائرية – الفرنسية، ويرى بأن مصيرها معلق على خروج إيمانويل ماكرون من قصر الإيليزي، بعدما خرج هذا الأخير إلى العلن بتبنيه طروحات وزير داخليته، وقد لا يستمر ماكرون كرئيس إلى سنة 2027، أي إلى نهاية عهدته، بل قد يغادر قبل ذلك في ظل مطالبة الكثير من السياسيين من مختلف الخلفيات الإيديولوجية، بضرورة تنحيته لفشله في إدارة دفة الدولة الفرنسية.

المصدر: الشروق

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here