حرائق غابات على أبواب الشتاء!

28
حرائق غابات على أبواب الشتاء!
حرائق غابات على أبواب الشتاء!

افريقيا برسالجزائر. عاش الجزائريون خلال 24 ساعة من يوم الجمعة، جحيما حقيقيا بسبب الانتشار الغريب والمخيف للحرائق التي أتت على مساحات هامة من الثروة الغابية بمناطق متفرقة من ولايات الوطن، أين تحولت الأجواء إلى شبه صيفية بسبب الارتفاع المحسوس في درجات الحرارة فضلا عن الانتشار الواضح للدخان بعدما ارتدت السماء اللون الغامق في كثير المدن بسبب تصاعد الدخان الكثيف، في وقت اعتبرت منطقة قوراية بأقصى غرب ولاية تتيبازة منكوبة بعدما وصل لهيب النيران إلى حد تسجيل قتلى واختناقات.

كشف فريطاس سعيد، مدير مكتب المحميات الطبيعية واليقظة الإيكولوجية، أنه تم تسجيل 48 حريقا للغابات على مستوى 8 ولايات معظمها في الغرب الجزائري، مشيرا أن ولاية تلمسان شهدت 15 حريقا وسيدي بلعباس 6 حرائق، ووهران أربعة حرائق وثلاثة أخرى بولاية الشلف وحريقين بعين تيموشنت وحريقا واحدا بمستغانم.

أما بالمناطق الساحلية والوسطى- يضيف فريطاس- فقد تم تسجيل 9 حرائق بالبليدة وحريق واحد بقوارية في تيبازة خلف قتيلين نتيجة الاختناق بالدخان الصادر عن الحريق.

وأوضح مدير مكتب المحميات الطبيعية واليقظة الايكولوجية، أن الرياح القوية الساخنة التي تزامنت مع فترة الجفاف التي تمر بها ولايات الغرب والجزائر عموما، ساعدت كثيرا على انتشار الحرائق بسرعة، مشيرا أن الحريق الذي اندلع بولاية تيبازة حتم غلق الطريق الوطني رقم 11. وأضاف فريطاس أن النتيجة الإجمالية للخسائر الناجمة عن حرائق الغابات تم تسجيل 42638 هكتار من الغابات موزعة على 3298 حريق إلى غاية ظهر أمس.

ووضعت المديرية العامة للغابات مخططا خاصا لمواجهة الحرائق، كان من المقرر أن ينتهي في الـ31 أكتوبر، لكن مع الظروف المناخية وفترة الجفاف التي تساعد على انتشار الحرائق، أوضح المتحدث ذاته أنه تم الإبقاء على المخطط في بعض المناطق التي تعتبر ساخنة، مضيفا أن هذا ساعد على التدخل المباشر من طرف أعوان الغابات وأعوان الحماية المدنية جنبا إلى جنب لإخماد الحرائق الفجائية في ليلة واحدة (41 حريقا).

وأرسلت المديرية العامة للحماية المدنية كافة الدعم للولايات التي مستها الحرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية مع تركيز الجهود على حماية سكان القرى والمداشر، حسبما أكده العقيد فاروق عاشور مدير الاتصال على مستوى المديرية ذاتها.

وأوضح عاشور أنه تم إسعاف وإنقاذ عدد معتبر من الأشخاص القاطنين بالقرى والمداشر القريبة من بؤر الحرائق، مضيفا أنه تم تسجيل وفاة شخصين على مستوى دشرة واد ذهابة في مدجنة.

وأكد العقيد أنه تم إخماد معظم الحرائق المندلعة بعدد من الولايات والجهود متواصلة لإخماد الحرائق بولاية سيدي بلعباس و3 حرائق على مستوى ولاية تيبازة وحريق على مستوى ولاية الشلف، وسيتم إرسال مروحيات لتدعيم الفرق المتدخلة. تساؤلات كثيرة طرحها المواطن بسبب نشوب الحرائق في مناطق متفرقة وفي فترة واحدة، وعن من المتسبب في القضية، هل الأمر عادي؟

وفاة شخصين تفحما بالنار.. اختناقات وإجلاء المتضررين

وفي السياق، أكد الملازم الأول بخلية الإعلام للمديرية العامة للحماية المدنية، نايت ابراهم، في تصريح لـ”الشروق”، أن مصالحهم تدخلت خلال الـ24 ساعة الأخيرة، في 41 حريقا متفرقا بالعديد من المواقع المنتشرة بكل من ولاية وهران، سيدي بلعباس، الشلف، بومرداس، تيزي وزو، بجاية وتيبازة، هذه الأخيرة التي شهدت أكثر الخسائر المادية ووصلت إلى غاية البشرية ببعض القرى كدوار مهابة، سعدونة، املحاين، ايعاشوران، وايزا بأعالي بلدية قوراية، بتسجيل وفاة شخصين لقيا حتفهما تفحما بالنيران التي امتدت إلى غاية خم للدجاج “مدجنة” خاصة بهما، فيما وصلت ألسنة النيران إلى غاية التجمعات السكانية بقراها، حيث تم تسجيل اختناقات بين 10 أشخاص نتيجة استنشاقهم الدخان مع إخلاء 3 عائلات متكونة من 15 فردا.

حادث مأساوي آخر سجل بالموقع المسمى بقعة البساكرة ببلدية دروع بدائرة الشلف، بوفاة طفلين متفحمين على إثر حريق شب بمنزلهما. وعن سبب الحرائق المسجلة في فترة متقاربة ليوم واحد في عدة مناطق من الوطن، أكد نايت ابراهم، أن رجل الحماية مهامه متابعة الأحوال الجوية حيث يمكن أن تنتقل الحرائق في غالب الأحيان بفعل الرياح غير أنه لا يمكن لهم معرفة الأسباب الحقيقية التي تبقى من مهام مصالح محافظة الغابات التي يمكن لها أن تتبع مسبباتها وحجم الخسائر..

وأشار عضو تنسيقية النقابة الوطنية لعمال الغابات، خالدي عبد القادر، في تصريح لـ”الشروق”، أن قطاع الغابات بالجزائر أصبح مهددا نتيجة للارتفاع في عدد الحرائق المسجلة دوريا، مشيرا أن الحملات التحسيسية ضد الحرائق تبدأ من طرف المديرية العامة للغابات انطلاقا من 15 ماي من كل سنة على أن تختتم نهاية أكتوبر حيث تتزامن الفترة بتنظيم برنامج لحراسة الغابات، متكون من فرق متنقلة وأخرى ثابتة بالأماكن الحساسة لا سيما ذات الكثافة الغابية، أما شهرا نوفمبر وديسمبر فتخصص الفترة لتهيئة الأراضي وحفرها تحضيرا لغرس الأشجار، ويخصص تاريخ 21 مارس لليوم العالمي للشجرة.

وعن الأسباب الكامنة وراء حوادث النيران المتفرقة بمختلف غابات ولايات الوطن وفي فترة واحدة، اتهم المتحدث أطرافا وصفها بالفاعل، لها قصد وغاية وراء فعلتها هذه، مشيرا أنها سياسة مدبرة خاصة أنها تزامنت وانتهاء الحملة التحسيسية التي تتسم وتشديد الحراسة على الغابات ومداخلها، مؤكدا أن هذه الأفعال عادة ما تكون لتوريط المسؤولين أو لنهب الأراضي والبناء فوقها فضلا عن تجار الحطب الذين انتشر نشاطهم في الآونة الأخيرة بشكل ملفت.

من جهة أخرى، صنف رئيس نادي المخاطر الكبرى، الخبير في الكوارث الطبيعية، عبد الكريم شلغوم، الحرائق الأخيرة ضمن 10 المخاطر الكبرى التي تهدد الجزائر، مؤكدا على ضرورة إيلاء الدولة أهمية لتسيير مثل هذه المخاطر التي تأتي على ما يقارب ما بين 50 ألف و60 ألف هكتار من الغطاء النباتي سنويا، واتهم شلغوم في السياق، المسيرين وتسييرهم العشوائي فضلا عن غياب الخرائط الدقيقة بالنسبة للجبال والبلديات المتواجدة في مثل هذه المناطق، مؤكدا أن الأمر له علاقة كذلك بأياد خبيثة تتحكم في حرق الغابات مثلها مثل ما يحدث في العديد من الدول ومنها استراليا وأمريكا وغيرها، وأضاف أن 5 بالمئة من الأسباب تعود لفعل فاعل أما 95 بالمائة المتبقية فهي لسوء التسيير، ودعا رئيس نادي المخاطر، إلى ضرورة فتح تحقيق مستقل من أجل معرفة مسببات الحرائق المتتالية.

من جهتها، لم تستبعد حركة البناء أن تكون الحرائق الأخيرة المسجلة بالعديد من الولايات في فترة واحدة، جزءا من المؤامرة التي تحاك ضد الجزائر والتي ترفض الانتقال الآمن لوطننا نحو الاستقرار والعودة إلى الشرعية الشعبية وترفض من الجزائر مواقفها المشرفة والثابتة في دعم الحرية ورفض المساس بسيادتها ولا بسيادة ووحدة الدول وحقوق الشعوب المهضومة.

ودعت الحركة في بيان لها الشعب الجزائري إلى اليقظة التي تمكن من وقف تدمير مكتسبات الجزائر وثرواتها، محذرة من تعدد أساليب الأجندات المضادة للاستقرار وسياسة الدفع نحو الانزلاق نحو المجهول، كما ناشدت كل القوى الوطنية تمتين وتماسك الجبهة الوطنية في مواجهة التحديات والمخاطر الداخلية والإقليمية مع فتح تحقيق عاجل ومعمق والتكفل بالضحايا في العاجل.

قضى شابان حرقا، على مستوى حظيرة لتربية المواشي، وتعرض 61 شخصا للاختناق، فيما احترق أكثر من 30 منزلا واتلاف اكثر من 500 هكتار من الغابات والأراضي الفلاحية، اثر اندلاع حرائق بمناطق مختلفة من الجهة الغربية لولاية تيبازة، التي عاشت ليلة الجمعة إلى السبت حالة غير مسبوقة من الرعب، بعد ما حاصرت ألسنة النيران مدينة قوراية من عدة جهات، فيما اضطر عديد سكان الدواوير إلى الهروب، تاركين منازلهم.

اندلعت أمسية الجمعة عدة حرائق ببلديات قوراية، الداموس ومناصر في ولاية تيبازة، خلّفت خسائر في الأرواح والممتلكات، وزرعت الرعب في الدواوير، التي حاصرتها ألسنة النيران ولولا تدخل مصالح الحماية المدنية، بكل ما تملكه من وسائل مدعمة بمصالح الغابات والسكان المتطوعين، لحدثت الكارثة حسب شهادات سكان الدواوير الذين فروا في مشاهد مرعبة، نحو المناطق الآمنة لحماية أنفسهم، تاركين بيوتهم وممتلكاتهم.

بلدية قوراية التي كانت الأكثر تضررا من الحرائق، التي اندلعت فيها أمسية الجمعة بدوار ابلعيدن، قبل أن تنتشر بسرعة وتمتد نحو بقية الدواوير، بسبب قوة الرياح التي تجاوزت سرعتها 70 كلم في الساعة، ونظرا لصعوبة تضاريس المنطقة وقوة الرياح كانت عملية الإطفاء صعبة جدا، حسب ما أكده مسؤول الإعلام بمديرية الحماية المدنية الملازم الأول ميشاليخ محمد، حيث انتقلت ألسنة النيران نحو دواوير مهابة، سعدونة، اعاشورن، ازغراثن، وادي السبت.

المشاهد المرعبة التي لم يسبق للسكان أن عايشوها، من قبل حسب ما أكده الفلاح القاطن بدوار مهابة ولد مولود عبد القادر، دفعت بالفلاحين والسكان إلى الفرار في حالة فزع، فيما حاول بعض الفلاحين حماية منازلهم وبساتينهم، غير أن احتراق الكوابل الكهربائية حرمهم من استعمال المضخات، بالإضافة الى كثافة الدخان وقوة الرياح التي كانت تتلاعب بألسنة النيران في جميع الجهات، ما دفعهم إلى مغادرة أراضيهم وحماية أنفسهم، فيما تفحم الشابان وهما يحاولان حماية أبقارهما بإسطبل في دوار مهابة.

وحسب شهادات فلاحين بالدواوير التي مستها الحرائق، فإن سرعة تنقل النيران بفعل قوة الرياح، كان مرعبا ولا يتحمل المشاهدة، حيث يؤكد ولد مولود عبد القادر الذي يملك مزارع بدوار مهابة انه حاول رفقة بقية الفلاحين مقاومة النيران، التي أحاطت بمزارعهم، غير أنهم لم يتمكنوا لاسيما وان الكهرباء انقطعت بسبب احتراق الكوابل وهو ما حرمهم من استعمال مضخات السقي لإطفاء الحرائق، ويضيف أن كثافة الدخان وسرعة تنقل ألسنة النيران دفعهم إلى الهروب وترك البساتين التي احترقت عن آخرها، ويضيف أن أكثر من 3 ألاف شجرة من الحمضيات ومختلف أنواع الفواكه، وكذا بيوت بلاستيكية احترقت، وقال انه لما عاد أمس إلى مزرعته لم يتعرف عليها بسبب الدمار الذي خلفته الحرائق.

وقيم مدير الصحة والسكان الخسائر والأضرار الصحية التي نتجت عن الحرائق، معلنا وفاة شابين داخل إسطبل لتربية المواشي ويتعلق الأمر بالمدعو بومليد محمد (41 سنة) وخضري بلقاسم (31 سنة)، وتسجيل 61 حالة اختناق في صفوف سكان الدواوير تم التكفل بهم على مستوى المؤسسة الاستشفائية بقوراية، قبل أن يغادروا أمس المستشفى، كما تم التكفل النفسي من قبل الطواقم الطبية ببعض المتضررين.

من جانبه، قال نائب رئيس بلدية قوراية يمناين محمد يوسف، أن الحرائق مست حوالي 12 دوّارا، قبل أن تمتد نحو أطراف المدينة التي حوصرت من جميع الجهات. وتسببت في احتراق أكثر من 30 منزلا اغلبها بيوت قصديرية لفلاحين. بالإضافة إلى إتلاف مساحات “هائلة” من محاصيل زراعية هائلة، الأمر الذي دفع خلية الأزمة التي شكلتها والية تيبازة لبيبة ويناز مباركي، إلى التكفل بالعائلات الفارة من منازلها على مستوى بيت الشباب ومخيم نفطال، فيما تم دفن الضحيتين مساء السبت في جو مهيب حضره جمع من المواطنين والسلطات المدنية والعسكرية للولاية.

من جانبه، قال مسؤول خلية الاعلام بمديرية الحماية المدنية لتيبازة، أن الحرائق شملت 14 دوارا بكل من قوراية والداموس ومناصر، حيث تم إخماد الحرائق بثلاثة دواوير ببلدية مناصر، بعد ما خلفت خسائر فاقت 100 هكتار من المساحات الغابية، فيما لا تزال عمليات الإطفاء جارية بقوراية بعد محاصرة النيران، وسخرت مصالح الحماية المدنية كل الوحدات بالولاية بالإضافة إلى دعم الوحدة الوطنية للتدريب بالدار البيضاء وحوّامات الإطفاء.

عاش سكان قرية أربوز ببلدية مسيردة، في أقصى غرب ولاية تلمسان، ليلة صعبة جدّا، بعد أن عانى السكان طويلا بسبب الحرائق، التي جاءت عقب 48 ساعة من الرياح القوية التي شهدتها كافة ولاية تلمسان، وتميزت بتناثر كثيف للغبار في كل الاتجاهات. أحوال جوية صعبة ضاعفت من المعاناة، بعد أن اندلعت النيران في جبال مسيردة الفواقة، لتطال عدة قرى من بينها سيدي صالح ومعروف وتصل لغاية منطقة بيدر الساحلية.

عائلات تفتح مساكنها لإيواء الفارين

وفي ظل تواصل هبوب الرياح الهوجاء، انتشرت النيران، وحوصرت عشرات العائلات بقرية سيدي صالح الواقعة تحت سفوح الجبال، وفي ظل صعوبة المسالك، تعقدت الأمور أكثر فأكثر. وقبل وصول عناصر الحماية المدنية، لعب المواطنون دورا كبيرا، مقدمين أروع صور التضامن، بعد ما استجابوا لنداءات الاستغاثة، وسارعوا لإنقاذ العائلات التي حاصرتها النيران وفتحوا أبواب منازلهم بأربوز وباب العسة من أجل استقبال المتضررين، مع تسجيل تحويل العشرات من المواطنين إلى العيادة المتعددة الخدمات بباب العسة من أجل تقديم الإسعافات الأولية لهم، بعد ما أصيبوا باختناقات جراء الدخان الذي خلفه الحريق. وأحصت مصادر محلية إجلاء ساكني 40 منزلا.
وتدخلت وحدات الحماية المدنية بأعداد كبيرة، كما سخّرت عتادا معتبرا، لكن الرياح وقفت حائلا أمام جهودهم. في حين تنقل كل من الأمين العام للولاية والكاتب العام، إلى عين المكان، رفقة السلطات المحلية التي كانت حاضرة منذ الساعات الأولى، وبقوا بعين المكان إلى غاية حدود الساعة الرابعة صباحا، أين غادروا بعد ما تم التحكم في النيران القريبة من منازل السكان، رغم بقائها مشتعلة في أعالي الجبال. وخلّفت الحرائق خسائر كبيرة جدا بعد ما أتت النيران على الآلاف من الأشجار المثمرة، وأشجار التين التي يقتات منها السكان منذ مئات السنين، ناهيك عن تكبد مربي المواشي لخسائر معتبرة في منطقة باتت تولي اهتماما كبيرا للإستثمارات الفلاحية، كما تعرضت صناديق النحل المنتشرة في الغابات لإبادة حقيقية. ووعد المسؤولون بالوقوف إلى جانب المتضررين في هذه المحنة. كما عرفت منطقة أولاد ميمون شرق ولاية تلمسان حرائق مهولة، تمكنت عناصر الحماية المدنية من إخمادها بصعوبة بالغة، ليبقى الأهم في كل هذا هو أن عناصر الحماية المدنية لم تسجل أية خسائر بشرية في هذه الحوادث، بعد ما اقتصرت الإصابات على ضيق في التنفس، خاصة لدى الصغار وكبار السن.

“لم نعر الأمر أهمية في البداية!”

والتقت “الشروق”، شاهد عيان، من قرية أربوز، قال إن غالبية السكان كانوا في منازلهم، بعد صلاة العشاء نظرا للرياح الهوجاء التي كانت تهب على المنطقة مصحوبة بتطاير غبار كثيف، موضحا بأنهم شاهدوا بالعين المجردة وميض النيران في حدود الساعة الثامنة ليلا، وهي تشتعل في الغابات المجاورة، دون أن يعيروا الأمر أهمية كبيرة، حيث اكتفوا بتبليغ عناصر الحماية المدنية، التي لم يكن باستطاعتها فعل الكثير نظرا لصعوبة التضاريس وغياب المسالك، لكن تزامن اندلاع النار مع الرياح، ضاعف سرعة انتشارها، وبعد ساعتين امتدت على طول الغابات لتحاصر عدّة تجمعات سكنية، وتبدأ رسائل الاستغاثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي واتصالات الأقارب، لتتحول كتلة النار الصغيرة إلى حريق أتى على الأخضر واليابس، وكان يمكنه أن يطال المنازل وبيوت السكان لولا سرعة التدخل.

الحماية تكذب “إشاعات” حرائق بقالمة وباتنة

فندّت مصالح مديرية الحماية المدنية بقالمة، نهار أمس، الأخبار التي تم تداولها عن حريق مهول بغابة في قرية قصر العازب ببلدية عين رقادة. وذكرت، في بيان لها أمس، أنها لم تسجل نشوب أي حريق خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة.
وكانت مناشير مجهولة مرفقة ببعض الصور، قد تم تداولها على نطاق واسع على الفايس بوك مفادها اندلاع حريق مهول بمحاذاة عين مبنية على جانب الطريق المؤدي إلى قرية قصر العازب، إلاّ أن الذين يعرفون المنطقة يعرفون جيدا أنه لا توجد غابة كثيفة في تلك الجهة. من جهتها نفت مصالح الحماية لولاية باتنة السبت ، في بيان لها الأخبار المتداولة على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي والمرفقة بصور لاندلاع بعض الحرائق في الولاية، وأكدت أنه لم بسجل نشوب أي حريق بالولاية مساء الجمعة.

“حرائق نوفمبر” تثير الاستغراب ببجاية

أحصت مصالح الحماية المدنية لولاية بجاية، 19 حريقا اندلعت بغابات الولاية خلال الـ24 ساعة الأخيرة، خمسة منها ضخمة شبت بغابات أميزور وبرباشة وكنديرة وبني معوش وتيزي نبربر. وخلفت هذه الحرائق كحصيلة أولى إتلاف نحو 30 هكتارا من الغطاء الغابي، وذلك قبل أن يتم تسجيل حرائق جديدة بكل من غابات القصر وأميزور، وسط حيرة المواطنين الذين استغربوا لنشوب هذه الحرائق في شهر نوفمبر رغم الرطوبة العالية التي تشهدها المنطقة وبرودة الطقس.

النيران تلتهم غابات الأطلس البليدي

تواصلت جهود فرق الإطفاء على مدار ساعات ليلة السبت لمحاصرة موجة الحرائق التي اندلعت عبر إقليم ولاية البليدة، وسجلت مديرية الحماية المدنية خلال 24 ساعة الأخيرة 06 حرائق. وعاشت التجمعات السكنية القريبة من بؤر الحريق، حالة من الذعر ووصل رماد الحرائق إلى المنازل، بفعل الرياح القوية، وشعر مواطنون بالاختناق بسبب الدخان، فيما لا تزال أسباب موجة الحرائق مجهولة ومحل تحقيق.

05 حرائق في ظرف 24 ساعة ببومرداس

شهدت مساء الجمعة بلدية تيمزريت اقصى شرق ولاية بومرداس، حريقا مهولا أتى على مساحات شاسعة من الأحراش وحقول الزيتون، وخلايا النحل بمنطقة محسوبة على إقليم ولاية بومرداس ومتاخمة لولاية تيزي وزو، ما كبد المزارعين هناك ومستثمري الفلاحة الجبلية خسائر فادحة، تستدعي التعويض. وذكر مواطنون لـ”الشروق”، إن ما حدث يستدعي تحقيقا معمقا، لاسيما وأن المنطقة لم تشهد حرائق بهذه القوة حتى في فصل الصيف. فيما أرجع عدد منهم أسبابها، إلى أنها حوادث عرضية، وذكروا لـ”الشروق”، أن الأمر مرتبط بممارسة فلاحين نشاطهم، في تقليم الأشجار وتهيئة الأرض للغراسة، ما يجعل إمكانية اشتعال النار بصفة عرضية، من دون أن يكون هناك افتعال لها.
وقبلها سجلت عدة حرائق، ابتداء من مساء الخميس، في مناطق متفرقة، في أولاد صالح بدائرة الثنية، وكذا الحريق الذي شب عشية الجمعة بمنطقة الكحلة الواقعة ببلدية الأربعطاش، فضلا عن حرائق أخرى في قدارة بوزقزة، وحريق آخر في نفس التوقيت في بني عمران.

حرائق في غابات البويرة وتيزي وزو

تسبب حريق شب عشية الجمعة في إتلاف ما يقارب 2 هكتار من الغابات بأعالي بلدية حيزر المحاذية لولاية تيزي وزو بالبويرة، حيث كادت أن تمتد ألسنة النيران إلى منازل المواطنين ومنطقة تيكجدة السياحية. وحسب بيان خلية الإعلام التابعة لمديرية الحماية المدنية بالبويرة، فإن الحريق شب مساء بغابة بها أشجار البلوط بالقرب من قرية إزموران، حيث أتى على ما يقارب 2 هكتار من الغابة.
كما اندلعت مساء الجمعة، حرائق في مناطق متفرقة من ولاية تيزي وزو، واعتبرت الأسباب لغاية كتابة هذه الأسطر مجهولة، في حين قدرت الخسائر جراءها كحصيلة أولية بـ5 هكتارات من غابات الفلين وما لا يقل عن 150 شجرة زيتون في منطقة بني دوالة لوحدها، في حين التهمت الحرائق الأخرى مساحات هامة من الأحراش وحقول الزيتون.

أكد الوزير الأول، عبد العزيز جراد، السبت من أعالي جبال قوراية غرب تيبازة إن “فرضية الفعل الإجرامي” غير مستبعدة بعد الحرائق المهولة التي اندلعت الجمعة بغابات المنطقة والتي تسببت في مقتل شخصين.

وفي تصريح صحفي لدى وقوفه على الوضعية قال الوزير الأول إنه “قرر الوقوف شخصيا”على الوضعية بالولاية معلنا عن فتح “تحقيق عميق” لمعرفة أسباب الحرائق التي تسببت أيضا في اختناق العديد من المواطنين وخسائر مادية معتبرة.

وتحدث جراد أيضا عن “تعويض الفلاحين المتضررين” من هذه الحرائق، داعيا المواطنين إلى “التجنيد في عمليات توعوية” لمجابهة أي عملية تهدف إلى المساس بأملاكهم.

وسجل الوزير الأول أن الحرائق التي تصل الى المحيط العمراني والمناطق الآهلة بالسكان هي “ظاهرة جديدة” و”تشكل خطرا على حياة الأشخاص”، قبل أن يعبر عن أسفه الشديد على وفاة ضحيتين وعن تضامنه مع عائلتيهما.

وتنقل جراد الى منزلي ضحيتي النيران لتقديم تعازي الحكومة لأفراد العائلتين وتعهد بأن “المجرمين سيدفعون الثمن غال على اعتبار أنه يفترض أن تكون الحرائق عملا إجراميا يراد به الإضرار بالوطن و المواطنين” مشددا على أن الدولة “واقفة” و”ستتحمل جميع مسؤولياتها للتصدي لمثل هذه الجرائم”.

و كان الوزير الأول، قد كتب على موقعه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أنه “لا تسامح” مع أعداء الحياة والمتربصين بالوطن إذا ما أثبتت التحقيقات أن حرائق الغابات التي شهدتها عدة مناطق من الوطن خلال الـ24 ساعة الأخيرة “مدبرة”.

وقال في هذا الصدد: ” اليد باليد نسترجع الغابات.. لا تسامح مع أعداء الحياة.. الغابات رأسمال اقتصادي وبيئي للجزائريين كافة لن نرضى بالتفريط فيه”. وتوعد السيد جراد بأنه في حال “ما أثبتت التحقيقات أنه مدبر ومقصود فلن نتسامح مع أعداء الحياة والمتربصين بالوطن” مطمئنا بالقول: “سنواجه الحرائق الطبيعية بالتشجير وكل شجرة ضاعت سنعوضها”.

جراد: لا تسامح مع أعداء الحياة والمتربصين بالوطن

أكد الوزير الأول، عبد العزيز جراد، أمس، أنه “لا تسامح” مع أعداء الحياة والمتربصين بالوطن إذا ما أثبتت التحقيقات أن حرائق الغابات التي شهدتها عدة مناطق من الوطن خلال الـ24 ساعة الأخيرة “مدبرة”.

وأوضح الوزير الأول عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك قائلا: “اليد باليد نسترجع الغابات… لا تسامح مع أعداء الحياة.. الغابات رأسمال اقتصادي وبيئي للجزائريين كافة لن نرضى بالتفريط فيه”.

وتوعد جراد بأنه في حال “ما أثبتت التحقيقات أنه مدبر ومقصود فلن نتسامح مع أعداء الحياة والمتربصين بالوطن”، مطمئنا بالقول: “سنواجه الحرائق الطبيعية بالتشجير وكل شجرة ضاعت سنعوضها”. وختم الوزير بالتعبير عن: “كل الامتنان والتقدير لرجال الحماية المدنية وحراس الغابات على شجاعتهم وإخلاصهم وتجندهم لصالح الوطن والمواطن”.

كشف وزير الفلاحة والتنمية الريفية عبد الحميد حمداني عن فتح التحقيقات اللازمة بشأن الحرائق المسجلة الجمعة عبر 7 ولايات، وسيتم الكشف عن الأسباب والنتائج، واتخاذ الإجراءات اللازمة بمجرد صدور التقارير النهائية، مصرحا “مؤسف ما عشناه من حرائق، خاصة وأننا خرجنا من موسم امتدت فيه النيران من شهر جوان المنصرم إلى أكتوبر الماضي، لنسجل عودة ألسنة اللهب في 7 ولايات بالغرب”.

وأوضح الوزير في رد على أسئلة أعضاء لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني أمس، بخصوص مشروع قانون المالية لسنة 2021، أن كل المعلومات المتوفرة لدى مصالحه تؤكد أن كافة الحرائق المسجلة متحكم فيها ما عدا حريق وحيد، مضيفا “بعضكم تساءل عن مصدر الحرائق، والتحريات ستكشف السبب، كما نعدكم أننا سنتخذ الإجراءات اللازمة”، محصيا تسجيل حالتي وفاة إثر هذا المصاب.

وفي سياق منفصل، شدد حمداني على أنه سيتم اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لطي أزمة العقار الفلاحي، مذكّرا “هذا الشهر صدرت تعليمة تنص على تقليص وقت دراسة الملفات، وهدفنا الحد من التراكم الذي حدث بخصوص العقار”، مشدّدا على أن العملية تمر عبر ثلاث مراحل، وهي إحصاء مستغلي الأراضي من دون سند، ثم المرحلة الثانية تسوية الوضعيات، وهناك شروط لذلك، أما المرحلة الثالثة فتتعلّق بقضية الحيازة، معتبرا أن لجان الولايات في بعض المناطق غائبة منذ عشر سنوات، وهذا الأمر غير مقبول، حيث أمهل الوزير مصالحه إلى نهاية سنة 2020 لطي كافة ملفات الامتياز الفلاحي دون التسبب بمشاكل الورثة أو غيرها من الأمور التي تعطل الملف.

وطلبت وزارة الفلاحة وفقا لحمداني من الحكومة إعادة النظر في كافة صيغ الدعم المقدمة للفلاحين ومهنيي الحليب سواء تعلق الأمر بشعبة الحليب أو القمح أو غيرها من الشعب، مشددا على أن الظروف والمرحلة التي صيغت فيها تختلف عن الوقت الراهن وهو ما يفرض إعادة النظر في تفاصيلها وحيثياتها.

أما فيما يتعلق بالعقار الفلاحي، تظهر الحصيلة التي عرضها حمداني انه تم تسليم 184 ألف عقد امتياز من أصل 202 ألف مستفيد معني بعملية تحويل حق الانتفاع من الأراضي التابعة للأملاك الخاصة للدولة إلى حق الامتياز.

وفي إطار الاستصلاح عن طريق الامتياز، تم منح مساحة قدرها 950 ألف هكتار لفائدة 23 ألف مستفيد، حيث تم تنصيب 15 ألف مستثمر على مساحة 580 ألف هكتار من بينهم 2800 مستثمر باشروا فعليا في عملية الاستصلاح على مساحة 150 الف هكتار.

وفي إطار إجراءات الحيازة على الملكية الفلاحية، تم منح 1،17 مليون هكتار لفائدة 145 ألف مستفيد منهم 24 ألفا تحصلوا على عقود الملكية العقارية الفلاحية لمساحة تقدر بـ190 ألف هكتار وذلك منذ صدور قانون الحيازة على الملكية العقارية الفلاحية في 1983. من جهة أخرى، تم استرجاع 600 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية غير المستغلة، وفقا للأرقام التي قدمها وزير الفلاحة.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here