الحوادث المنزلية تفتك بالأطفال في صمت

2
الحوادث المنزلية تفتك بالأطفال في صمت
الحوادث المنزلية تفتك بالأطفال في صمت

أفريقيا برس – الجزائر. مع الدخول الاجتماعي والدراسي، تنشغل الأسر بتجهيز مستلزمات العودة إلى المدارس، من شراء الكتب واللوازم إلى تنظيم جداول الحياة اليومية من جديد، ويتم التركيز في البداية على عودة الأبناء إلى المدارس، وتهيئتهم للخروج باكرا، لكن وسط هذه الانشغالات، يغيب عن الكثيرين من الأمهات خطر صامت يهدد الأطفال داخل بيوتهم، وهو الحوادث المنزلية، التي تعتبرها الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي” فورام”، ظاهرة خطيرة أودت بحياة الكثير من الأطفال.

وتشير تقارير طبية وإحصائيات من مصالح الطوارئ، والحماية المدنية، أن عدد الأطفال الذين يتعرضون لإصابات أو حتى وفيات بسبب الحوادث المنزلية يرتفع بشكل ملحوظ في فترة الدخول المدرسي، ويأتي ذلك بين اللهاث خلف مستلزمات المدرسة وضغط الوقت والعمل، وتقل المراقبة المباشرة للأطفال خاصة غير المتمدرسين، ما يجعلهم عرضة للسقوط، الحروق، الاختناق، أو حتى التسمم.

وأشار البروفسور مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي” فورام”، إلى أن بداية الموسم الدراسي، تسجل زيادة في حالات الحروق الطفيفة والمتوسطة نتيجة انشغال الأمهات بالتحضيرات المدرسية، وترك الأطفال قرب مصادر الخطر كالمطبخ أو الأجهزة الكهربائية، في حين إن ظاهرة بيع مواد التنظيف والمواد الكاشطة أمام البيوت من طرف بعض الباعة المتجولين، الذين يعبئونها في قارورات العصائر والمياه المعدنية، و”اليايورت”، زادت الطين بلة، قائلا إنه في ظل الضغوطات تنسى الكثير من ربات البيوت وضعها في أماكن آمنة، أو ينشغلن عن أبنائهن خاصة الرضع الذين يعتقدون أنها سوائل صالحة للشرب، وحذر محدثنا من هذه التجارة التي يراها غير خاضعة للضوابط القانونية، وهي تهدد الأطفال والكبار معا.

وكشف البروفسور مصطفى خياطي، بصفته مختص في طب الأطفال، أن مصلحة مستشفى سليم زميرلي، سجلت عشرات حالات التسمم لأطفال تناولوا سائل حمض تصبير الزيتون، الذي يترك في متناولهم، بحيث يسد هذا الحمض البلعوم، ويضطر الأطباء إلى إجراء عمليات جراحية تتمثل أحيانا في اخذ قطعة من القولون، لحل المشكل، وهي حالات سجلتها، أيضا، عدة مصالح ببعض المستشفيات العمومية.

ضغط نفسي وعقلي على الأمهات

وقال خياطي، إن هناك ضغطا نفسيا وعقليا على الأمهات في المجتمع، ومما جعل الحوادث المنزلية ظاهرة في السنوات الأخيرة، يرجع بحسبه، إلى عدد الأطفال في الأسرة الجزائرية مقارنة ببعض الدول الأخرى، بحيث أكد أن النساء وخاصة العاملات، تعانين من ضغط الدخول المدرسي، خاصة أن بعضهن تضطر للقيام بكل شيء لوحدها، ويتركن أبنائهن الصغار يلهون لوحدهم في الغرفة.

ويرى خياطي أن الضغط النفسي الذي تتعرض له الأمهات، وخاصة العاملات، يزيد من خطر الإهمال غير المقصود، في وقت يتطلب الأمر مزيدا من الوعي والتنظيم الأسري لتفادي الكوارث، ودعا إلى ضرورة رفع وعي العائلات الجزائرية، قائلا: “يجب أن تكون هناك حملات توعوية حول مخاطر الحوادث المنزلية، خاصة خلال فترات الانشغال القصوى كالدخول المدرسي”، ونصح محدثنا بتعزيز السلامة المنزلية، مثل وضع حواجز على النوافذ، وإخفاء المواد الخطرة، واستخدام أدوات أمان للأطفال، ومشاركة المسؤوليات، من خلال ضرورة تقاسم الأعباء داخل الأسرة، وتفادي تحميل الأم وحدها مسؤولية الدخول المدرسي.

ارتفاع مخيف للأرقام..

وفي السياق ذاته، أكد المكلف بالاتصال لدى المديرية العامة للحماية المدنية، الملازم كريم بن حفصي، في تصريح لوسائل الإعلام، أن الحوادث المنزلية، واحدة من المهام التي يستعد لها رجال الحماية المدنية، مع الدخول الاجتماعي، وأن مصالحه تسجل خلال هذه الفترة، وعلى عكس فترة العطلة، أرقام ملحوظة تتعلق بأطفال تعرضوا لبعض الحوادث المميتة أحيانا، والتي تتطلب حالات استعجالية.

وقال إن مصالح الحماية المدنية، سجلت في الآونة الأخيرة، تسممات عند أطفال جراء تناولهم مواد تنظيف ومواد كاشطة، تباع أحيانا في قارورات العصير و”اليايورت”، والمياه المعدنية، ما يجعل الطفل يختلط عليه الأمر، خاصة عندما يعود من المدرسة وهو منهك، بينما تم اسعاف أطفال رضع، تعرضوا للسقوط..

وقال بن حفصي، إن الحوادث المنزلية تظل من أكثر أسباب وفيات وإصابات الأطفال التي يمكن تجنبها بسهولة لو توفر الحد الأدنى من اليقظة والوعي، فالدخول المدرسي ليس مجرد شراء أدوات وملابس، وإيصال الأبناء للمدارس، بل هو أيضا فرصة لتجديد الالتزام بحماية الأطفال داخل البيت، حيث يفترض، بحسبه، أن يكون المكان الأكثر أمانا لهم.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here