“الجزائر شريك أساسي لإيطاليا في جميع الملفات”

7
"الجزائر شريك أساسي لإيطاليا في جميع الملفات"

أفريقيا برس – الجزائر. أكد سفير الجمهورية الإيطالية بالجزائر جيوفاني بولييزي، في مقابلة مع “الخبر”، على أهمية زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى إيطاليا، مشيرا إلى أن كثافة وتواتر الزيارات الثنائية على أعلى مستوى يعكس بالتأكيد المستوى الممتاز للعلاقات الثنائية بين إيطاليا والجزائر، وشدد السفير الإيطالي على أن الجزائر شريك رئيسي وأساسي لإيطاليا في جميع الملفات المتعلقة بأمن البحر الأبيض المتوسط ومنطقة الساحل، وأن هناك تطابقا في وجهات النظر بشأن الملف الليبي، لا سيما ما تعلق بإجراء الانتخابات الحرة، وأن الحل السلمي يتطلب القضاء على التدخل الخارجي والخروج التدريجي من ليبيا للقوات الأجنبية الموجودة في البلاد.

يقوم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بزيارة دولة إلى إيطاليا، وهي الزيارة التي تأتي في أعقاب زيارة نظيره الإيطالي سيرجيو ماتاريلا في نوفمبر

2021،وزيارة رئيس مجلس الوزراء ماريو دراغي في أفريل 2022. ما هي رؤيتكم لهذه الزيارة بالنظر لطبيعة العلاقات التي تربط الجانبين، والتي توثقت خلال ثورة التحرير، مع الدور الذي لعبته شخصية بارزة بحجم انريكو ماتيي؟

إنه بالتأكيد حدث استثنائي أن يتم تنظيم زيارتي دولة بين البلدين، من قبل الرئيسين، في تاريخين متقاربين جدا. بالإضافة إلى ذلك، في هذه الأثناء، كانت هناك بالفعل زيارة أخرى مهمة للغاية إلى الجزائر، قام بها رئيس وزرائنا ماريو دراغي، برفقة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي لويجي دي مايو، ووزير الانتقال البيئي روبرتو سينجولاني.

إن كثافة وتواتر الزيارات الثنائية على أعلى مستوى يعكس بالتأكيد المستوى الممتاز للعلاقات الثنائية بين إيطاليا والجزائر، وأهمية شراكتنا في قطاعات متعددة. ومن المناسب هنا التذكير بالبعد التاريخي للصداقة بين بلدينا، وخاصة هذا العام الذي يوافق الذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية، بحيث إنني أشعر دائمًا بالفخر وتختلج مشاعري التأثر في كل مرة يذكرني فيها المحاورون الجزائريون أن إيطاليا كانت دائمًا إلى جانب الجزائر، خاصة في المراحل الأكثر تعقيدًا مثل حرب التحرير، التي ذكرتَ عنها بحق إنريكو ماتي الذي ساعد الجزائريين في مفاوضات إيفيان، ودعم نموذجًا “مربحًا للجانبين” بالنسبة للبلدان المنتجة والمستوردة للمحروقات، وكذا خلال “العشرية السوداء”.

ولكن يجدر بي الإشارة أيضا أنه وفقا لمنظورنا هنالك أيضا علاقة تتدعم في الحاضر، وتنظر بكل التزام إلى المستقبل، وفي الواقع فإنني واثق وعلى يقين بأن التعاون في المستقبل سيكون محور زيارة الدولة للرئيس تبون إلى إيطاليا.

ما الذي يمكن أن تعنيه الشراكة الاستثنائية التي يمكن أن تقام بين الجزائر وإيطاليا، وعلى أي أساس ستستند؟

كما سبق لي أن أشرت، نجد أسس الشراكة الاستثنائية بين إيطاليا والجزائر جزئيًا في التاريخ، ولكن أيضًا في الانتماء المشترك لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، وفي التكامل بين بلدينا في العديد من القطاعات.

ومن المؤكد أن الشراكة في قطاع الطاقة هي إحدى الركائز الأساسية وحجر الأساس للعلاقات الثنائية، وهذا أيضًا يكتسي بُعدا تاريخيا عميقا (نذكر أن خط أنابيب الغاز “ترانسميد” عملي منذ عام 1983)، لكن الهدف المشترك يبقى يتمثل في كيفية ضمان تعزيز الشراكة على المدى القصير والمتوسط والبعيد، ففي عام 2021 غطت الجزائر 22٪ من احتياجات إيطاليا من الغاز، وفي الربع الأول من العام الحالي أصبحت مورِّدنا الأول في المجال أو الممون الرئيسي.

ومن بين أسس الشراكة، أود أيضًا أن أذكر العلاقات التجارية والصناعية القوية للغاية، مع الوجود التاريخي والواسع النطاق للشركات الإيطالية في الجزائر، والرغبة والإرادة التي تعتري الطرفين في التعاون فيما يتعلق بالتحديات الإقليمية والدولية المشتركة، وهنا يمكن أن نذكر التعاون في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع، ومكافحة الإرهاب، وكذلك الحفاظ على التراث الثقافي أو حماية الإرث المتوسطي المشترك ومواجهة تغير المناخ. وفي المحصلة تظل الجزائر بالنسبة لنا شريكًا رئيسيًا في مجالات ضمان أمن واستقرار منطقة البحر الأبيض المتوسط، وكذلك المنطقة المغاربية ومنطقة الساحل.

ما فتئ مسؤولو الضفتين يركزون في تصريحاتهم على طبيعة ونوعية العلاقات بين البلدين، فإيطاليا أول زبون للجزائر وأحد أهم شركائها التجاريين، كما تكتسي العلاقات في مجال الطاقة أهمية بالغة. لكن ماذا عن باقي أطياف التعاون؟ في وقت أبدى الطرفان الجزائري والإيطالي رغبة في انعقاد اجتماع اللجنة العليا المشتركة قريبا على أمل المساهمة في بعث التعاون الثنائي، فضلا عن القمة الحكومية المشتركة المرتقبة في جويلية؟

لقد أبرزت الدورة الأولى للحوار الاستراتيجي (الذي يعد آلية تشاور مهمة تأسست في ديسمبر 2020)، والتي انعقدت في روما بتاريخ 29 مارس الماضي، إلى أي مدى تعد الشراكة بين إيطاليا والجزائر شراكة شاملة، مع عمق كبير في العلاقات في قطاعات متعددة.

وسيتم بالفعل استكشاف مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك خلال اجتماعات اللجنة المشتركة التي ستعقد في الجزائر العاصمة يومي 18 و19 جويلية، كما أُعلن عن ذلك خلال الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء ماريو دراغي. وبطبيعة الحال، نحن نعمل بالفعل على العديد من الاتفاقيات التي يمكن توقيعها بهذه المناسبة.

ما هي في نظركم العقبات والعوامل الكابحة التي تعيق الاستثمارات الإيطالية في الجزائر، والسماح بمزيد من تواجد الشركات؟ خاصة أن إصلاحات أُعلن عنها في الجزائر في مجال مناخ الاستثمار، بما في ذلك إلغاء قاعدة

51 و49 بالمائة وحصرها في قطاعات محدودة..

هنالك نماذج وأمثلة عديدة هامة يمكن أن نسوقها حول الاستثمارات الإيطالية في الجزائر، وأفكر بشكل طبيعي في قطاع المحروقات، مع الدور الرئيسي الذي تلعبه شركة “إيني”، ولكن أيضًا في صناعة الحديد والصلب، أو الدفاع، أو، في الآونة الأخيرة، الطاقات المتجددة.

صحيح أن حجم الاستثمارات يمكن أن يكون أكبر من ذلك، ونحن ملتزمون بتسهيل زيادة حجمها، لهذا السبب سوف نتابع باهتمام التطورات في تطبيق قانون الاستثمار الجديد، على أمل أن تؤدي إلى تحسين مناخ الأعمال، لا سيما فيما يتعلق بالإجراءات الإدارية والبيروقراطية التي قد تضع قيودًا على الاستثمارات في طور ومرحلة الإنجاز. وهناك صعوبات أخرى متصلة بعدم اليقين في المجال التنظيمي، وحقيقة أن بعض القواعد تتغير بسرعة، ما يجعل من الصعب على المستثمرين التكيف معها.

ومن المسلم به أنه كانت هناك تطورات إيجابية في السنوات الأخيرة، مثل تجاوز قاعدة 51/49 (التي تقتصر الآن على القطاعات الاستراتيجية فقط)، ونحن مقتنعون بأنه يجب علينا مواصلة العمل في هذا الاتجاه من أجل تطوير بصورة شاملة القدرات الاقتصادية التي تمتلكها الجزائر، والتي لا تزال غير مستغلة إلى حد كبير. وتظل إيطاليا على استعداد تام لدعم الجزائر في هذا المسعى.

تواجه منطقة الساحل بالخصوص حالة عدم استقرار، ما الذي يمكن أن تقدمه إيطاليا لمساعدة ودعم دول الساحل لمواجهة حالة عدم الاستقرار وتبعاته، على غرار الهجرة السرية، دون أن يُتخذ ذلك ذريعة للتدخل في شؤونها الداخلية؟ وكيف تقيمون العمل الذي يتم القيام به في مجال محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية بين الجزائر وروما؟

الجزائر شريك رئيسي وأساسي لإيطاليا في جميع الملفات المتعلقة بأمن البحر الأبيض المتوسط ومنطقة الساحل، بدءاً بمكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر. ونحن مدركون وعلى وعي تام بأن الجزائر لها دور أساسي لا يمكن القفز عليه في هذه المنطقة، ولهذا السبب تحتل قضية الساحل دائمًا مكانة مركزية في المشاورات الاستراتيجية بين بلدينا. لذا فإن استقرار منطقة الساحل بالنسبة إلينا يمثل بالفعل أولوية، ويمثل بالنسبة لنا أيضا مصلحة وطنية مباشرة، كما أكد على ذلك مرارا الوزير دي مايو، نظرًا لكونها منطقة محورية بين البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا جنوب الصحراء.

أحد أبعاد العلاقات الجزائرية الإيطالية البعد الإنساني.. ما التدابير المتخذة لتسهيل حركة الأشخاص بين الضفتين؟ وماذا عن التعاون الثقافي الذي تمت الإشارة إليه خلال زيارة الرئيس الإيطالي ماتاريلا، فضلا عن التعاون في مجال التعليم، خاصة ارتقاب فتح مدرسة دولية إيطالية بالجزائر؟

لا تقتصر العلاقات الجزائرية الإيطالية على كونها علاقات بين حكومتين، ولكنها أيضا صلة وعلاقة بين شعبين شقيقين.

فعلى سبيل المثال، تفاجأت بشكل إيجابي للغاية عندما علمت أن هناك 14000 طالب للغة الإيطالية في الجزائر، وأن إيطاليا هي الدولة الثالثة في مجال منح التأشيرات للجزائر بعد فرنسا وإسبانيا، ونحن على سبيل المثال الدولة الوحيدة التي لديها مركز تأشيرات في أقصى الجنوب، وبالتحديد في أدرار. ولقد سررنا جدًا حينما سجلنا خلال هذا الربيع أنه على الرغم من الاهتمام والحذر اللذين يجب الحفاظ عليهما لفترة طويلة، كانت هناك شروط سمحت بالإعلان عن الاستئناف العام لأنشطة منح التأشيرات.

ومع ذلك، أود أن أؤكد أنه حتى أثناء الوباء استمرت السفارة الإيطالية دائمًا في معالجة جميع ملفات التأشيرات التي كان من الممكن معالجتها، ولا سيما تأشيرات العودة، وتأشيرات الدراسة، وتأشيرات التجمع العائلي، وكذلك بعض التأشيرات المتعلقة بالتأشيرات الاستثنائية.

بالمقابل، هناك العديد من أوجه التعاون الثقافي، وتحضرني في هذا المقام التجربة الجميلة الأخيرة التي شرفتنا، والمتمثلة في المشاركة كضيف شرف في الصالون الدولي للكتاب في الجزائر العاصمة. لكن يمكنني أن أشير أيضًا إلى الاتفاقيات المتعلقة بعلم الآثار والحفاظ على التراث الموقعة بمناسبة الزيارة الرسمية لرئيس الجمهورية ماتاريلا، أو، كما قيل بحق، في الاتفاقية الموقعة في نفس المناسبة لفتح مدرسة “روما” الإيطالية بالجزائر العاصمة، والتي يرتقب أن تكون متاحة منذ بداية العام الدراسي القادم للتلاميذ الجزائريين، طبعا بشرط احترام البرامج التربوية الجزائرية. وستكون هذه أداة مهمة أخرى لتعزيز التبادلات والإثراء الثقافي والبشري المتبادل. لذا أدعو المهتمين إلى الاتصال بالمدرسة الإيطالية لمزيد من المعلومات.

أبرزت الزيارات الثنائية بين البلدين تطابقا في وجهات النظر على محور الجزائر وروما بخصوص الملف الليبي، كيف تنظر إيطاليا إلى ذلك، لا سيما ما تعلق برحيل المرتزقة وعدم التدخل في الشؤون الليبية وتسوية الأزمة من خلال الفاعلين الليبيين أنفسهم؟

تشكل ليبيا لكل من إيطاليا والجزائر ملفا ذا أولوية في سياق الديناميكيات الإقليمية. وفي هذا الصدد، لدى بلدينا مواقف حددتها سلطاتنا في عدة مناسبات بأنها “متطابقة” و “متماشية”. فنحن نتقاسم نفس المواقف المؤيدة للتهدئة والمطالبة بإجراء انتخابات حرة من شأنها أن تحقق الاستقرار في النظام الدستوري والحكومي. وقبل كل شيء، نتفق على أن الحل السلمي يتطلب القضاء على التدخل الخارجي والخروج التدريجي من ليبيا للقوات الأجنبية الموجودة في البلاد في الوقت الراهن. وبهذا المعنى، فإن الحوار السياسي والتشاور الاستراتيجي بين الحكومتين مستمر ومثمر.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here