شعب القبائل.. سردية فرنسية لتغذية الانفصال في الجزائر

1
شعب القبائل.. سردية فرنسية لتغذية الانفصال في الجزائر
شعب القبائل.. سردية فرنسية لتغذية الانفصال في الجزائر

أفريقيا برس – الجزائر. يعد أحمد بن عبدالسلام، من الشخصيات السياسية والنضالية، التي اجتمعت فيها ثلاثية الهوية الجزائرية المتمثلة في الأمازيغية والعربية والاسلام، فهو من أبرز المتحدثين والمدافعين عن انصهار الأبعاد الثلاثة في البوتقة التي صنعت الشخصية الجزائرية، ومرافعا شرسا عن تحييد التعدد الثقافي واللغوي عن التجاذبات الأيديولوجية، التي توظف خلفياتها وأمزجتها من أجل اقصاء الآخرين.

بدأ الرجل مسيرته السياسية والنضالية منذ ريعان شبابه في صفوف التيار الاسلامي، فكان من ضمن الأسماء القيادية والمؤسسة لعدة أحزاب وحركات سياسية، على غرار حركة النهضة ثم الاصلاح، واستقر به المقام منذ العام 2012، كمؤسس ورئيس لجبهة الجزائر الجديدة، ضمن رؤية ومراجعة لعدة قناعات وتصورات.

وفي ذروة الشلل الذي يطبع المشهد السياسي الجزائري للعديد من الاعتبارات، يسجل أحمد بن عبدالسلام حضوره الدائم والمستمر في وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، من أجل الابقاء على جسور التواصل مع قواعد حزبه ومع الشارع الجزائري، عكس العديد من النخب الحزبية التي صنعت لنفسها توصيفا انتهازيا في نظر الجزائريين، بسبب اقتصار ظهورها على المحافل الانتخابية، ثم الاكتفاء بالانطواء على نفسها، رغم حاجة المجتمع للحركية السياسية.

الناشط السياسي ورئيس جبهة الجزائر الجديدة، كان سباقا لاستلهام تسمية حزبه من تصور وقناعة جديدتين وبعيدتين عن عباءة الاسلاميين العام 2012، سنوات قبل أن تتحول “الجزائر الجديدة” الى شعار سياسي للسلطة القائمة، ورغم تماهي الشعار والهوية البصرية، الا أن ميزته هو جمعه بين التنشئة الاسلامية المعتدلة، والعروبة اللغوية وليس العرقية، وأمازيغيته الأصيلة والمتجذرة.

“أفريقيا برس”، التقت أحمد بن عبدالسلام (جمال)، وسألته عن دلالات وأبعاد التركيز الفرنسي عن منطقة القبائل، كخاصرة رخوة لا تتوانى في استغلال خصوصياتها السياسية والثقافية واللغوية، لاحياء أمجاد مشروع قديم، كان الأمازيغ أول من اجهضه قبل غيرهم من الجزائريين.

صرح ماكرون في 2021، بأنه “سيرسل طائرات اطفاء إلى القبائل”، وجاء ملف “لوبوان”، حول “شعب القبائل”، هل المسألة تتعلق بموقف فرنسي شامل تجاه القضية، أم يبقى مجرد رؤية لتيار سياسي فرنسي؟

فرنسا تنبهت مبكرا لمنطقة القبائل وما تمثله من خطر حقيقي على تكريس وجودها في الجزائر، لذا وضعت في وقت مبكر جدا مخططات رهيبة لضرب منطقة القبائل أولا ومن خلالها الاستيلاء على الجزائر نهائيا، وللعلم أن منطقة القبائل كانت حاضرة بما يقدر بحوالي 2500 مقاتل للدفاع عن العاصمة وكانوا على كامل الاستعداد للمواجهة ضد الجيش الفرنسي بسيدي فرج، وعدم السماح لهم بالنزول للشاطىء لولا خيانة صهر الداي حسين قائد جيش الداي الذي حرمهم من الذخيرة ومن التقدم لسيدي فرج ثم تولوا الدفاع عن البليدة وكانت أول مقاومة شعبية ضد الاستعمار بقيادة الشيخ أوزعموم، كما تولى جزء مهم من هؤلاء المتطوعين الدفاع عن قسنطينة بقيادة أحمد باي، وأكبر عدد من المقاومات الشعبية كان في منطقة القبائل.

كما لم تتمكن فرنسا من دخول المنطقة إلا بعد 27 سنة من احتلال العاصمة رغم قرب المنطقة منها، وكل هذه الأحداث جعلت فرنسا تعمل على محورين: الأول إبادة جماعية لسكان المنطقة وتهجيرهم إلى خارج الوطن وتحويلها لمنطقة غير قابلة للحياة. أما الثاني: فتمثل في تنفيذ مشروع فكري ثقافي يهدف إلى قطع جسور الأخوة والوحدة بين المنطقة وباقي الوطن، لكن للتاريخ كل محاولات فرنسا إبان الحقبة الاستعمارية لإحداث هذا الشرخ سقطت في الماء، إذ ظلت هذه المنطقة مرتبطة بكل الأواصر مع باقي الوطن وظلت في طليعة النضال الوطني والكفاح التحرري وبدون مبالغة.

ويعترف المتحدث، بأن “الإختراق حدث جزئيا بعد الاستقلال” بسبب ما أسماه، بـ “حماقات ارتكبت في سياسة الدولة الوطنية، لكن الورقة سقطت سقوطا نهائيا بفضل وعي ووطنية سكان المنطقة وقد برهنوا على ذلك في كل المحطات واجهضوا كل المحاولات الفرنسية”.

هناك معادلة “لا قبائل بدون الجزائر، ولا جزائر بدون القبائل”، هل استوفت المعادلة الشروط اللازمة، أم هناك نقائص يستوجب على الطرفين سد ذرائعها لتفويت الفرصة تماما على المتربصين بالوحدة الوطنية كواقع وليس شعارات؟

سياسات ومخططات ومؤامرات فرنسا السابقة والحالية والقادمة والمستمرة، لم تكن إلا منتوج مؤسسات ومخابر الدولة الفرنسية في إطار سياسة متبناة من الدولة الفرنسية ومن صانع القرار الفرنسي، لهذا أقول بدون أدنى شك، واهم من يعتقد أن في فرنسا متطرف ومعتدل في التعاطي مع العلاقات الفرنسية الجزائرية، بل ما يتوهمه البعض منا أنه تباين بين هذا وذاك، ماهو في الحقيقة إلا توزيع أدوار فلا فرق بين ماكرون وروتايو، ولا بين متيران وساركوزي في الموقف من الجزائر.

ألا تعد المناورات الفرنسية نتيجة طبيعية لشروخ في البنية التكاملية للمجتمع الجزائري؟

منطقة القبائل جزء لا يتجزأ من الجزائر، وسكان المنطقة أكثر اندماجا مع كل مناطق الوطن، ربما يتجاوز بكثير اندماج تلك المناطق بذاتها، وقد زاد هذا الترابط قوة ومتانة وصلابة بفضل الوعي السياسي الشعبي بالمنطقة، وتكفل الدولة بالبعد الامازيغي وتوجهها المتواصل نحو التصالح مع تاريخنا وهويتنا وثقافتنا، إلا أن هناك بعض المنغصات في وجه تمتين الجبهة الداخلية للجزائر تتمثل فى الغلو والامعان في التنكر والاقصاء لكل مناحي البعد الامازيغي في هويتنا الوطنية، الذي يقوده تيار “القطط الفنيقية المتشردة “ومن أطلقوا على أنفسهم تسمية “الباديسية النوفمبرية” وانجر وراءهم بعض الإسلاميين.

برأيكم ما هي آليات الحفاظ عليها، وما هي حدود السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وحتى الأمني في بلورة الوحدة الكاملة والحقيقية؟

الآليات تتمثل في ارساء قواعد المواطنة والعيش المشترك وقبول الآخر، والنظر لثقافتنا بجميع مكوناتها مصدر تنوع وثراء، مع إرساء العدالة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين.

مع حلول ذكرى مؤتمر الصومام (20 أوت 1956)، طفا على السطح جدل بنَفَس أيديولوجي وجهوي حول مرجعية الثورة التحريرية، ما تعليقكم على ذلك.

أمام حجم التكالب الذي سجلته هذه السنة على مقررات مؤتمر الصومام ورجال قادة الثورة الذين عقدوا المؤتمر، وخرجوا بتلك القرارات التاريخية الخالدة، من طرف أناس لا يمكن تصنيفهم إلا بين حاقد وجاهل بمقررات المؤتمر ومغرر به ومتخندق أيديولوجيا وسياسيا يسعى لتجييش الناس لصفه باستغلال الأحداث التاريخية بطريقة سخيفة ولكنها مسمومة، جعلني أخرج بنتيجة نهائية أن تهجم هذه السنة منظم ومنسق، كأن كل مناوىء لمؤتمر الصومام يتلقى التوجيه من نفس الجهة التي قررت أن تستهدف هذا الحدث الثوري العظيم في ذكرى تخليده، فالشراسة التي ظهر بها القوم داست على كل المعايير والقيم التي تضبط الإختلاف في الرأي والتقدير.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here