فرصة جديدة للمصالحة في الجزائر

12
فرصة جديدة للمصالحة في الجزائر
فرصة جديدة للمصالحة في الجزائر

أفريقيا برس – الجزائر. الفلسطينيون أمام فرصة تاريخية جديدة للخروج من حالة «التيه السياسي» التي يعيشونها منذ سنوات، وذلك عبر الاستجابة لجهود الجزائر ورئيسها عبد المجيد تبون، والجلوس إلى مائدة الحوار الجزائرية في أسرع وقت ممكن، وعلى قاعدة القناعة بضرورة التوصل إلى مصالحة داخلية تنهي الكثير من المتاعب التي يعاني منها الشعب الفلسطيني.

ثمة جهود جزائرية مهمة وكبيرة من أجل جمع حركتي فتح وحماس، والتوصل إلى أي إنجاز في مجال المصالحة قبل موعد القمة العربية المقبلة، المقرر أن تنعقد في الجزائر خلال تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وهذه المساعي يجب أن أتم قراءتها والتعامل معها فلسطينياً، على قاعدة أنها فرصة جديدة يتوجب استثمارها والاستفادة منها، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا اقتنعت القيادات في كل من فتح وحماس، بأن الانقسام السياسي الداخلي كبدهم وكبد الشعب الفلسطيني بأكمله الكثير من الخسائر والتكاليف الباهظة.

الانقسام الداخلي الذي بدأ فصائلياً وسياسياً ثم توسع إلى الجغرافيا عبر قطع أي اتصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة، أدى إلى تراجع كبير في دور الفصائل في الشارع الفلسطيني، كما أنه أفقد هذه الفصائل جزءاً كبيراً من حاضنتها الشعبية، ودليل ذلك الظاهرة التي بدأت تتصاعد في الأراضي الفلسطينية خلال الشهور والسنوات القليلة الماضية، وهي ظاهرة العمليات الفردية ـ خاصة في الضفة الغربية- وهي ظاهرة تعني أن الشارع الفلسطيني بدأ يقفز عن الفصائل ويتجاوزها، ويشعر بأنها معطلة لمشروعه السياسي، بعد أن كانت هذه الفصائل طيلة العقود الماضية هي القبلة الوحيدة للوطنيين والراغبين في العمل السياسي لمقارعة الاحتلال. تتحدث أجهزة الأمن الإسرائيلية عن أكثر من 1526 عملية وهجوما نفذها الفلسطينيون خلال الشهور الثمانية الأولى من 2022، وهو تصاعد كبير في الهجمات الفلسطينية دفع الكثير من المحللين إلى توقع اندلاع انتفاضة فلسطينية شاملة قريباً، لكن المهم في هذه الظاهرة أن الفصائل، بما فيها فتح وحماس، تقف كالمتفرج ولا يبدو أن منفذي العمليات لهم أية انتماءات فصائلية، وهو ما يعني أن الانقسام السياسي أدى بالفصائل إلى العزلة والانسحاب التدريجي من الشارع. ثمة الكثير من التكاليف التي تكبدها -ولا يزال- الفلسطينيون بسبب الانقسام، إذ الأمر لا يتوقف عند تراجع شعبية الفصائل وشعور الكثير بأنها تحولت إلى «مؤسسات مُعطلة»، فالانقسام الداخلي أدى أيضاً الى عرقلة وتعطيل المشروع الوطني الفلسطيني، وأتاح للإسرائيليين استكمال مشروع الاحتلال ومخطط التغيير الجغرافي والديمغرافي على الأرض.

خلال سنوات الانقسام سجَل الاستيطان الإسرائيلي أعلى رقم في تاريخ الضفة الغربية منذ احتلالها في عام 1967، حيث يتوقع أن يكون المستوطنون الذين يلتهمون أراضي الضفة قد تجاوز عددهم النصف مليون شخص مع نهاية العام الحالي 2022، مقارنة بأقل من مئة ألف مستوطن كانوا في الضفة قبل الانقسام، أي أن أعداد المستوطنين تضاعفت خمس مرات على الأقل خلال السنوات الماضية، التي كان الفلسطينيون منشغلون فيها بالصراعات الداخلية التي لا أهمية لها ولا تعني شيئاً. المطلوب من حركتي فتح وحماس أن يتعاملوا مع مبادرة الجزائر ومساعي الرئيس تبون على أنها فرصة لانهاء الانقسام الداخلي ويتوجب اقتناصها، كما لا يمكن التوصل إلى إنهاء للانقسام الفلسطيني إلا على قاعدة حسن النوايا والاستعداد المسبق لتقديم تنازلات، كما أن تجاوز عقدة الانقسام لا يتم عبر إجراء انتخابات جديدة، وإنما عبر توافق سياسي، إذ أن الانتخابات في ظل الاحتلال ليست سوى ضرب من العبث، ولا يُمكن إلا أن تنتهي لإشعال مزيد من الصراعات الداخلية والمشاكل الفصائلية. والخلاصة هو أنه يجب التوافق على مشروع سياسي تصالحي يقوم على أن كلاً من فتح وحماس عليهما تقديم تنازلات لصالح الشعب الفلسطيني، ومن أجل إعادة إحياء الحياة السياسية ولإنهاء حالة التيه التي يعيشها الفلسطينيون منذ أكثر من 15 عاماً.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here