عراقي يوثق لحظات زبائنه بتعليق صورهم بمحله منذ 22 عاما

9
عراقي يوثق لحظات زبائنه بتعليق صورهم بمحله منذ 22 عاما
عراقي يوثق لحظات زبائنه بتعليق صورهم بمحله منذ 22 عاما

أفريقيا برس – الجزائر. تحملُ جدران المحل أكثر من 5 آلاف صورة التقطت في أزمانٍ مختلفة، وتحمل كل منها ذكرى عابرة سواء حزينة كانت أو مفرحة

تحتفظ جدارية محل محمد محمود (53 عاماً) في قضاء دربندخان التابع لمحافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق بالعديد من الذكريات واللحظات المؤلمة والمفرحة أيضا منذ 23 عاماً، أبرزها صورة أم لها أمل بعودة ابنها رغم علمها بأن بحر إيجه ابتلعه أثناء بحثه عن وطن آمن.

التقاط أوّل صورة

يعدّ محمود صاحب أوّل فكرة من هذا النوع على مستوى مدينته والإقليم، بالتقاط الصور لزبائن وتعليقها على جدار محله الخاص ببيع المرطبات والمثلجات، ومازال يتذكّر التقاط أول صورة لزبون مر عليه صدفةً عام 1999، ليعمق طموحه أكثر بالتقاط صور يومية لزبائنه على مدار العام.

تحملُ جدران المحل أكثر من 5 آلاف صورة التقطت في أزمانٍ وأوقات مختلفة، وتحملُ كل منها ذكرى عابرة سواء أكانت حزينة أو مفرحة، كما يقول محمود في حديثه للجزيرة نت.

ويشير إلى أن مشاهدة الصور واستذكار لحظاتها أكثر ما تُمتعه في هذه الحياة، لاسيما وهو يستذكر أناسا وشخصيات رحلوا عن هذه الدنيا وأصبحوا في دار الآخرة.

وأكثرُ المشاهدة الخالدة في ذاكرة صاحب المحل لوالده محمود يادكار (توفى عام 2017) الذي اشترى المحل لأوّل مرةٍ عام 1970 وحولّه إلى مقهى آنذاك، ليعمل فيه لأول مرة الابن عام 1980، إلا أنه قرّر أن يجعله خاصا ببيع المرطبات والمثلجات منذ عام 1999.

ذكرى قاسية

من بين الذكريات القاسية التي ما زالت راسخة في باله رؤيته مجيء مُسنة لمشاهدة صورة ابنها المعلقة في المحل والذي كان قد مات غرقاً في بحر إيجه أثناء محاولته اللجوء إلى أوروبا، ويصف هذه اللحظة بأنها كانت مؤلمة جدا له.

“آتي في الشهر مرتين، وثلاثا أحياناً، لأتحدث مع ابني في الصورة، وأرجوه وأنا في العقد السابع من عمري وأتوسّل إليه ليعود، لكن لا أعرف لماذا لا يردّ على رجائي”.

بهذه الكلمات المطمورة بإحساس أم مفجوعة تتحدث “أم آكو” عن شعورها وهي تنظر إلى صورة ابنها المعلقة في المحل والذي هاجر إلى أوروبا قبل أكثر من 6 أعوام، لكن لا خبر عنه حتى اليوم.

ومثل الأم، يأتي الكثيرون خصيصاً إلى المحل لرؤية أعزاء عليهم، منهم من توفى، وغيرهم من هاجر ولم يعد حتى اليوم.

تُكلف طباعة الصور لمترٍ واحد على صاحب المحل نحو 40 دولارا، ويبدو أن صدر المحل ضاق قليلاً منذ أشهر عدة ولم يعد يحتمل ذكريات أكثر بعد أن امتلأت جداريته ولم تعد هناك فسحة لتعليق صور أخرى، وهذا ما دفع صاحبه إلى التفكير بتوسيع المحل أكثر، بعد أن ضم عليه محلا آخر، ليصبح محلين بدلاً من واحد.

موقع جذب

يؤكد محمد أن فكرته باتت تجذب الكثير من الزائرين إلى القضاء لزيارة محله تحديداً ورؤية صور يعود تاريخ التقاطها لأكثر من عقدين، ولاسيما تلك العائدة لأشخاص معروفين في المدينة ممن رحلوا إلى دار الفناء.

ويوضح أن هذه الفكرة ولدت من حبه وشغفه بتجسيد وتوثيق الذكريات والأحداث التي يعيشها بشكل يومي، فهذه الموهبة تُلاحقه منذ أن كان طالباً بالمرحلة الثانوية، وتنمو فيه أكثر كل يوم حتى الآن رغم تجاوزه العقد الخامس من عمره.

ويرى آرام، وهو صاحب محل حلاقة مجاور لمحل المرطبات، أن هذه الفكرة أضافت الكثير من الملامح الحيوية لشارع دربندخان الذي يقع فيه المحل.

ويستذكر الحلاق -في حديثه للجزيرة نت- الكثير من اللحظات التي لا تعوض أثناء التقاط الصور لزبائن مروا عليه، أحدهم قدم من أوروبا وقال لصاحب المحل “التقط لي صورة، قد لا أعود مرة أخرى، وإذا متُ، لتبقى ذكرى خالدة لأهلي وأحبابي في المدينة”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here