الحرب تغيّر عادات الجزائريين… حياة بتوقيت غزة

3
الحرب تغيّر عادات الجزائريين... حياة بتوقيت غزة
الحرب تغيّر عادات الجزائريين... حياة بتوقيت غزة

كمال بوحدة

أفريقيا برس – الجزائر. غيّرت الحرب الإسرائيلية على غزة طباع الجزائريين واهتماماتهم، وبات جزء من حياة بعضهم يرتبط بتوقيت غزة وأحداثها التي يتناقلونها في الشوارع والأماكن العامة والمقاهي وحتى خلال الجلسات العائلية التي تتحدث عن المشاهد القاسية، والتي يتفاعل الجميع معها بمشاعر التضامن والأسى والحزن.

ألغت عائلات أفراحها أو قلّصتها إلى حدّ كبير. وباستثناء وجبات العشاء التي تقدم للضيوف، تخلو معظم الجلسات من مظاهر البهرجة والألعاب النارية وأصوات الأبواق، وباتت الأعراس والأفراح باردة تعبّر عن التأثر الكبير بما يشهده قطاع غزة من قتل وإبادة جماعية وتدمير بيوت وبنى تحتية.

بسبب التطورات المؤلمة في غزة، قرر ميلود خروبي، وهو عسكري، أن يقيم عرسه في منزله بمحافظة تيبازة، وتخلى عن قاعة الحفلات، وأيضاً عن كل مظاهر الفرح. ويقول: “لم أستطع أن أقيم فرحاً كبيراً بعدما تأثرت بما شاهدته في غزة، واكتفيت باحتفال صغير مثل إعلان زواج، لأنني لا أرى أي طعم للأعراس في وقت نموت كل يوم”.

واللافت أن اهتمام الجزائريين بالقضية الفلسطينية وتعلّقهم بها أرجأ أعراساً واحتفالات في مناطق عدة للتعبير عن الحزن الكبير الذي يشعرون به تجاه ما يحدث في غزة.

في وسائل النقل العمومية، يتحدث المسافرون عن غزة والتطورات الميدانية، ويتداولون الأخبار والتحاليل، ويؤكدون تطلعهم إلى انتصارات المقاومة. ولا يعلو في المقاهي نقاش على أحداث غزة بعدما فرضت الحرب نفسها كموضوع رئيسي في النقاشات. يتداول الجالسون إلى طاولة الشاي آخر المستجدات والتطورات التي تحصل في المنطقة، ويمكن ملاحظة الاهتمام البالغ والمتابعة الكبيرة للأخبار والاستماع بكثير من التركيز لخطابات أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب القسام. ولا تخلو هذه النقاشات من توجيه انتقادات لاذعة للأنظمة العربية التي بقيت في وضع المتفرج، ولم تتحرك لنصرة الفلسطينيين.

تغيّرت أيضاً خلال الفترة الأخيرة بوصلة صناعة ونشر المحتوى على مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي، والتي تحوّلت إلى غزة، إذ لم يعد جزائريون كثيرون يشاركون متابعيهم أخبار رحلاتهم وأفراحهم، ويتجنبون نشر كل ما يمكن أن يشير إلى ذلك احتراماً لمشاعر الفلسطينيين، وكذا الجزائريين المنشغلين بالحرب. كذلك يتجنب هؤلاء الوقوع في شباك الانتقادات اللاذعة التي قد تطاولهم جراء منشورات تخصّ حياتهم الشخصية.

باتت أخبار غزة وفيديوهات عمليات المقاومة ضد الجنود الإسرائيليين وتفجير آلياتهم العسكرية الأكثر تداولاً في معظم حسابات الجزائريين على منصتي “تيك توك” و”فيسبوك” مع تركيب موسيقى حماسية وبعض الأغاني والأناشيد العربية التي تتطرق إلى القضية الفلسطينية.

وبسبب ما يحدث في غزة، تغيّر سلوك الجزائريين في طرح انشغالاتهم ومشاكلهم الاجتماعية، سواء في وسائل الإعلام أو المجالات المهنية، وتأخرت هذه المشكلات لصالح التركيز على أحداث غزة، خصوصاً أن القنوات المحلية في الجزائر باتت تركز في تغطياتها أيضاً على أحداث وتطورات الوضع في غزة، والفعّاليات المحلية لدعم غزة في المدن الجزائرية.

وقررت بعض النقابات والمجموعات الاجتماعية تأجيل تحركات احتجاجية، وبينها نقابات الأطباء والمستخدمين، كذلك دفعت التطورات الكثير من الجمعيات الأهلية النشطة في المجال الاجتماعي إلى توجيه جهدها لتنظيم فعّاليات لدعم غزة وجمع المساعدات والمواد الغذائية لقطاع غزة.

ويقول ممثل جمعية الهلال الأحمر الجزائري بمحافظة تيبازة، عبد القادر عموري: “تحوّل النشاط الأهم للمنظمة إلى تلقي الدعم والتبرعات من المواطنين والقطاعات، التي تشمل مختلف المواد الاستهلاكية والمستلزمات تمهيداً لإرسالها إلى قطاع غزة، ويلاحظ حصول تغيّر كبير في الأنشطة الطلابية التي تعمل لتقديم الدعم اللازم للفلسطينيين، وحث الطلاب على الالتفاف حول القضية الفلسطينية”.

ويفسّر المتخصص في علم الاجتماع، الدكتور حليم مصطفى، مستوى تغيّر بعض الطباع وعادات الجزائريين في متابعة الأخبار والانشغال بالتطورات في غزة، بالظروف التاريخية لارتباط الشعب الجزائري الوثيق بالقضية الفلسطينية منذ الاستقلال، وطبيعة الشعب الجزائري العاطفي الذي يظهر تفاعلاً كبيراً مع القضايا التي تمسّ العروبة والإسلام، ما يعبّر عن قوة الانتماء إلى القضية التاريخية.

وهكذا يعيش الجزائريون يومياتهم على إيقاع ما يحصل في غزة، ويستعيدون أيضاً بعض ذكريات وتفاصيل ماضيهم الأليم خلال فترة الاستعمار الفرنسي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here