أفريقيا برس – الجزائر. تجمع المنظمة الدولية للفرانكفونية 88 دولة، بين 54 دولة عضو، و7 منتسبين، و27 ملاحظ. لكنها لا تضمّ الجزائر، التي توصف بأنها بين أكثر الدول استعمالا للفرنسية حول العالم.
وفي حين أنها شاركت في قمم سابقة للفرانكفونية، منذ قمة بيروت في 2002، كضيف خاص. لم يسبق للجزائر وأن انتمت لهذه المنظمة، منذ تأسيسها عام 1970.
وقد أصدر مجلس الشيوخ الفرنسي في مارس 2017، تقريرا حول مستقبل الفرانكفونية في العالم، تساءل فيه حول بقاء الجزائر خارج المنظمة.
واعتبر التقرير آنذاك، أن بقاء الجزائر خارج المنظمة، يشكّل “مفارقة، في وقت يمثّل البلد ثالث أكثر بلدان العالم استعمالا للغة موليير.
المنظمة الدولية للفرانكفونية
ويرجع متابعون، إحجام الجزائر عن الانضمام إلى فضاء الفرانكفونية، إلى كونه “يندرج في إطار الاستعمار الجديد، الذي تتخّذه فرنسا مطيّة لتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية”، على حدّ تعبير الكاتب والوزير السابق محي الدين عميمور.
كما يلقي الماضي الاستعماري لفرنسا بالجزائر، بظلاله على أي احتمال لالتحاق البلاد بالمنظمة الفرانكفونية.
وقد أكد ذلك، تصريح سابق للرئيس الراحل للمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي محمد الصغير باباس، بأن الجزائر ترفض الانضمام إلى منظمة الفرانكفونية، “طالما تمسّكت فرنسا برفض الاعتراف بجرائمها الاستعمارية”.
كما أنّ التوجّهات السياسية الجديدة في الجزائر، تفضّل الذهاب إلى تعددية لغوية، تفتح أمام الجزائريين آفاق المبادلات العلمية والثقافية والاقتصادية مع أقطاب الاقتصاد العالمي، بدلا من الانحسار في بوتقة الفرانكفونية.
وهو ما تعبّر عنه مساعي السلطات في البلاد، إلى إدراج تعليم اللغة الإنجليزية في المدارس الابتدائية، مع تعميم استعمالها في المؤسسات الجامعية.كما تعرف وتيرة تعليم لغات أخرى على غرار الإيطالية، وحتى التركية، تقدّما كبيرا في الجزائر.
تحتضن جزيرة جربة في تونس، بداية من السبت، القمة الـ18 لمنظمة الفرانكفونية الدولية. بمشاركة أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة، يتقدّمهم رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون.
كما يشارك في أشغال هذه القمة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، ورئيس السنغال ماكي سال. إلى جانب رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل.
وتمّ تأجيل قمة الفرانكفونية طيلة العامين الماضيين بسبب وباء كورونا. إلى جانب تزامنها مع حلّ البرلمان وإقالة الحكومة في تونس، من قبل الرئيس قيس سعيّد.
وستتناول القمة على مدار يومين، مواضيع تتعلق بالتعاون الاقتصادي، حيث سينظم على منتدى اقتصادي تحت عنوان “الاتصال والرقمنة كأدوات أساسية للتنمية”.
وقد تطرقت قناة “تي في 5” الفرنسية هذا الأسبوع، إلى إدراج تعليم اللغة الإنجليزية بمناهج التعليم الابتدائي في الجزائر. مشيرة إلى استمرار الجدل بشأن وضع الفرانكفونية في البلاد.
وقالت القناة في تقرير حول “وضع استعمال اللغة الفرنسية في العالم”، بمناسبة عقد قمة الفرانكفونية في تونس، إن القارة الإفريقية على وجه الخصوص، هي “محكّ مستقبل اللغة في العالم”.
وأرجع التقرير ذلك إلى حقيقة أن 95 بالمئة من المتحدثين الجدد باللغة الفرنسية، في السنوات الـ4 الماضية، والمقدّر تعدادهم بنحو 22 مليون، يعيشون في هذه القارة.
وفيما “تحافظ اللغة الفرنسية على وجودها في هذه القارة. فإنه لا يبدو أنها توسع تقدمها”، تقول القناة نقلا عن تقرير حديث لمنظمة الفرانكفونية.
“فإذا كانت نسبة المتحدثين بالفرنسية، تنمو بلا شك على المدى الطويل. يجب أن نلاحظ أيضا أنها قد وصلت بالتأكيد إلى ما يشبه العتبة”.
وأشار التقرير في هذا السياق، إلى بداية تدريس اللغة الإنجليزية لتلاميذ الابتدائي في الجزائر، إلى جانب اللغة الفرنسية.
وجاء في التقرير:”الأطفال الجزائريين، الذين عادوا إلى المدرسة في 21 سبتمبر الماضي، قد بدأوا في تعلم اللغة الإنجليزية ابتداء من السنة الثالثة الابتدائية”.
قبل أن يضيف بأن “الفرنسية لا تزال تثير جدلا واسعا في الجزائر، باعتبارها لغة الأعمال التجارية ولغة تدريس التخصصات العلمية. في حين أنها ليست لغة رسمية في البلاد”.
فرنسا هي مهد لغة موليير التي يستخدمها نحو 321 مليون شخصا، ما يجعلها خامس لغات العالم الأكثر انتشارا بعد الصينية، الإنجليزية، الإسبانية، والعربية. لكن المثير في الأمر أن باريس ليست هي العاصمة الأكثر نطقا بالفرنسية.
فحسب ما رصده تقرير لصحيفة “لوفيغارو” في 11 أكتوبر 2022، فإن عاصمة أخرى في القارة الإفريقية تتحدث اللغة الفرنسية أكثر من عاصمة فرنسا نفسها، وهذا بالنظر إلى الفرق في التعداد السكاني بين العاصمتين.
والعاصمة التي تحصي أكبر عدد من الناطقين بالفرنسية في العالم، هي عاصمة الكونغو الديمقراطية كينشاسا، التي يبلغ عدد سكانها 12.83 مليون نسمة حسب تقديرات حديثة.
ويتحدّث نصف سكان البلاد البالغ تعدادهم 90 مليون نسمة اللغة الفرنسية حسب الصحيفة، ما يجعل كينشاسا أكثر فرانكفونية من باريس التي لا يتجاوز عدد سكانها 2.16 مليون.
أما عاصمة الجزائر فقد وضعتها مجلة “جيو” في المركز الثامن، بين عواصم العالم الأكثر استخداما للفرنسية، نقلا عن بيانات المنظمة الدولية للفرانكفونية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس