رمضان الجزائر… رزق وفير من الزلابية وقلب اللوز

2
رمضان الجزائر... رزق وفير من الزلابية وقلب اللوز
رمضان الجزائر... رزق وفير من الزلابية وقلب اللوز

كمال بوحدة

أفريقيا برس – الجزائر. تعد زلابية بوفاريك أشهر حلويات شهر رمضان في الجزائر، وهي محور حكاية تاريخية ترتبط تحديداً بمدينة بوفاريك التي تبعد 40 كيلومتراً عن العاصمة الجزائرية، وتتبع لولاية البليدة، وتجاور ثلاث ولايات أخرى، هي تيبازة والمدية وعين الدفلى، باعتبارها أقدم وأشهر حلوى زلابية ذاع صيتها منذ عقود في الجزائر، وأصبحت الوجهة الأولى للجزائريين من مختلف المحافظات.

وتحتفظ عائلات في بوفاريك بأسرار صناعة الزلابية، وتتوارثها وتتفنن في تطوير أشكالها وألوانها جيلاً بعد جيل، وتشهد الشوارع الرئيسية للمدينة خلال شهر رمضان طوابير أمام المحلات للحصول على حلوى الزلابية.

ويقول علي مرسلي الذي يرأس جمعية ثقافية ويسكن في مدينة بوفاريك: “زلابية بوفاريك واحدة من أشهر أنواع الزلابية في الجزائر، وظهرت منذ أكثر من 134 عاماً. وتفيد كتابات تراثية بأن تاريخها يعود إلى عام 1889، خلال فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر، وتوارثت تقاليد صنعها 3 عائلات هي أكسيل وشبوب ولوكيل التي سكنت في منطقتي بوفاريك والبليدة، واحتفظت بسرّ خلطتها حتى اليوم، رغم أن المكونات الرئيسية معروفة، وتتضمن الدقيق الناتج من طحين القمح اللين أو الصلب والزيت والماء والسكر، وتضاف إليها بعض العطور ذات النكهات وبعض الملونات التي تختلف بين منطقة وأخرى وطاهٍ وآخر، وأيضاً بحسب مدة ترك العجينة كي تتخمّر”.

واللافت أنّ نسبة قليلة من الأسر الجزائرية تعدّ الزلابية في البيوت، إذ تشتريها غالبيتها من محلات خاصة بها تزدهر أعمالها خلال شهر رمضان تحديداً، في حين يرتبط الإقبال على شرائها في بقية الأشهر بالصدفة والمزاج الفردي”.

وما إن يحلّ شهر رمضان حتى تنتشر محلات بيع الزلابية وقلب اللوز في معظم شوارع المدن والبلدات في الجزائر. وتغلق مطاعم ومحلات كثيرة للمأكولات السريعة خلال شهر رمضان، وتغيّر نشاطها إلى صناعة الحلويات التقليدية وبيعها. ويستعين بعض التجار بمهنيين متخصصين في صناعة حلويات الزلابية وقلب اللوز، ويبيعونها مباشرة للزبائن، في حين يشتري آخرون كميات كبيرة من هذه الحلويات من المحلات والورش المعروفة بصناعتها في بوفاريك وشرشال قرب العاصمة الجزائرية، وهما الأكثر شهرة بصناعتها في وسط الجزائر من أجل بيعها لزبائن.

ويقول كريم تواتي، وهو صاحب مطعم مشهور في بلدة سيدي راشد الصغيرة التي تبعد 75 كيلومتراً عن غرب العاصمة الجزائرية: “أحوّل منذ سنوات نشاطي التجاري خلال شهر رمضان لبيع حلويات الزلابية وقلب اللوز وأخرى، وكسبت زبائن كثيرين خلال هذه السنوات. وفي بعض الأحيان يحصل تزاحم وتدافع لشراء هذه الحلويات، خصوصاً خلال الفترة المسائية. ونحن نصنع الزلابية بطريقة محترفة عبر الاستعانة بمتخصصين، وقد زاد الطلب على هذه الحلوى خلال شهر رمضان بعدما أصبح أرباب العائلات يشترونها بكثرة لتزيين طاولة السهرة بعد انتهاء صلاة التراويح، أو لإكرام ضيوف يقصدون بيت العائلة للسمر، في عادة لا تزال راسخة في كثير من محافظات الجزائر”.

وفي مدينة حجوط حيث عاش الكاتب الفرنسي ألبير كامي، يوجد شارع عتيق اسمه “زنقة العرب” يمتلئ بباعة شبان يعرضون مختلف الحلويات والمأكولات التي تغري الصائمين بتنوع أشكالها وألوانها، ويتفننون بإطلاق الصراخ لجلب الزبائن إلى شراء بضائعهم، فالجميع يريد أن يقنعوا الزبائن بأن حلويات الزلابية وقلب اللوز مصدرها من منطقتي بوفاريك وشرشال اللتين تضمان كبرى العائلات والمحلات العريقة التي تحتفظ بأسرار صناعتهما.

وفي أحد جوانب الشارع يعرض خديم محمد سلعه في شهر رمضان من كلّ سنة، بعدما نجح في كسب ثقة كثير من الزبائن خلال السنوات الأخيرة، ويقول: “أنتقل مبكراً إلى بوفاريك خلال شهر رمضان، وأجلب أجود أنواع حلوى الزلابية وأبيعها بأسعار معقولة. أما حلوى قلب اللوز، فأجلبها من محلات متخصصة تملكها عائلات مثل مسعودي التي لها باع طويل في صناعتها، وأبيعها خالية من المواد الكيميائية لأنني أحاول تقديم حلويات بمكونات طبيعية تجنباً لأي أضرار صحية”.

وفيما تعتبر حلوى قلب اللوز ثاني أكثر الحلويات التي يستهلكها الجزائريون خلال شهر رمضان، يوجد في حيّ المدنية بالعاصمة الجزائرية محل قديم يصنعها ويبيعها تجاوز عمره القرن وتملكه عائلة سرير، ويفد إليه مئات الأشخاص يومياً ويقفون في طوابير للحصول على هذه الحلوى، ما يسبب زحمة سير عند مدخل الحيّ.

ويستغل بعض الشباب فرصة التهافت الكبير على محل عائلة سرير، فيشترون علب حلوى قلب اللوز في وقت مبكر ويعرضونها قبل وقت قليل من موعد الإفطار للبيع على طوابير سيارات تتجه الى المحل، بهامش ربح يحقق لهم مداخيل بسيطة، لكنه يعفي مشترين من هدر الوقت عبر انتظار دورهم في الطابور.

ولا بدّ من الإشارة إلى أن حلويات شهر رمضان تجذب شباباً كثيرين يحققون مكاسب مالية يعتبرونها جيدة من بيعها، وفي مقدمها الزلابية. وبالنسبة إلى بعضهم، تغطي الأرباح التي يحققونها خلال شهر رمضان تكاليف دراستهم طوال عام كامل، وربما ملابسهم وملابس أشقائهم.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here