هكذا تعسفت فرنسا في إفراغ اتفاقية 1968 من محتواها

11
هكذا تعسفت فرنسا في إفراغ اتفاقية 1968 من محتواها
هكذا تعسفت فرنسا في إفراغ اتفاقية 1968 من محتواها

أفريقيا برسالجزائر. في لقائه بوسائل الإعلام المحلية، قال الرئيس عبد المجيد تبون إن على السلطات الفرنسية احترام الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، ومن بين هذه الاتفاقيات، اتفاقيات إيفيان الموقعة في عام 1962، وكذا اتفاقية 1968، التي تعطي الكثير من الحقوق والامتيازات للجزائريين في التنقل بين الجزائر وفرنسا.

وفي خضم تعليقه على تصريحات وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، بخصوص عدد المهاجرين غير الشرعيين، الذين تصر باريس على ترحيلهم، تحدث الرئيس تبون عن الامتيازات التي تخولها تلك الاتفاقيات للجزائريين: “قضية التأشيرات هي مسألة لها علاقة بسيادة جميع الدول، بما فيها الجزائر، بشرط أن تحترم اتفاقيات إيفيان واتفاقيات 1968 التي تملي بعض التدابير”.

ومعلوم أن هذه الاتفاقيات، تعطي للجزائريين حق التمتع بنظام خاص يسهل دخولهم إلى التراب الفرنسي وتمنحهم حرية الاستقرار فيها لمزاولة التجارة والعمل أو الدراسة من دون صعوبات أو عراقيل، وتسهّل عليهم الحصول على تصاريح إقامة لمدة قد تصل إلى عشر سنوات. فكيف جاءت هذه الاتفاقيات وعلى ماذا تنص؟

كانت اتفاقيات إيفيان التي أدت إلى وقف إطلاق النار بين الجزائر وفرنسا في عام 1962، والتزام هذه الأخيرة بالاعتراف باستقلال الجزائر، قد نصت على امتيازات لصالح الجزائريين، من بينها حرية التنقل بين بلدهم الأم والمستعمرة السابقة، غير أن الطرف الفرنسي عمل جاهدا من أجل التوقيع على اتفاقية جديدة هي تلك التي تم التوافق بشأنها والتوقيع عليها في الجزائر في 27 ديسمبر 1968، من قبل وزيري خارجية البلدين آنذاك.

وقد أكدت هذه الاتفاقية على امتيازات للجزائريين، تميزهم عن غيرهم من رعايا البلدان المغاربية الأخرى وعلى رأسهم التونسيين والمغاربة، فقد كان الجزائري يمكنه التنقل إلى فرنسا بتأشيرة سياحية، وخلال مدة صلاحية التأشيرة، يمكنه العمل والدراسة في فرنسا، والحصول على إقامة هناك أيضا.

غير أن الطرف الفرنسي ظل يلح من أجل الحد من امتيازات الجزائريين في إطار تلك الاتفاقية، وعليه جاء التوقيع على أول تعديل لبنود هذه الاتفاقية، بتاريخ 22 ديسمبر 1985، تم بموجبه إسقاط المادتين الأولى والثانية.

وتبقى أكثر ضربة وجهت لاتفاقية 1968 هي المراجعة التي تمت في عام 1994، وجاءت في شكل مرسوم يحمل الرقم 94/1103 الصادر بتاريخ 19 ديسمبر 1994، والذي يحمل توقيع كل من الرئيس الفرنسي الأسبق، فرانسوا ميتران ووزيره الأول، إدوارد بلادور، ووزير الخارجية آنذاك، ألان جوبي، والذي ألغى المادة السادسة من الاتفاق المذكور.

وكان واضحا من هذا التعديل أنه جاء من طرف واحد، وهو الطرف الفرنسي، في وقت كانت تعيش الجزائر وضعا صعبا جدا، ميزته الأزمة الأمنية التي كانت تعصف بالبلاد، وكذا انتقال السلطة من رئيس الدولة اليامين زروال إلى الشخص ذاته كرئيس جمهورية منتخب.

وأخطر ما جاء في هذا المرسوم حرمان الجزائريين من امتياز كان مكفولا، حيث بات أمامهم شرط الحصول على تأشيرة خاصة بالدراسة لمن يريد مزاولة دروسه هناك، أو تأشيرة سياحية لمن يريد السياحة، لكن حق العمل كما كان في السابق، تم سحبه من الطرف الجزائري.

كما نص المرسوم أيضا على تمرير أي شخص لا يحمل وثائق جزائرية على القنصل الجزائري المختص، من أجل إصدار تصريح بالمرور لترحيله، وفي حال موافقة القنصل على الترحيل، ثم تبين بعد ذلك أن جنسيته غير جزائرية تتم إعادته إلى التراب الفرنسي على حساب الخزينة الفرنسية.

وقد جاء التعديل الثالث في عام 2001 والذي دخل حيز التنفيذ سنتين بعد ذلك، وعلى الرغم من التراجع المسجل، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك لا تزال هناك امتيازات للجزائريين، إلا أن الطرف الفرنسي كثيرا ما تعسف في احترام بنودها.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here