مختصون يحذّرون من مخاطر الاستهلاك العشوائي للأعشاب والمكمّلات الغذائية

10
مختصون يحذّرون من مخاطر الاستهلاك العشوائي للأعشاب والمكمّلات الغذائية
مختصون يحذّرون من مخاطر الاستهلاك العشوائي للأعشاب والمكمّلات الغذائية

افريقيا برسالجزائر. عادت ثقافة استهلاك منقوع الأعشاب أو ما يعرف بـ”التيزانة” مساء قبل النوم أو أثناء النهار في هذه الأيام الشتوية الباردة بقوة في أوساط العائلات والأسر، بحثا عن علاجات بديلة معزّزة ومقوية للمناعة تصديا لفيروس كورونا قبل افتكاكه بأفرادها، وتفقّهت الكثير من الأمهات والفتيات في أسماء ومكوّنات وفوائد تلك الأعشاب على اختلافها المعروفة في الطب الشعبي الجزائري والدخيلة عليه من دول المشرق والخليج وحتى من الصين.

يتداول الجزائريون في الآونة الأخيرة وصفات عشبية منقوعة راجت على مواقع التواصل بشمل لافت لفوائدها ومنافعها لتقوية المناعة الجسمية من منطق أنّ “العشبة التي لا تنفع لا تضر”، رغم أن هذه المقولة مردود عليها من قبل المختصين بالأدلة والحجج العلمية.

ولعل من أكثر ما باتت تبحث عنه الأمّهات في عالم الأنترنيت هي الأعشاب الواقية من كورونا أو المعالجة لأعراضها، حيث يتناصح رواد الصفحات الفايسبوكية وصفات معينة أساسها القرنفل والزنجبيل والكركم والزعتر البري والجبلي ولويزة والليمون والنعناع مع إضافة كميات من العسل الطبيعي.

وحذّر مسعود بلعمبري رئيس النقابة الوطنية للصيادلة الخواص الجزائريين، في تصريح للشروق، من الاستهلاك المتزايد للمكمّلات الغذائية والأعشاب في إطار الوقاية من الإصابة بفيروس كورونا، داعيا إلى الاعتدال في الاستهلاك واستشارة المختصين الأكفاء.

وأفاد بلعمبري أنّ الغالبية تلجأ لتعويض الأدوية بالطب البديل غير أنّ هذا الأخير يتطلب ضمانات وكفاءات ويستوجب أن يراعي التاجر ضميره ويتحمّل مسؤوليته خاصة في مثل هذا الظرف الصحي الاستثنائي والصعب.

ويرى بلعمبري أن الاستهلاك غير العقلاني لبعض الأعشاب وخلطها مع بعضها أو مع الأدوية لاسيما بالنسبة للمرضى المزمنين من الممكن أن يتسبب في تسمّمات وتفاعلات سلبية غير محمودة العواقب.

بدوره أفاد فتحي بن أشنهو المختص في الصحة العمومية أن جائحة كورونا سلطت الضوء على الاستهلاك غير العقلاني للجزائريين للأعشاب الطبية ولبعض الأدوية، مؤكدا وجود فراغ كبير في التربية الصحية والعلاجية على الدولة والسلطات الصحية تداركه في القريب العاجل. وأكد بن أشنهو أنّ الأعشاب بعكس ما يظنه الكثيرون، هي مواد كيميائية طبيعية والدواء مستخلص منها ليصبح مع تطوّراته مواد كيميائية اصطناعية.

وحذّر بن أشنهو من الآثار المدمرة للاستهلاك الفوضوي لتلك الأعشاب والتي يضر ويقضي على الكبد والكلى ويتسبب في أمراض لا علاج ولا شفاء منها في مقدمتها السرطانات. حيث قال “قد يمرض الإنسان بالكوفيد ويشفى منه، لكنه لن يشفى من الآثار الخطيرة لتلك الأعشاب على صحته”.

وأردف بن أشنهو أن جهاز المناعة ليس آلة نقوّيها مناسباتيا وإنما يتم تعزيزها بنمط حياة دائم ومستمر على الدوام، كما أن استهلاك الأعشاب والفيتامينات يخضع لكمية معينة ولتوقيت معين كما أنه يخضع لمعايير دقيقة.

وتأسف المختص لعدم تدخل السلطات المعنية لضبط هذه السوق ذات الصلة الوثيقة بصحة المواطنين، حتى أننا بتنا نشهد أعشابا من الصين واليمن والخليج مجهولة المكوّنات والمصدر ويتم تداولها عل نطاق واسع، تضر بشكل كبير المرضى المزمنين خاصة السكري وارتفاع الضغط الدموي.

وتطرّق بن أشنهو لأضرار فيتامين “ج” أو ما يعرف بـ “سي” لدى الجزائريين على مرضى الضغط الدموي بسبب الأملاح الكبيرة الموجودة به والتي تمنحه مفعول الغليان، كما أن البراسيتامول الذي يتناوله الجزائريون بكثرة لعلاج آلام والحمى يؤدي مع مرور الأيام إلى التسبب في الإصابة بسرطان الكبد.

وأوضح أنّ بيع الأعشاب وامتهان طب الأعشاب جريمة يعاقب عليها القانون لغير المتخصصين فيها غير أنه للأسف الشديد تظل ظاهرة مسكوتا عنها من قبل السلطات المختصة.

وشهدت أسعار الأعشاب الطبية في مختلف المحلات المتخصّصة في الطب البديل ارتفاعا محسوسا مع الموجة الثانية لفيروس كورونا في مختلف ولايات الوطن، وذلك نتيجة الإقبال غير المسبوق للمواطنين على اقتنائها واستعمالها كحلول وقائية بديلة.

وتراوحت الزيادات بين 20 إلى 30 من المائة برأي تجار التجزئة الذين برّروها بارتفاع الطلب وقلّة العرض وهي القاعدة الاقتصادية والتجارية التي تحكم، كما قالوا، عديد الأنشطة في مختلف المجالات، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المستوردة منها من دول الجوار وحتى بعض الدول الآسياوية.

ويؤكد باعة الأعشاب الذين تحدثنا إليهم في العاصمة أنّ الأمر يتجاوزهم وأنهم مجرد حلقة يطبقون ما فرض عليهم من زيادات بعد الإقبال على رفع الكميات المطلوبة للبيع.

أكّدت زهرة بودين، الطبيبة المختصة في التغذية، أنّ المبالغة في استهلاك الأعشاب الطبية تشكل خطرا كبيرا على الصّحة، لأن العشبة الطبية لها صفة التراكم في الجسم، الذي لا يخلص منها في فترة وجيزة، كما أنّ مفعولها يكون على مدار أسابيع، ولا يسهل التخلص منها بسهولة وبسرعة.

ونصحت بودين بعدم خلط الأعشاب مع بعضها، إلا ما يتناسب منها، وذلك طبعا بالعودة إلى المؤهلين في هذا الاختصاص، الذي يعد علما قائما بنفسه. وأضافت المختصة أن الأعشاب مثلها مثل الأدوية، يؤدي خلطها مع بعض إلى تفاعلات وآثار جانبية غير محمودة العواقب، حيث تنصح بالتركيز على الأغذية الغنية بالفيتامينات الواقية من الفيروسات واستهلاكها باعتدال، لأن كل ما زاد عن حده انقلب إلى ضده.

وذكرت المختصة في التغذية أنّ القرنفل يتسبب في اضطرابات في خفقان القلب، كما أن الكمون لدى الأطفال يتسبب في خفقان القلب، وإلى ذلك الزنجبيل، الذي يجب أن يستهلك عند نقع مبشورة في الماء في غضون 12 ساعة، وإلا فإنه سيتأكسد مثله مثل أي عشبة تترك منقوعة لفترة طويلة، وإلى ذلك القرفة، التي لها مفعول كبير في خفض نسبة السكر في الدم، ويشكل الإكثار منها خطورة على مرضى السكري، لا سيما من يجهلون إصاباتهم.

وركزت الدكتورة بودين على أن كل عشبة تستهلك في إطار معين وبطريقة طهي أو نقع خاصة، حيث إن الغلي الكثير للأعشاب يخرج منها المواد السامة، وبالتالي يكون لها تّأثير عكسي، وقالت بودين: “يجب معرفة تقنيات الطهي التي تتوفر على دور هام في استخلاص المواد النافعة في العشبة”.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here