وصلت مسودة الدستور قيد التعديل، إلى محطة مجلس الوزراء، تكون الإجراءات قد وصلت إلى مرحلتها الأخيرة، قبل إحالتها على غرفتي البرلمان، وذلك بعد مسيرة طويلة من المشاورات، تخللها تقديم الطبقة السياسية لأكثر من ألفي مقترح.
وقبل ذلك، كان الرئيس تبون قد كلف أحمد لعرابة بترؤس فريق من الخبراء لإعداد مسودة الدستور، في بداية جانفي من العام الجاري، قبل أن يتسلم الرئيس من لعرابة نحو ألفين و500 مقترح لإثراء المسودة في نهاية جويلية المنصرم، بعد نحو شهرين من المشاورات مع الطبقة السياسية والجمعوية.
وفي آخر تصريح له، قال جمال فنيش، رئيس المجلس الدستوري، إن التعديل الدستوري، يقترح نظاما “يتمتع فيه البرلمان ويمارس مهمته بشكل كامل وحرية في مراقبة النشاط الحكومي، وبطريقة تعكس وتعبر عن رأي الشعب وسيادته”.
ووفق فنيش، فإن المشروع الجديد يهدف إلى “إعادة تنظيم المؤسسات الدستورية، مع فصل واضح ومرن للسلطات في نظام شبه رئاسي، يكون مشبعا بأفضل ممارسات النظامين الرئاسي والبرلماني الكلاسيكيين ويتوافق والسياق الجزائري”.
ومن بين المستجدات التي جاءت بها مسودة الدستور، استحداث منصب نائب للرئيس، وهو المنصب الذي لجأ إليه المشرع، نتيجة للتجربة التي عاشتها البلاد في عهد الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان عاجزا عن العمل وفي غياب منصب نائب الرئيس، الأمر الذي فتح المجال أمام “قوى غير دستورية” كي تعبث بمؤسسات الدولة.
غير أن المسودة تتحدث عن إمكانية رئيس الجمهورية تعيين نائب له وليس وجوبا، كما أنها لم تحدد أية صلاحية لنائب رئيس الجمهورية، ولم تتحدث عن وجوب تعيينه، وهل يكون منتخبا مع رئيس الجمهورية أو يكون مساعدا له فقط، أو يبقى تعيينه مرتبطا بظرف سياسي معين، وهي القضية التي يرى الكثير من المراقبين بأنها لا تزال بحاجة إلى مزيد من الوضوح.
وينتظر أن تأخذ هذه المسألة قسطها من النقاش على مستوى الغرفة السفلى للبرلمان، إذا ما قرر الرئيس منح المجلس المطعون في شرعيته، شرف مناقشة المسودة، رفقة غير ذلك من النقاط المختلف فيها، وعلى رأسها إمكانية توسيع صلاحيات البرلمان وتفعيل مراقبة عمل الحكومة بشكل صارم، كما تطالب المعارضة.
ويشكل قرب طي صفحة الدستور الجديد، خطوة كبيرة على طريق الانتقال إلى ورشات أخرى لا تقل أهمية، وعلى رأسها مراجعة المنظومة القانونية، التي تؤسس للجمهورية الجديدة، كما يصطلح عليها في مرحلة ما بعد 22 فبراير 2019، وهذا لن يحصل إلا من خلال إعادة النظر في الكثير من القوانين العضوية الموروثة من حقبة الرئيس السابق.
ويأتي في مقدمة تلك القوانين، قانون الأحزاب وقانون الانتخابات وقانون الإعلام، باعتبارها المنظومة التي تؤطر العمل السياسي وتنظم العملية الانتخابية، وتصحح الاختلالات الحاصلة في قطاع الإعلام، في آجال قصيرة، حتى تتمكن البلاد من مباشرة الاستحقاقات المقبلة في أريحية.