أفريقيا برس – الجزائر. تشهد الجزائر، منذ أواخر السنة الماضية وبداية شهر جانفي، موجة قوية من الزكام الحاد، مع تسجيل إصابات متكررة، حيث أصيب البعض بها لمرتين أو أكثر مع طول مدة العلاج لديهم، وتزداد المخاوف بشأن ارتفاع حالات الوفيات لدى أصحاب الأمراض المزمنة، نتيجة المضاعفات المصاحبة، حيث أكد أطباء أن مرضى السكري من بين أكثر الفئات تأثرا بهذه الموجة، نظرا لهشاشة مناعتهم، وضعف قدرتهم على المقاومة.
حذر المختص في أمراض السكري والغدد الصماء، الدكتور بواب ضياء الدين، في تصريح لـ” الشروق”، من مضاعفات الأنفلونزا الموسمية على مرضى السكري الذين يعتبرون من الفئات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بها. وأوضح أن الإصابة بالعدوى تؤدي إلى ضعف المناعة وزيادة نسبة السكر في الدم، وهو ما يسبب مضاعفات صحية خطيرة، مثل الجلطات القلبية والدماغية وحتى الوفاة، كما أشار إلى أن الوضع الصحي لدى هؤلاء المرضى يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الجهاز التنفسي وإصابة الرئة، ما يزيد من احتمالية الإصابة بنقص الأوكسجين.
وحذر المختص من التهاون في أخذ اللقاح بالنسبة لهذه الفئة، قائلا إنه من الضروري أن يكون مرضى السكري أول من يتلقى اللقاح ضد الأنفلونزا الموسمية، نظرا لكونهم يمثلون الشريحة الأكثر عرضة للمضاعفات. وأشار المتحدث إلى أن الدراسات أظهرت أن الأنفلونزا الموسمية تعد من العوامل الرئيسية التي تساهم في حدوث الجلطات القلبية والرئوية، التي تعد من أبرز أسباب الوفيات المفاجئة بين المصابين بداء السكري على حد قوله.
وفي سياق ذلك، دعا بواب إلى تعزيز الوعي الصحي لدى المواطنين، خاصة في ظل انتشار الأنفلونزا الموسمية المصاحبة لأعراض حادة، مؤكدا ضرورة تلقي اللقاح الموسمي سنويا، الذي يتم تحديثه بشكل مستمر ليتماشى مع المتحورات الجديدة، مع أخذ الاحتياطات اللازمة لتفادي نقل العدوى.
ونوه محدثنا بأن الجزائر تشهد حاليا موجة حادة من الأنفلونزا، التي أصابت العديد من المواطنين، مضيفا أن هذه الموجة تتميز بمدة علاج ونقاهة طويلة، مع ظهور بعض التعافي المؤقت في بداية العلاج، حيث إن العديد من المرضى تعرضوا للانتكاس بعد فترة من التحسن، ما يشير إلى وجود إهمال لبرنامج العلاج والوقاية والتراخي، وبالتالي، عودة الأعراض مجددا.
وأشار الدكتور إلى أن الطقس البارد الذي تعرفه معظم المناطق، ساهم بشكل كبير في نشاط الفيروسات الموسمية، مع عدم اتباع إجراءات الوقاية، مثل التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات، وانتشار العدوى بسرعة في المدارس والمصانع والإدارات وغيرها من المؤسسات، مضيفا أن بعض المؤسسات التعليمية شهدت غيابات بالجملة بين التلاميذ، نظرا لسرعة انتشار الفيروس، بحسب ما أكده مدير مدرسة ابتدائية على لسان محدثنا.
وعن حملات التوعية بالتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية، قال الدكتور بواب إن الإقبال على اللقاح كان ضعيفا هذه السنة، بشكل ملحوظ، في شهري ديسمبر وجانفي، رغم التحذيرات، الأمر الذي تسبب، بحسبه، في زيادة حالات الوفاة في المستشفيات، حيث أسهمت الأنفلونزا الموسمية في تفاقم الحالات، خاصة ممن لديهم ضعف المناعة، مثل كبار السن والحوامل وأصحاب الأمراض المزمنة، مشيرا إلى أن المتحورات الجديدة للفيروس أصبحت أكثر قوة، على الرغم من أنها لا تصل إلى خطورة فيروس كورونا.
من جهته، حذر المختص في الصحة العمومية، الدكتور امحمد كواش، من الانتشار القوي للأنفلونزا الموسمية هذا العام، مشيرا إلى أن الأعراض التي ظهرت لدى المصابين كانت شديدة، ومدة التعافي منها امتدت في بعض الحالات إلى شهر كامل.
وأوضح كواش أن هناك عدة عوامل ساهمت في الحضور القوي لهذا الفيروس، أبرزها موجة البرد الشديدة الأخيرة، إلى جانب الاستخدام المفرط لوسائل التدفئة، ما يؤدي إلى التهاب الجهاز التنفسي بسبب التغيرات المفاجئة في درجات الحرارة، الأمر الذي يتسبب في تعرض الرئة إلى التهابات وتعفنات، يضيف المتحدث- وتصبح بذلك بيئة خصبة للفيروسات، كما أن شدة الأعراض المسجلة قد تعود إلى تحور الفيروس، ما يجعله أكثر مقاومة للمضادات الحيوية.
وأكد محدثنا أن الأنفلونزا ليست مرضا بسيطا، نظرا لتسجيل عدد معتبر من الوفيات سنويا بسببها، خاصة لدى الأطفال، النساء الحوامل، وأصحاب الأمراض المزمنة، وعلى رأسهم مرضى السكري، حيث يؤدي ضعف مناعتهم إلى مضاعفات خطيرة عند الإصابة.
وأعرب المتحدث عن تخوفه من زيادة معدل الوفيات المرتبطة بالزكام، خاصة مع إهمال البعض للأعراض الأولية واللجوء إلى المسكنات والمكملات المعززة للمناعة، دون استشارة طبية، ما قد يؤدي إلى تأخير التشخيص وتفاقم الحالة الصحية.
ودعا الدكتور كواش إلى ضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية، مثل التلقيح الموسمي، غسل اليدين بانتظام، وتجنب الأماكن المغلقة والمزدحمة، مؤكدا أن استشارة الطبيب قبل تناول أي دواء تبقى من أهم وسائل الوقاية لتجنب المضاعفات الصحية الخطيرة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس