أفريقيا برس – الجزائر. اختفت تماما كلمة “الجزائر” من الخطاب الأخير للعاهل المغربي، الملك محمد السادس، لكن التلميحات إلى الجارة الشرقية، كانت حاضرة وبقوة، من خلال بعض الأوصاف التي اعتاد المسؤولون في نظام المخزن، ترديدها في مثل هذه المناسبات، من قبيل “أعداء الوحدة الترابية”، الذين أصبح عددهم يتعدى الجزائر.
في الخطاب الذي ألقاه الملك المغربي قبل ثلاثة أسابيع بمناسبة “عيد العرش”، تردد اسم الجزائر على لسانه عشر مرات كاملة، غير أنه تحاشى الإشارة إليها مباشرة في خطابه الأخير ولو لمرة واحدة، مفضلا استعمال التلميح.. فلماذا يا ترى؟
بنية الخطاب السابق لعاهل المغرب، كانت قائمة على مطلب أساسي في صيغة مناشدة، وهو فتح الحدود البرية المغلقة منذ نحو ربع قرن، وإعادة بناء العلاقات الثنائية المأزومة، في إطار ما سماها “دبلوماسية اليد الممدودة”، غير أن النتيجة لم تكن وفق ما كان يتمناه الملك المغربي.
لكن الرئيس عبد المجيد تبون وخلال لقائه الأخير مع وسائل الإعلام الوطنية، لم يتجاوب مع العرض المغربي، الذي جاء في شكل مبادرة معزولة من السياق العام للعلاقات الثنائية المأزومة، عندما قال: “إن الجزائر لم تتلق استجابة من المغرب بخصوص التوضيحات التي طلبتها من الرباط حول ما قام به السفير المغربي في الأمم المتحدة”.
وكان ممثل المغرب في الأمم المتحدة، عمر هلال، قد وزع وثيقة على ممثلي الدول الأعضاء في منظمة دول عدم الانحياز، دعا إلى ما سماه “حق تقرير الشعب القبائلي”، وهي الحادثة التي تسببت في سحب الجزائر لسفيرها من المغرب، ومطالبة هذا الأخير بتقديم توضيحات عما حدث.
وإن حاول الملك المغربي التغطية على ما قام به عمر هلال في نيويورك، من خلال تجاهله لهذه الحادثة، التي وصفت في الجزائر بـ”الخطيرة”، إلا أن ذلك لم يقنع المسؤولين في الجزائر، الذين قرروا في خطوة متقدمة، إعادة النظر في العلاقات مع الجارة الغربية وفق مقررات الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للأمن، الذي ترأسه الرئيس عبد المجيد تبون.
الحدث الآخر الذي أقنع الجزائريين بعدم جدية “اليد الممدودة” للمغرب، هي التحرشات التي قام بها وزير خارجية الكيان الصهيوني، مائير لابيد، خلال زيارته للمغرب، باتهامه الجزائر بالعمل في إطار المحور الإيراني، وهو ما اعتبرته الخارجية الجزائرية في بيان لها، “تصريحات مغلوطة يقودها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، جاءت تنفيذا لرغبة حليفه الجديد في الشرق الأوسط”.
وبينما غابت القضية الصحراوية في الخطاب الأول لعاهل المغرب، عادت بقوة في خطاب ما يسمى “ثورة الملك والشعب”، من خلال حديثه عن الوحدة الترابية لبلاده، وهو يعلم أنها من مسببات توتير العلاقات الثنائية، ما يعني أن الرباط باتت مقتنعة بعدم حصول تجاوب من قبل الجزائر، الأمر الذي كان وراء توجيه الملك بوصلته نحو إسبانيا وفرنسا عله يجد من يستمع إليه هناك.