افريقيا برس – الجزائر. واجه المستهلك الجزائري، منذ حلول شهر رمضان المبارك، متاعب كبيرة في تأمين أساسيات مائدته من الخضراوات الضرورية، كالطماطم والبطاطا والكوسة، وأمام موجة الغضب المعبر عنها عبر مختلف وسائل الإعلام والوسائط الاجتماعية بسبب ارتفاع الأسعار إلى مستويات لم تكن معهودة قبيل رمضان، وأمام موجة الغضب تم تغييب الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تسجيل أسعار قياسية لبعض المنتجات التي كثر الطلب عليها في خارج مواسمها بعد موجة الخوف من الكساد وانهيار أسعارها الموسم الماضي بسبب الوباء.
يجزم متابعون للشأن الفلاحي بأن الأسعار التي بلغتها الطماطم والفلفل والبطاطا والكوسة في الأسبوع الأول من رمضان، كانت متوقعة لدى المتابعين، حيث يفيد في هذا الشأن المهندس الفلاحي مراد كسايسية بأن الخلل وقع في انفجار الطلب على كميات محدودة من المحصول وخاصة الطماطم والفلفل بالتوازي مع توقف عمليات الجني في بعض المناطق الهامة كأدرار وبسكرة منذ أسابيع، لافتا إلى أن هذه المشكلة لم تكن مسجلة خلال السنوات الماضية، حيث كان رمضان يحل في فصل الصيف المعروف بوفرة هذه المنتجات عبر عدة ولايات شمالية.
وحسب ذات المتحدث، فإن هذه الفترة تبررها مرحلة فراغ في النضج والإنتاج بالنسبة لولايات الشمال كتيبازة والشلف وسكيكدة وجيجل لأسباب طبيعية مناخية، علما أن فترة التوقف عن الجني بالنسبة لبعض ولايات الجنوب كانت بين نهاية جانفي ونهاية فيفري، وتلك الكميات استهلكت على اعتبار أن الطماطم الطازجة لا يمكن تخزينها وكل ذلك راجع إلى اختلال التخطيط الشامل وانخفاض المساحات المزروعة من طرف الكثير من الفلاحين الذين تكبدوا خسائر كبيرة الموسم الماضي بسبب سوء التخطيط وجني المحاصيل في وقت واحد وفي عدة مناطق أدى إلى انهيار أسعارها في الجملة، بحيث سجلت في وقت سابق أقل من 15 دينارا ما حتم عليهم التخلي عن إعادة نفس التجربة للموسم الحالي، وبالتالي فقد تقلصت الكميات بشكل لافت وتزامن ذلك مع ذروة الطلب، وهي من المشاكل الكبرى التي تطوق قطاع الفلاحة في الجزائر لعدة عقود.
ويلفت ذات المتحدث أن الأسعار تبررها كثرة الطلب عليها على اعتبار أنها مكوّن أساسي لكل مائدة جزائرية، على اعتبار أن الحساء الرئيسي وهي الشربة لا يمكن تحضريها دون طماطم، ولهذا فإن طرح الكميات المتاحة من الطماطم في السوق تجد طلبا عاليا عليها، وبالتالي ارتفع السعر إلى أعلى مستوياته، ناهيك عن دور التجارة الموازية في اختلال سلسلة البيع، على اعتبار أن الأرقام التي قدمها الاتحاد العام للتجار والحرفيين تشير إلى أن 65 بالمائة من تجارة التجزئة للخضر والفواكه موازية بعدما اندثر الخضّارون القارون لتحل محلهم تجارة “الهاربين” التي تساهم في رفع الأسعار حاليا بنسبة تفوق 50 بالمائة من هامش الربح في بعض المنتجات.
ويتوقع محدثنا أن نفس السيناريو قد يعيشه المستهلك الجزائري الموسم القادم، بالنظر لترقب حلول شهر رمضان المقبل في نفس الظروف والفصل وفي فترة الفراغ بين موسمين، خاصة وأن الكثير من المنتجين توجهوا إلى زراعة منتجات أخرى انتعشت أسعارها الموسم الماضي والحالي، ومن المتوقع أيضا حدوث مشاكل اختلال مماثل إذا لم تسارع الجهات الوصية إلى العمل من الآن على وضع مخطط لإحداث توازن مدروس وضمان وفرة مدروسة من خلال التركيز على توسيع الزراعات المبكرة وخلق أقطاب وطنية بالتنسيق مع غرف الفلاحين وتوسيع التنسيق مع الخبراء والمهنيين للتأسيس إلى قاعدة إنتاجية مدروسة ومتوازنة بين الجهات والانتقال إلى الإنتاج في البيوت البلاستيكية متعددة القبب، والتي تنتج لمدة تسعة أشهر بدل البيوت المحمية ذات النفق الواحد والتي تنتج لمدة ثلاثة أشهر فقط، وبهذه الطريقة يمكن مضاعفة الإنتاج إلى ثلاث مرات.