خبير جزائري لـ”أفريقيا برس”: المشاركة الشعبية إختبار حقيقي للفاعلين في الانتخابات الرئاسية

18
خبير جزائري، لـ
خبير جزائري، لـ "أفريقيا برس": المشاركة الشعبية اختبار حقيقي للفاعلين في الانتخابات الرئاسية

أفريقيا برس – الجزائر. اعتبر الأستاذ والمحلل السياسي توفيق بوقاعدة، في حواره مع “أفريقيا برس”، أن “مسألة المشاركة الشعبية في الانتخابات الرئاسية الجزائرية، هي رهان مشترك بين جميع الفاعلين فيها، فالسلطة تبحث عن تزكية لخياراتها المنتهجة منذ العام 2019، والمرشحون يريدون إثبات جدارتهم لتحفيز الوعاء الصامت”.

ويرى أن مشاركة كل من حركة مجتمع السلم وجبهة القوى الاشتراكية، جاء بأغراض متشابهة، تهدف إلى وضع القوتين السياسيتين على سكة تأطير وتنظيم قاعدتيهما الشعبيتين اللتين مرت عليهما عقود من الزمن دون اختبار إمكانياتها في الاستحقاقات الرئاسية، فضلا عن حمايتها من التآكل والنزيف الداخلي في ظل المنافسة والمغريات في الجهات المنافسة.

أصبحت مسألة المشاركة الشعبية في الانتخابات الجزائرية خلال السنوات الأخيرة، محل نقاش الأوساط السياسية والشعبية، هل اقتنع الناخب الجزائري بالذهاب لصناديق الاقتراع في هذه الانتخابات؟

في اعتقادي أن رهان المشاركة الشعبية هو أولوية الأولويات في هذه الانتخابات سواء بالنسبة للنظام السياسي أو المترشحين الثلاثة، حيث إن النظام يسعى إلى أن تكون المشاركة قوية سعيا منه لجعل هذه المشاركة بمثابة استفتاء على المسار السياسي الذي انتهجه منذ 2019، وتأكيد صحة خياراته بأنها كانت الأحسن لاستقرار البلاد وتجنب حالات الاضطرابات التي عرفتها بعض الدول التي حدث فيها حراك سياسي أفرز حربا أهليه كما هو الحال في السودان النموذج الموازي زمنيا لحراك الجزائر.

أما بالنسبة للرئيس تبون فرغم تقدمه حسابيا وموضوعيا على المنافسين الآخرين لأنه أولا الرئيس المرشح وثانيا دعمه من عشرات الأحزاب السياسية التي تشكل الأغلبية في المجالس المنتخبة ولها وعاء انتخابي ضامن لفوزه، وكذلك ما حققه من منجزات خلال عهدته الأولى على صعيد الجبهة الاجتماعية والاقتصادية، فهو يسعى أيضا إلى تزكية لهذه المنجزات عبر مشاركة واسعة في الاقتراع كإثبات تزكية إصلاحاته السياسية والاقتصادية ومساره السياسي كرئيس للبلاد.

في حين أهمية المشاركة بالنسبة لمرشح حزب جبهة القوي الاشتراكية وحركة مجتمع السلم فيهدفان من خلال المشاركة الواسعة تعزيز مواقعهما السياسية وتبني خطاب طالما رددوه خلال الحملة الانتخابية؛ بأن المشاركة الواسعة سوف تغيير الكفة لصالح كل واحد منهما، وبالتالي إرجاع نسبة المشاركة إلى قدرتهم على إحداث اختراق للكتلة الصامتة والرافضة للمسار السياسي للسلطة في وقت سابق.

تنظم الجزائر انتخابات يقول البعض إنها محسومة لصالح مرشح معين، كيف تعامل المرشحان المنافسان لمرشح السلطة مع المسألة؟

رفض مرشح حمس وجبهة القوى الاشتراكية، طرح البعض بأن هذه الانتخابات محسومة لأنها تؤثر حتما على الكتلة التي تستهدفها من خطابها، وبالتالي تكرار نموذج انتخابات 2019، على أساس أن الوعاء الانتخابي لتبون ثابث وأن رهانهما على الكتلة الصامتة أو المقاطعة سابقا أو غير المبالية، لهذا يرفض المرشحان القول بأن النتائج محسومة حتى يحفزون هذه الكتلة للمشاركة بقوة لصالحهما.

شاركت حركة حمس وجبهة القوى الاشتراكية في الاستحقاق، هل من أجل منافسة حقيقية أم لأداء أدوار معينة؟

بالعودة على بيان ترشيح الحزبين لمن يمثلهما في الانتخابات الرئاسية، نجد أن من بين أهدافهما في هذه الانتخابات هو تفعيل آلتهم الانتخابية التي أكلها الصدأ، مثلا آليات حزب جبهة القوى الاشتراكية الذي لم يشارك في الانتخابات الرئاسية منذ 1999، كما أن رهان حمس في تقديري من المشاركة هو وقف حالة النزيف في إطارات ومناضلي حزبه الذين يهجرون إلى أحزاب أخرى، فيسعى من خلال هذه الانتخابات العودة إلى المشاركة في الحكومة والحصول على الامتيازات الوظيفية التي تمنح له هذه المشاركة لتأطير خياراته واستقطاب مناضلين جدد، بعد أن ثبت أن خيار المعارضة أضر كثيرا بمخزونه من المناضلين الطامحين للمناصب والمسؤوليات، وهي الامتيازات التي استفاد منها غرماؤه المنشقون والمؤسسون لحركة البناء بقيادة عبد القادر بن قرينة.

تحوم شبهة التزوير حول الاستحقاقات الانتخابية في الجزائر، هل هناك مؤشرات جديدة لشفافية ونزاهة الاستحقاق؟

أرى أن السلطة في الجزائر تجاوزت مرحلة التزوير الواسع للانتخابات، وأنها تسعى إلى تكريس الشفافية في العملية الانتخابية بعد إدراكها ان الممارسات التزويرية لا تزيد إلا من السخط الشعبي عليها، خاصة بعد التطور التكنولوجي وما تكشفه شبكات التواصل الاجتماعي، التي قد تنسف العملية الانتخابية من أساسها في حال تسجيل حالات تزوير، وإنشاء هيئة مستقلة للانتخابات طالما كان مطلب المعارضة في السابق، وهو ما تحقق.

ويجدر الذكر أن السلطة التي كانت تفتقر إلى الخبرة في إدارة العملية الانتخابية في أول انتخابات أشرفت عليها -الانتخابات الرئاسية- أثبتت هذه المرة تحكما كبيرا فيها، ولم تسجل خلال كل مراحل العملية الانتخابية شكاوي أو اعتراضات كثيرة من المرشحين التي تمس بنزاهة الانتخابات. كما أن السلطة توجد في رواق جيد لا يحتم عليها اللجوء إلى تلك الممارسات القديمة.

هل ارتقت برامج المرشحين إلى مطالب وانتظارات الجزائريين، خاصة وأنها تقاطعت في بعض المحاور على غرار رفع الناتج الداخلي الخام، ورفع الرواتب والمنح؟

ركزت برامج المترشحين بشكل أساسي على الشق الاقتصادي والاجتماعي في خطاباتهم الانتخابية، وغاب بشكل كبير الشق السياسي والحريات، رغم أن الملف يعتبر نقطة الخلاف الأساسية بين برامج المترشحين، ورغم إدراج البرامج على هذا البعد لكنه لم يحظى بالاهتمام الخطابي، ومرد ذلك هو رغبة المرشحين في عدم الدخول في مناكفات سياسية هم في غنى عنها لتحقيق بنك أهداف ترشحهم.

كان انحياز أو توجيه المؤسسات الرسمية يطرح في كل استحقاق، هل يمكن الحديث عن حياد الإدارة والجيش في هذا الاستحقاق؟

اعتقد أنه يجب ضبط مفهوم الحياد، فهو يعني غياب توجيه لمنتسبي الإدارة للتصويت لمرشح دون آخر، بالإضافة الى استخدام المال العام لدعم مترشح بعينه، أما فيما يتعلق بخيارات منتسبي الإدارة فلكل واحد خياره دون ضغط من أي جهة. لكن ما تم تسجيله من طرف المترشحين هو ما تعلق بالمعالجة الإعلامية التي لم تكن على نفس المعايير حسبهم، وأن الرئيس المترشح حظي باهتمام أكبر من غيره، سواء خلال الحملة الانتخابية أو قبلها، من خلال تكثيف الرسائل الإعلامية المتعلق بالمنجز الذي قدمه الرئيس المترشح.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here