أفريقيا برس – الجزائر. أعادت الفاجعة المرورية التي عاشتها الجزائر منذ أيام قليلة ملف السلامة المرورية وأمن النقل الجماعي من جديد إلى الواجهة، خاصة أن الحافلات تظل الوسيلة الأكثر استعمالا من قبل الجزائريين ويعتمد عليها الآلاف يوميا للتنقل بين مختلف المدن والولايات، حيث أصبح من الضروري البحث عن حلول تقنية ووضع ترسانة قانونية وهيئات استشارية من أجل ضبط السلامة المرورية بالجزائر، وتفادي المزيد من الفواجع والمجازر المرورية والخسائر في الأرواح.
وفي الموضوع، كشفت رئيسة الجمعية الوطنية لممرني السياقة، نبيلة فرحات، أنه أصبح من الضروري تعديل المرسوم التنفيذي 25-169 المتعلق بإلزامية الحصول على شهادة الكفاءة المهنية للسائق المحترف حيث يعد ذلك، حسبها، خطوة هامة ومفصلية في مسار تعزيز السلامة المرورية في الجزائر، خصوصا بالنسبة للأصناف المعنية التي يفوق وزنها 3500 كلغ، على غرار الشاحنات الثقيلة “صنف ج”، الشاحنات الثقيلة مع مقطورة “صنف ج1′′، المركبات الخاصة بالنقل العام “صنف هـ”، وكذا الحافلات “صنف د”.
وأكدت فرحات، أن هذه الشهادة عبارة عن أداة لضمان الكفاءة والاحترافية لدى السائقين الذين يتحمّلون مسؤولية قيادة مركبات ضخمة وخطرة على الطرقات، وأضافت أنه من غير المقبول اليوم أن نترك قيادة حافلة تقل عشرات الركاب أو شاحنة محمّلة بأطنان من البضائع بين أيدي أشخاص يفتقرون للتكوين المتخصّص والمعرفة التقنية والقانونية، حيث تمثل شهادة الكفاءة المهنية في هذه الحالة الحد الأدنى من الضمان لسلامة السائق والركاب ومستخدمي الطريق بصفة عامة.
وأوضحت المتحدثة، أن أهمية هذا التعديل يكمن في تعزيز السلامة المرورية بشكل مباشر، حيث سيساهم في تقليص هامش الأخطاء البشرية، وهي السبب الرئيس في أكثر من 90 بالمئة من حوادث المرور، حسب المتحدثة، مضيفة أن الحوادث التي تتسبّب فيها الشاحنات والحافلات غالبا ما تكون كارثية بسبب حجم المركبات وعدد الركاب، وهو الأمر الذي يضاعف لاحقا من حجم الخسائر البشرية والمادية.
وأكدت فرحات، أن السبب المباشر لأغلب الحوادث المميتة دائما يكون التجاوز الخطير مع غياب مسافة الأمان المقررة “5 م على الأقل عند المناورة”، فضلا عن تجاوز عدد الركاب المسموح به بالحافلات، وبالتالي، يفقد السائق السيطرة على المركبة ويتشتت انتباهه، وتابعت قائلة، إن مثل هذه الحوادث لم تكن لتقع لو كان السائق مكونا وفق معايير الكفاءة المهنية، ولديه إدراك تام بأهمية احترام مسافة الأمان، وعدد الركاب، وكذا أولويات السلامة قبل كل شيء.
ودعت رئيسة الجمعية الوطنية لممرني السياقة إلى التفكير بجدية في إنشاء مجلس أعلى وطني للوقاية من حوادث المرور وهيئة استشارية، تكون تحت إشراف ومصادقة الوزير الأول، ويضم ممثلين عن مختلف القطاعات الوزارية، الجمعيات المتخصصة، وخبراء السلامة المرورية، وأردفت أن وجود هذا المجلس سيمكّن من توحيد الجهود، وتنسيق الإستراتيجيات، وكذا متابعة تنفيذ البرامج الوقائية بشكل علمي ومنظم، بعيدا عن المقاربات الظرفية أو الجزئية.
كما شدّدت فرحات على أهمية مواصلة برامج التكوين المستمر للسائقين المحترفين، ومواكبة التطورات التكنولوجية في مجال النقل والوقاية، من خلال اعتماد محاكيات متطورة للتدريب، إدراج مواد قانونية أكثر صرامة تخص العقوبات على مخالفات السياقة المحترفة، وتحسين آليات الرقابة الميدانية، مؤكدة أن السلامة المرورية مسؤولية جماعية، غير أن السائق المحترف يبقى الحلقة الأساسية التي تبدأ منها سلسلة الأمان على الطريق، مضيفة أن التعديل ومنح شهادة الكفاءة المهنية مكانتها الحقيقية، ستكون الجزائر قد حققت خطوة كبيرة نحو تقليص الحوادث المميتة، وحماية أرواح الجزائريين على الطرقات وتفادي ما تخلفه من خسائر بشرية مؤلمة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس