لماذا يصر الاتحاد الأوروبي على تصدير أزمة “الهجرة غير الشرعية” للبدان العربية؟

1
لماذا يصر الاتحاد الأوروبي على تصدير أزمة
لماذا يصر الاتحاد الأوروبي على تصدير أزمة "الهجرة غير الشرعية" للبدان العربية؟

أفريقيا برس – الجزائر. يصر الاتحاد الأوروبي على معالجة قضية الهجرة غير الشرعية بمقاربة أمنية، وتصدير الأزمة لدول أخرى، عبر إقامة مراكز احتجاز لمنع وصول المهاجرين إلى أراضي الاتحاد.

وفق تقارير صحفية غربية، يسعى الاتحاد لتوقيع اتفاق مع المغرب، شبيه للاتفاق الموقع مع كل من مصر وموريتانيا وتركيا.

يرى خبراء أن الاتفاقيات الموقعة بين الاتحاد وعدد من الدول تأتي بعد أشهر قليلة من توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق حول قواعد جديدة بشأن تقاسم تكاليف استضافة اللاجئين بين الدول الأعضاء والحد من توافد المهاجرين غير النظاميين إلى الأراضي الأوروبية.

يرى خبراء أن عمل الاتحاد الأوروبي بمقاربة أمنية ومالية تحفظ له حدوده دون النظر للمخاطر التي تتسبب فيها المقاربة للبلدان الأخرى، يترتب عليه مخاطر كبرى، فضلا عن الابتعاد عن الآليات الواجبة لمعالجة الظاهرة والتي تتمثل في التنمية الحقيقية بدول المصدر، التي يحول الغرب دونها لاستفادته من ثروات هذه الدول.

في يوليو 2023، وقع وفد أوروبي خلال زيارة إلى تونس مذكرة تفاهم لإرساء “شراكة استراتيجية شاملة” تشمل، بالإضافة إلى قضية مكافحة الهجرة غير النظامية.

فيما أعلن مسؤول أوروبي حينها، أن الاتحاد الأوروبي يسعى لإبرام اتفاقيات شراكة استراتيجية مع كل من مصر والمغرب مماثلة لتلك التي أبرمها مع تونس والمتعلقة خصوصا بمكافحة الهجرة غير الشرعية.

البعد الأمني

يقول البرلماني المغربي نور الدين كربال، إن الغرب يتعامل مع ملف الهجرة من منطلق أمني، ويبعد المقاربة الإنسانية، وهو خلل في التصور إزاء الملف.

وأضاف أن التعامل مع ملف الهجرة يجب أن يكون من منطلق إيجابي، بما تتيحه عوامل للتعاون والتبادل الثقافي والفكري، مع الأخذ في الاعتبار التصدي للهجرة غير القانونية بآليات مغايرة للمتبعة حاليا.

يشير إلى أن الاتحاد الأوروبي يتحرك في إطار مشروعه الجديد بشأن إنشاء مراكز إيواء خارج دول الاتحاد.

آليات واجبة

ولفت إلى أن معالجة ملف الهجرة يحتاج لمقاربات مغايرة منها الديمقراطية والحرية والتنمية داخل بلدان المصدر، في الوقت الذي يعيق فيه الغرب التنمية في أفريقيا، ليستفيد من ثروات هذه البلدان.

وشدد على ضرورة أن يرفع الغرب يده عن البلدان الأفريقية التي يمكنها استثمار مواردها البشرية وثرواتها من أجل التنمية، وهي النقطة الأولى التي يجب البدء فيها في إطار التصدي للهجرة غير الشرعية.

ولفت إلى أن منح أراضي من اي دولة لإقامة مراكز إيواء، يمس بسيادة الدول، ويفضح رؤية الغرب التي تعتمد على المقاربة المالية والأمنية، خاصة أنه سيلزم كل من خرج من ركز إيواء بدولة ما العودة إليه مرة أخرى.

ويرى البرلماني المغربي، أن مراكز الإيواء تعقد الأزمة بشكل أكبر في الدول التي ستقام على أرضها.

تحذيرات من التبعات

يحذر البرلماني المغربي من الشروع في إقامة مثل هذه المراكز، فيظل تساؤلات بشأن ظروف الاحتجاز خاصة بالنسبة للأطفال والنساء، وعواقب الأمر على المستوى البعيد، والمخاطر التي قد تترتب على إقامة مثل هذه المراكز.

فيما يقول محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسسات الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة، إن عمل الاتحاد الأوروبي في نفس الاتجاه مع دول عبور شبكات الهجرة غير النظامية يمكن من بناء قواعد للعمل يخدم دول جنوب المتوسط و شماله، والفضاء الإقليمي ككل.

ويرى أنه من شأن هذا التوجه أن يعبر عن الفهم الواسع لتزايد حجم الهجرة الدولية في جميع أنحاء العالم، وفي المنطقة على وجه الخصوص والوعي بمتطلبات القانون وحقوق الإنسان في موضوع الهجرة.

ولفت إلى أن الارتفاع المسجل اليوم في مؤشرات الهجرة غير النظامية ناتج عن عوامل متعددة، من بينها النمو السكاني والبطالة في بلدان المصدر، وارتفاع الفوارق الاقتصادية بين الدول، بما يعرض العديد من دول المقصد والعبور ومن بينها المغرب لضغوط متزايدة.

وتابع: “الهجرة غير النظامية التي كان ينظر إليها كدينامية اقتصادية واجتماعية أصبحت العديد من الدول تنظر إليها كمصدر لقلق أمني وتهديدات حالية أو محتملة”.

ويرى أن الأزمة اليوم لا تتعلق بالتوقع وإدارة تدفقات الهجرة العفوية، وإنما هناك أنماط عملياتية كبيرة ومفاجئة للهجرة تقع بفعل تمكين شبكات الاتجار في المهاجرين، أو تركها تتحرك بحرية دون اعتبار للمسؤولية وللالتزامات القانونية والواجبات الأخلاقية.

موقع استراتيجي

وتابع: “تشعر المملكة المغربية بحكم موقعها الإستراتيجي، ولكونها بلد عبور ومقصد بشكل مباشر بالتحديات التي ترافق تدفقات المهاجرين، واستجابة المملكة المغربية لملف الهجرة تركز بالأساس على منع الخسائر في الأرواح بالبحر الابيض المتوسط والمحيط الأطلسي، ونجحت في تبديد مخاوف الشركاء الأووبيين من الهجرة الصاعدة من الجنوب”.

استطرد بقوله: “تقوم الإستراتيجية المغربية للهجرة واللجوء المعتمدة سنة 2013 على ركائر أساسية تتعلق بالعمل الانساني والإغاثة والإدماج والاجراءات القانونية والإدارية، واليوم هناك انخراط إيجابي للمواطنين الأفارقة في النسيج المغربي ومساهمتهم في قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والهندسة والفن والرياضة”.

ولفت إلى أنه في إطار الإستراتيجية المذكورة تمت تسوية وضع أكثر من 50 ألف مهاجر من دول أفريقية وشقيقة، بما له من أثر إنمائي على بلدانهم بواسطة تحويلاتهم المالية لأسرهم ومساهمة في الاستقرار.

مخاطر محتملة

وختم بقوله: “من الصعب التنبؤ بعواقب اندفاع المهاجرين غير النظاميين لأنها تتقاطع مع مخاطر أخرى مسبقا، في محيط إقليمي يشهد تحولات واضحة في العوامل التي تتحكم في توجيه تدفقات المهاجرين، في ظل غياب جهد دولي موحد لمعالجة الأسباب المؤدية للهجرة، وبناء أرضية مشتركة لمسارات الهجرة الآمنة وتقاسم أعباء المشاكل الناجمة عن طفرات الهجرة غير النظامية”.

وخصص الاتفاق الذي وقع مع تونس في وقت سابق، مساعدة بقيمة 105 ملايين يورو لدعم جهودها في مجال توقيف مهربي البشر ومنع قوارب المهاجرين من الإبحار من السواحل التونسية إلى سواحل الاتحاد الأوروبي القريبة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here