توهامي مجوري: لماذا يغيب خيار الدولة الواحدة في فلسطين؟

2
توهامي مجوري: لماذا يغيب خيار الدولة الواحدة في فلسطين؟
توهامي مجوري: لماذا يغيب خيار الدولة الواحدة في فلسطين؟

أفريقيا برس – الجزائر. يعد الباحث والكاتب توهامي مجوري، من الفاعلين الجزائريين المهتمين بتفعيل آليات الوعي عبر جملة من المشاريع والبرامج، على غرار مؤسسة “ميلاد”، المتفرغة للشأن الفكري والثقافي لقراءة وتحليل الظواهر السياسية والأيديولوجية، لاسيما على المستوى المحلي والاقليمي.

ويبدي الرجل اهتماما لافتا بالجانب الاصلاحي والتوعوي، كامتداد للرسالة التي ناضلت من أجلها جمعية العلماء المسلمين، التي رفعت راية الاصلاح الاجتماعي والديني في ثلاثينيات القرن الماضي، كمنصة للتحرر من الاستعمار الفرنسي، انطلاقا من صناعة الفرد والفكرة التحررية.

“افريقيا برس”، طرحت العديد من الاستفهامات والاهتمامات المطروحة في المشهد الجزائري والعربي والاسلامي، على الباحث والكاتب توهامي مجوري، فقدم قراءة متشائمة عن علاقة النخب بالسلطة ودورها في المجتمع، والصراعات الأيديولوجية المزمنة، وأبدى ترجيحا على ما يبدو لخيار الدولة الواحدة في فلسطين يتعايش فيها الفلسطينيون واليهود معا، كما هو الشأن في جنوب افريقيا بعد سقوط نظام الأبرتايد.

أوحى اللغط اللافت الذي رافق حضور ومشاركة الرئيس السابق لحركة “حمس” عبدالزراق مقري، في أسطول الصمود، إلى أن خصوم تيار الاسلام السياسي في الجزائر لا زالوا يرفضون ريادته، برأيكم هل المسألة تتعلق بحسابات سياسية ضيقة، أم بعودة الاستقطاب بين التيار وخصومه؟

ما يصدر عن خصوم التيار الإسلامي طبيعي وعادي، لأن مواقفه غير خفية وهي لم تشارك في هذه الحملة كعادتها بقوتها المعهودة فيما أحسب، لأن الأسطول قد شارك فيه الجميع إسلاميين وغير إسلاميين، ولكن في تقديري أن الحملة “فايسبوكية” أكثر منها شيء آخر، واستغلها خصوم الرجل وحزبه أكثر من غيرهم فمنهم الإسلاميين وغيرهم، وهي حملة غير أخلاقية، وإلا لماذا تتركز في حق رجل مخاطر بحياته في سبيل قضية عادلة؟.

فالرجل إذا قام بما قام به استغلالا للمناسبة فهو سياسي ومن حقه فعل ذلك، وإذا فعلها نفاقا ومراوغة، فالمستفيد منها في كل حال هم أهلنا في غزة، وإذا فعلها صادقا وهو الغالب في ظني، فليس غريبا عن جزائري يفعل ذلك في الانتصار للقضية الفلسطينية

غير بعيد عن ذلك سجلت شبكات التواصل الاجتماعي ردود فعل جزائرية حادة على قائد حماس في قطاع غزة على خلفية تصريحات “الشكر”، أين تضعون تلك الردود، وهل هي ملامح تيار شعبي أو سياسي معارض للمقاومة الاسلامية؟

هنا يظهر الخصم العنيد للتيار الإسلامي والتيارات المحافظة عموما، وهو التيار الذي يعمل جاهدا على وصل الجزائر بالمتوسط وفصله عن امتداده الطبيعي العربي الإسلامي، والطعن في الجهة -وهو القائد الحمساوي- ليس هو المقصود لذاته وإنما المراد هو تسميم العلاقات بين كل ما يصل الجزائر بالمشرق وبالعرب وبالمسلمين، للضغط على السلطة وفرض المعاملة بالمثل كما هي العادة في القضايا الدبلوماسية، وإلا فالجزائر من حيث المبدأ، فإن أعمالها معروفة رسميا وشعبيا، ولا تنتظر جزاء ولا شكورا من أحد. أما عدم شكر القائد الفلسطيني الجزائر، فلا أظنه يجهل كل ذلك، أما عدم ذكره للجزائر لا أظنه مقصودا، أو جهلا بدور الجزائر، وقد وضح مكتب حماس بالجزائر ذلك فيما صدر عنه من بيانات وتصريحات إعلامية.

انتهى العدوان الهمجي على غزة على ما انتهى عليه، ما هي رؤيتكم للاتفاق وكيف تتصورون مستقبل الوضع في القطاع وفي فلسطين عموما؟

لا ثقة في الصهاينة ولا في إدارة ترامب، فهم يكذبون أكثر مما يتنفسون. أما القضية من حيث هي، فلا أمن ولا أمان ولا سلام في الشرق الأوسط، إلا باجتثاث هذه النبتة الخبيثة -دولة الكيان- لأنها لا شرعية لها، فهي استعمار وامتداد للميثاق الاستعماري، الذي كانت تقوم به فرنسا وبريطانيا، وأبطلته العلاقات الدولة بعد الحرب العالمية الثانية، وأعاد تجديده “التوافق الغربي” في زرع اليهود في قلب العالم حماية لمصالحه.

وكل اتفاق أشرف عليه العالم ومنه معاهدات السلام ومساعي التطبيع، كلها تصب في هذا المصب، وهذا لا يحقق السلام، والاتفاق المذكور يدخل في هذا الرواق، ولكن يحسن الإشارة إلى حسنة وهي في صالح أهلنا في غزة وهي توقف الحرب.

وما أتوقعه أن القضية الفلسطينية عادت إلى مربعها الأول، إلى ما قبل أوسلو، من حيث أن اليهود يرفضون حل الدولتين، والعالم يريد دولتين إحداهما منقوصة السيادة، في شكل حكم ذاتي للفلسطينيين، والفلسطينيون يريدون دولة مستقلة على أرض بلادهم ولو كانت منقوصة الأطراف، ولكن قبل ذلك المقاومة قد أعادت القضية إلى أصولها وهي الدولة الفلسطينية المحتلة سنة 1948، فلماذا لا يفكر العالم في دولة واحدة تؤسس بكل من وجد في فلسطين ديمقراطيا يهودا وفلسطينيين يؤسسون لدولة تجمع الجميع وفق توافق دولي لصالح الشعب يهودا ومسلمين من السكان الأصليين الفلسطين والقادمين إليها من خارجها، مثلما وقع في جنوب إفريقيا؟ ولماذا لا يطرح حل عودة كل يهودي إلى البلد الذي جاء منه، لاسيما وأن كل اليهود يمتلكون جنسيتين: جنسية الكيان وأخرى من الدولة التي قدم منها؟.

أما مستقبل القضية فلا أرى بوضوح ما ستسفر عنه التغييرات التي سيشهدها العالم في ظل التحولات التي نلاحظها، لا سيما فيما يتعلق بالمؤسسات الدولية وما تتضمنه من انحرافات أخلاقية على مستوى التعامل مع الأطراف.

باتفاق غزة، وقبله اتفاق نزع سلاح حزب الله، والحرب الاسرائيلية- الايرانية، برأيكم ما مستقبل تيار المقاومة، وما مصير الفصائل الفلسطينية وحزب الله وحركة حماس؟

هذه الاتفاقات الظالمة، لا يمكنها القضاء على القضية، فقد نزع السلاح من القوى الوطنية الفلسطينية، بقرارات دولية وعربية وفلسطينية عندما هُجِّر الفلسطينيون من لبنان، وفرض عليهم الاستسلام باتفاقيات أوسلو، ومع ذلك نشأت صيغة جديدة للمقاومة والحجارة والسكاكين وانتفاضات الشوارع، ثم بميلاد حركات المقاومة الإسلامية: الجهاد الإسلامي ثم حماس، بل إن المظالم الصهيونية قد أثارت في القوى الفلسطينية الأخرى نخوة المقاومة من جديد، لاسيما بعد اغتيال أبو عمار الذي قرر التمرد على المظالم الأمريكية والصهيونية، فلا أظن أن المقاومة ستتوقف أو ستغلب، لسببين:

السبب الأول: أن العالم يتحول تحولا جذريا في بناء أخلاقياته وعلاقاته الدولية، فنحن الآن في مرحلة تشبه ما بعد الحرب العالمية الثانية، التي وضعت فيها قوانين جديدة ومؤسسات جديدة لتنظيم علاقات العالم ببعضه البعض، وحضور القضية الفلسطينية اليوم بفضل القوة التي سجلها السابع من أكتوبر وما ترتب عنه، سيخدم القيم الأخلاقية السياسية الدولية أكثر من ذي قبل.

السبب الثاني: أن المقاومة اكتسبت تعاطفا شعبيا كبيرا على مستوى العالم، وإذا كانت الأنظمة الغربية برمتها مع الكيان، فإن شعوب الغرب مع الحق الفلسطيني، ولكن المشكلة والتحدي الذي يواجه الفلسطينيين وعلى رأسهم المقاومة، وهو كيفية الاستثمار في هذا الجانب، وهل في مقدور المقاومة ومن يساندها الاستثمار إعلاميا ونضاليا في شعوب العالم، والاستثمار في الشباب منهم بصفة خاصة. إن استطلاعات أمريكية كشفت عن أن التعاطف مع الصهاينة انخفض كثيرا بالنسبة للمرحلة العمرية ما قبل سن الأربعين أي سن الشباب.

على أن عيب الفلسطينيين كما يقول منير شفيق، أنهم عندما كانوا في الخارج كان لهم نشاط دبلوماسي قوي جدا بحيث كانوا يؤثرون كثيرا في توجيه الرأي العام في العالم، ولم يكن لهم بالداخل ذلك الزخم من النشاط الفاعل، فكان المردود ضعيفا جدا. أما بعد أسلو فقد أصبح لهم نشاط كبير ومؤثر بالداخل، ولكن امتداداته في الخارج ضعيفة، ولذلك تغول الصهاينة.

وقد كشف السابع من أكتوبر عن هذه الثغرة الكبيرة وسدها بما يقدر عليه، ولكن الباقي على حسن الاستثمار في الجانبين معا، فالقضية الفلسطينية الآن حاضرة في العالم، ليست محل اهتمام الفلسطينيين وحدهم، وإنما هي محل اهتمام الجميع، وكل العالم مستعد للنضال فيها كما كانت خلال الستينيات والسبعينيات، وهي في حاجة إلى الإبقاء على حضورها في العالم كأحداث نضالية دبلوماسية ثقافية فنية فكرية ونشاط ثوري مقاوم، بما في ذلك الاستعداد لضرب جميع المصالح الغربية الداعمة للصهاينة، في كل مكان وبالوسائل المتاحة والممكنة.

أما بالنسبة لنزع السلاح، فلا أظن من السهل انتزاعه من أصحابه، سواء بالنسبة للمقاومة في غزة أو بالنسبة لحزب الله في لبنان، لأن وجود وجودها مرهون به مع فارق بين الحركتين، فسلاح المقاومة في فلسطين يختلف عن سلاح المقاومة في لبنان، أحدهما صاحب قرار سياسي مرهون بخياراته، والآخر مرهون بالجهة المؤثرة عليه، ومع ذلك وفي أسوإ الأحوال فإن المقاومة إذا ما غلبت على ذلك فإنها ستحدث من أساليب المقاومة ما لا يخطر على بال أحد، مع خصوصية المقاومة اللبنانية، فهي من جهة كونها تابعة لإيران، أما إذا استقلت عن إيران فإنها ربما تكتسب قوة أكبر على المستوى الوطني اللبناني، خاصة فيما يتوقع من تطورات إيجابية في المنطقة لصالح المقاومة في إطار التحالف السوري التركي.

فقدت الجزائر مؤخرا واحدا من الشخصيات السياسية والفكرية البارزة، وهو الدكتور أحمد طالب الابراهيمي، برأيكم هل لا زالت الجزائر بلدا يأكل نخبه، كما تأكل الثورات أبناءها؟

أي والله فالجزائر لا تأكل نخبها فحسب، وإنما تقضي على التعاطف معهم أيضا، وقد ورثت هذا القبح من فرنسا “اللي يحوس يفهم” يدخل الحبس أو يحارب بأبشع وسائل الحرب، بل إن الجزائر تصنع التاريخ ولكنها لا تكتبه بسبب العداوة التي تحملها توارثا كمواقف وثوابت مزعجة من الثقافة والمثقف، فهي تأكل نخبها ليس بموتهم فحسب، وإنما تأكلهم بالطعن فيهم أيضا، ومن الشواهد على ذلك، الحملة التي يتعرض لها مالك بن النبي رحمه هذه الأيام وقبل اليوم، وهو رجل اكتشفه لنا السوريون واللبنانيون ولم نكتشفه نحن!!

ومع ذلك فبدلا بأن نفخر بهذه القامة وننزلها منزلتها، فقد عاش يعاني من حملات خصومه وهذه الأيام يتعرض للغمز واللمز والنعوت المسيئة، فلا استبعد أن يتعرض الدكتور أحمد طالب بعد حين لما يتعرض له مالك بن نبي اليوم، وقد نعت ذات يوم بـ “الإمام المخفي” لأنه سمح للطلبة بإنشاء مسجد بالجامعة في سنة 1968.

فالدكتور طالب رحمه الله قليل أمثاله ممن جمعوا بين الثقافة والأخلاق العالية إلى الجانب النضالي السياسي الملتزم، وقد كتبت عنه مقالا بعنوان “الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي: الرجل الذي خسرته الثقافة ولم تربحه السياسة”، حكى لي ابنه بشير، أنه ذات يوم ذهب معه إلى مكتبه بوزارة الخارجية وكان عمره 14 سنة يومها، وفي طريقهم لقيهم شخص لاحظ عليه بشير أنه تجنبهم بصفة ملفتة!! فتعجب الطفل وسأل أباه بعدما وصلا إلى المكتب، هل انتبهت لذلك الرجل الذي تجنبنا؟ فأجاب الوالد بلى… ومن هذا الرجل؟ أجاب الوالد هذا واحد ممن كانوا يعذبونني في السجن في عهد بن بلة.

في كل مرة تفقد الجزائر شخصية من شخصياتها البارزة، تلوح ملامح الندم والحسرة، برأيكم ما هي دلالات ضياع الفرص أو عدم استفادة البلاد من نخبها ومن استحقاقاتها الدورية؟

السبب في تقديري يكمن في فقدان الثقة الذي توارثناه فيما بين السلطة والشعب، وبين السلطة والمثقف، وبين المثقفين المختلفين أيديولوجيا فيما بينهم، ففيما بين السطلة والمعارضة، لا يوجد أي تواصل له أهمية، بل إن العلاقة التي يحرص عليها النافذون هي إيجاد “خماسين” لا مناضلين سياسيين، وبين النخب فيما بينهم يحاكمون بعضهم بعضا عن بعد، ولم يكلفوا أنفسهم البحث عن جسور تواصل بينهم، لإيجاد إيجابيات متبادلة تردم الهوة التي بينهم فتقلص الخلافات، وقد صدق الدكتور سعيد سعدي عندما قال للدكتور أحمد بن محمد “لو التقينا قبل اليوم ما وقع الذي وقع”، وذلك في إطار اللقاءات التي كانت تقوم بها الشخصيات السياسية خلال أزمة العشرية الحمراء.

فقد كنا نرى أن كل من في السطلة مجرم، ولكن فيما بعد اكتشفنا أن مؤسسات السلطة كغيرها ساحات المجتمع الواسعة فيها “المُحُرُم وفيها المجرم”، فلم نكتشف حقيقة الرئيس الشاذلي بن جديد رحمه الله وصدقه إلا بعد الانقلاب عليه، كما كشفت لنا العشرية الحمراء عن عبد الحميد مهري وأحمد طالب الإبراهيمي وحمروش ولمين خان وفضيل سعيدي ومحمد الطاهر بن عبد السلام… وغيرهم كثير، ولا زلنا نكتشف بين الحين والآخر، المخلصين للجزائر وشعبها.

والمشكل أن هذه الاختلالات تنبني عليها آراء ومواقف نتجرع مرارتها إلى الآن، وكأنني بمراصد وضعت خصيصا لذلك، لا تكشف لنا عن فضائل الإطار الصالح إلا في حالات معينة، وهذا العيب هو عيب النخب في الحقيقة؛ لأنها هي المطالبة بالكشف عن هذه الشخصيات وقيمها ليحبها الناس، لأن عامة الشعب تكرر ما تقول النخب الثقافية والسياسية، ونخبنا لا يوجد في قاموسها ألفاظا صالحة للمدح والثناء والاعتراف بالجميل.

تعدون من الشخصيات التي ناضلت وعاصرت تطورات التيار الاسلامي في الجزائر، كيف تقيمون التجربة خاصة بعد حقبة العشرية الدموية؟

التيار الإسلامي بفضائله واختلالاته قد أدى ما عليه، وبحكم التجربة فهو لا يزال يعدل من فنون خطابه وآليات أدائه الميدانية، ولكن مشكلته أنه لم يستطع الحفاظ على مميزاته الثقافية، فحرم المجتمع من فضائله المميزة له، وذلك بسبب ضغوط السلطة التي تجرم استعمال الدين في الخطاب السياسي، وضعف الممارسة السياسية، التي لم تمكنه من الحفاظ على الخطاب من غير مصادمة لمقررات السلطة.

فالإسلام هو دين الدولة، والمرجعيات القانونية في مجملها إسلامية والشعب مسلم، ومع ذلك لم يستطع التيار الإسلامي أن يشق طريقه في الحياة السياسية بآليات سياسية بعمق ثقافي أصيل، وإنما ذوّب نفسه في التجربة السياسية التقليدية فدخل قوالب الكوطات وتقاسم الريع.

تميلون في مساركم الى الجانب الفكري والبحثي في التعاطي مع الظواهر السياسية والأيديولوجية والاجتماعية عبر مجموعة من المشاريع والبرامج، فما هي الاضافة التي تبحثون عنها لخارطة طريق تاهت السلطة والمعارضة في ايجادها؟

لا نزال لم ننزل الثقافة منزلتها للائقة بها ووضعها في موقعها بالمؤسسات -سلطة ومعارضة-، فلا تزال جميع المعايير التي يمارسها القوم خاضعة لمنطق الولاءات والتجاذبات والمصالح الآنية، في حين أن من بدهيات النضال السياسي وضوح الرؤية الثقافية السياسية للمجتمع، فبعضنا يطرح أزماتنا في كونها أزمة هوية! وآخر يراها حاجة مالية! آخر يراها مجرد تهريج سياسي في تجمعات وخطابات تسويقية! وآخر يراها أزمة رجال أي لا يوجد رجال في الجزائر!.. وهلم جرا.

في حين أن من أوليات النضال الذي يهتم بالشأن، أنه ينظر إلى الواقع ويتلمس الحاجات التي ينبغي تحقيقها ليرسم برنامجا أو مشروعا إصلاحيا، ثم يرسم خططا تنفيذيه بالتعاون مع الجميع لأن المصلحة العامة تهم الجميع، بل إن المعارضة مطالبة بمساعدة السلطة في المشترك بينهما، ولذلك أرى فيما تطرح نخبنا سطحية مبالغ فيها، وسوء ظن متبادل بين الجميع، وذلك بسبب ضعف التواصل بين الجميع وبغياب الوعي عن الجميع، لأن الوعي لدى النخب هو الذي يشعر الناس بما على عاتقهم من مسؤوليات تنتظرهم تجاه أنفهم وتجاه الغير.

يعاني تيار الاسلام السياسي في الجزائر وعموم المنطقة، من مثبطات داخلية واقليمية، هل ترون أن انتكاسته هي وليدة قوة قاهرة، أم عدم قدرة على قراءة واستشراف السياق والمحيط، أو حتى القيام بمراجعات ضرورية؟

صحيح أن التيار الإسلامي يعاني سياسيا من ضعف ذاتي وضغط خارجي، إلا أنه أصبح رقما لا يمكن تجاهله في المعادلة السياسية والثقافية دوليا ومحليا، ولكن المشكلة في ضعف المستوى الفكري والثقافي لدى الممارس الإسلامي، إذ لا يزال ضعيفا ودون مستوى الحضور، أي أن التيار الإسلامي له حضور قوي في العالم وخاصة على المستوى الفكري والقيمي، ولكن نخب المسلمين دون ذلك المستوى، وهذا يضعف من الترويج لما يملكون من قيم وفضائل تحتاج إليها الإنسانية.

ولذلك أتوقع أن يكون تجديدا على مستوى الخطاب الإسلامي، وما يوحي بذلك، هذه القفزة الاقتصادية والقيمية والثقافية والدبلوماسية والتنظيمية، التي حققتها بعض الدول الإسلامية على مستوى المؤسسة الرسمية، مثل تركيا وإيران وماليزيا، وقريبا قد تلتحق سوريا، وربما مصر التي هي في مرحلة غليان قد يسفر عن شيء، لأن العالم الإسلامي دون مصر يبقى منقوصا.

ومع اختلاف بين هذه الدول في طبيعتها، فتركيا رغم وجودها في الناتو فهي كقوة إقليمية محسوبة على العالم والإسلامي ولا تزال منبوذة في الإطار الأوروبي بسبب انتمائها الإسلامي، إنما إيران فتعد الأكثر استقلالية عن الغرب، ولكن طبيعتها المذهبية والتعصب القومي، جعل منها دولة مرفوضة في الإطار الإسلامي، خاصة وقد راهنت على الاستقطاب الشيعي أكثر من الانتماء الإسلامي، ومع ذلك فان الضربات الموجعة التي تلقتها من قبل الصهاينة، تجبرها على العودة إلى المربع الإسلامي والانتماء إلى الأمة، وقل مثل ذلك بقيت الدولة التي ذكرنا والتي لم نذكر. فالتحولات التي سيشهدها العالم خلال السنوات القادة ستجبر الجميع على الخضوع للخيارات الكبرى التي تتجاوز المساحات الصغيرة والمحدودة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here