القطيعة تتفاقم بين الجزائر وفرنسا

13
القطيعة تتفاقم بين الجزائر وفرنسا
القطيعة تتفاقم بين الجزائر وفرنسا

أفريقيا برس – الجزائر. قطع الرئيس الجزائري، الطريق على فرص التطبيع بين بلاده وفرنسا، بعد أن تناول شخص الكاتب الموقوف بوعلام صنصال، بكونه عديم هوية ومجهول الأب، وأنه كان مكلفا بمهمة من طرف الفرنسيين، الذين طالبهم في خطاب الأمة أمام البرلمان بالاعتذار للجزائريين عن الحقبة الاستعمارية، وتطهير آثار جرائمهم في بلاده، الأمر الذي يجعل الأزمة بين البلدين تسير الى المزيد من التأزيم، عكس ما تردد حول امكانية استغلال فرصة العفو الرئاسي لاطلاق سراح الرجل والتخفيف من حدة الأزمة.

عبر الناشط والمحلل السياسي علي آيت جوي، لـ “أفريقيا برس”، عن استغرابه من خطاب الرئيس عبدالمجيد تبون، أمام غرفتي البرلمان، بسبب تحويله قضية فردية إلى خطاب دولة، واستغلاله للهجوم على شخص يوجد في حالة توقيف وينتظر محاكمته، وهو أمر غير مسبوق في خطابات رؤساء البلاد منذ الاستقلال الى غاية الآن.

ويتردد في أوساط مقربة من السلطة، أن الرئاسة الجزائرية أوعزت للمؤسسات الإعلامية المحلية، بعدم نشر أو بث المقطع الذي تحدث فيه الرئيس عبدالمجيد تبون، عن شخص الكاتب الفرانكوجزائري بوعلام صنصال، الموقوف منذ منتصف شهر نوفمبر الماضي، والمحال على السجن المؤقت في انتظار محاكمته.

وتوحي المعلومات الى أن الفريق السياسي والإعلامي في رئاسة الجمهورية، يكون قد انزعج كثيرا من ارتدادات المقطع لدى الرأي العام، خاصة وأن المسألة تم تداولها على نطاق واسع في الاعلام الدولي، لاسيما الفرنسي الذي أحاط الخطاب بتغطية خاصة وأفرد له مساحات واسعة في الفضائيات والصحف والمواقع.

وكان الرئيس تبون، قد تناول لأول مرة قضية الكاتب الفرنسي بوعلام صنصال، ووصفه، بـ “المحتال.. المبعوث من فرنسا”، وبـ “مجهول الهوية والأب”، وهو ما كانت قناة النهار الخاصة، قد تناولته في سلسلة من تقاريرها، لما كان السجال محتدما في الدوائر السياسية والإعلامية بالبلدين.

وقال الرئيس الجزائري، “أرسلتم لنا خائنا لا يعرف أباه ليقول لنا إن نصف الجزائر ملك لدولة أخرى”، وهو ما يترجم مدى الانزعاج الجزئري من محتوى التصريحات الأخيرة التي أدلى بها بوعلام صنصال لوسائل اعلام فرنسية، ساوى فيها بين ثوار الحرب التحريرية الجزائرية وبين عناصر التنظيمات الجهادية كالقاعدة وداعش، وزعم أن محافظات كاملة بالغرب الجزائري هي ملك للمغرب، وأن فرنسا هي التي تلاعبت بالحدود الجغرافية بين البلدين.

وأكد آيت جودي، لـ “أفريقيا برس”، بأن “خطاب الرئيس الجزائري لم يراع الأعراف الديبلوماسية والتحفظ السياسي، وأن لهجته ستعيد العلاقات بين البلدين الى مربع الصفر، الأمر الذي سينعكس على المصالح الوطنية، خاصة الجالية الجزائرية في فرنسا، التي باتت تحت أنظار وضغط اللوبيات المتطرفة”.

ويتوقع مراقبون أن تسير العلاقات الجزائرية- الفرنسية بعد خطاب الرئيس تبون، الى المزيد من الانحدار والتأزيم، ولا يستبعد هؤلاء أن يحشد صناع القرار في باريس مكانتهم ونفوذهم في الاتحاد الأوروبي من أجل ممارسة المزيد من الضغط وعزل الجزائر.

وعلى النقيض من ذلك ذهب النائب البرلماني المستقل عبدالصادق سليم، الى أن خطاب الرئيس تبون، كان صريحا ومباشرا ومعبرا عما يتردد لدى الجزائريين، عن دور الكاتب بوعلام صنصال، في ضرب قيم وثوابت الأمة، وتعبئة منتوجه الأدبي في خدمة جهات أيديولوجية فرنسية وأنظمة توسعية معادية للجزائر، وعبرت عن نوايها بشكل صريح في التوافق على انتهاك سيادة وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.

وأضاف لـ”أفريقيا برس”، بأن “الرئيس تبون، نابع من فئات الشعب ويعبر عن ارادته، وهو شخصية معروفة بصراحتها وعفويتها، في الذهاب مباشرة الى الهدف والفكرة بدون لف أو دوران، ولذلك جاء رده صريحا للدوائر والنخب الفرنسية التي اعتقدت أنها ستمارس ضغطا على الجزائر وتثنيها عن مواقفها، بواسطة استغلال قضية الكاتب الموقوف المتهم بالمساس بسلامة بأمن وسيادة الدولة والوحدة الوطنية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي”.

وساد الاعتقاد بأن أزمة الكاتب المذكور اقتربت من نهايتها، بعد اصدار الرئيس الجزائري، لعفو جزئي عن مساجين في غضون الأسبوع الجاري، منهم 14 سجين رأي محكوم عليهم، وثمانية آخرين يوجدون رهن التحقيق، على أن يتم استغلال العفو للافراج عن الرجل وانهاء الأزمة المستجدة مع فرنسا، إلا أن خطاب الرئيس قطع الطريق تماما أمام الفرصة المنتظرة، ودفع بعلاقات بلاده مع فرنسا الى منحدر غير مسبوق.

وذكر الإعلامي والمحلل السياسي المغترب عبدالرحمن سمار، لـ “أفريقيا برس”، بأن “مضمون خطاب الرئيس كان بمثابة حكم مبكر على بوعلام صنصال، وأن القضاء الجزائري سيجد نفسه في موقف صعب، بما أن رئيس الجمهورية وهو القاضي الأول في البلاد، قد أصدر حكما سياسيا مبكرا، على متهم لا زال بريئا في نظر القانون الى غاية أن تثبت ادانته”.

وأضاف: “لم يحدث في تاريخ رؤساء الجزائر المستقلة أن وجهوا خطابا للأمة بمستوى هذا الشحن والهجوم على شخص متهم، أو على دولة ما، رغم أن العلاقات الديبلوماسية تحكمها الأزمات والتوترات كما تحكمها المصالح المشتركة”.

وتابع: ” مهما كانت الخلافات بين الجزائر وفرنسا، فان التحفظ يبقى قاعدة محترمة من طرف القيادات السياسية، لأن المصالح المشتركة تتطلب قدرا من ضبط النفس وإعطاء الأولوية للحلول على حساب الأزمات، فهناك تبادل مشترك بين البلدين وصل العام الماضي الى 11 مليار دولار، وتبقى فرنسا من الشركاء الأوائل للجزائر، فضلا على تواجد جالية جزائرية تقدر بثلاثة ملايين على الأراضي الفرنسية، وسبعة ملايين من المهاجرين ومزدوجي الجنسية، وهو ثقل اجتماعي يستوجب مراعاته في جميع الحالات”.

وهاجم الرئيس تبون، فرنسا الاستعمارية (1830- 1962)، بالقول: “من يقول تركنا الجزائر جنة، ليعلم أنه غداة الاستقلال 90 بالمائة من الشعب الجزائري كان أمّيا، الاستعمار ترك الخراب في الجزائر”.

وأضاف: “عليهم الاعتراف بتقتيل وذبح الجزائريين، يدعون الحضارة وفي الوقت نفسه يفتخرون بسلب جماجم على أنها غنائم. نطالب بتنظيف النفايات النووية بمواقع تجاربها في صحرائنا”.

ولفت الى أن “فكرة الحكم الذاتي فكرة فرنسية وليست مغربية ونحن على علم بذلك منذ عقود.. خيارات الحلول في قضية الصحراء الغربية بالنسبة لهم تتراوح بين المُرّ والَأمَرّ، بينما هي قضية تصفية استعمار وتقرير مصير”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here