أفريقيا برس – الجزائر. خلّفت صور حادثة التخريب والفوضى، التي عمّت سفينة باجي مختار، في أوّل رحلة لها بين الجزائر ومرسيليا، استياء واستنكارا واسعا من قبل مختلف فئات المجتمع، الذين عبروا عن سخطهم وعميق غضبهم من ارتكاب أفعال مشينة بهذا الحجم، في حق مرفق عام وممتلكات وطنية، الخاسر الوحيد من تضررها هو المسافر والمواطن.
تداول واسع لصور الحادثة في الفضاء الأزرق
وتم تداول صور الأعمال التخريبية التي طالت السفينة على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي تفاعل معها ملايين المشتركين عبر موقع “فيسبوك” و”تويتر” و”أنستغرام” وغيرها، حيث أبرز رواد الفضاء الأزرق صورا عديدة لبقايا الأكل والمشروبات، وسجائر مرمية على الأرض وقارورات مياه وأوساخ مرمية، بالإضافة إلى سرقة بعض التجهيزات والأغطية والأفرشة وسرقة أمتعة للمسافرين.
بكيس: جزائريون مستقيلون متذمّرون ولا يشعرون بالانتماء المجتمعي
وانتقدت تلك التعليقات همجية الفاعلين الذين انسلخوا من وطنيتهم، مقترفين سلوكات لا حضارية مشينة يندى لها الجبين ويخجل منها الصغير قبل الكبير.
وطالب مواطنون بتسليط عقوبات على الفاعلين وعدم تفويت الحادثة دون متابعة لكي تكون درسا وعبرة لكل من تسول له نفسه التعدي على الممتلكات العمومية.
وفي هذا السياق، قال نور الدين بكيس، المختص في علم الاجتماع السياسي، إنّ هذا النوع من السلوكيات مرتبط بنفسية المواطن وشعوره.. فالمواطن في حالة غضب مجتمعي وتذمر ويأس وانعدام ثقة.
وتحدث المختص عن تجربة الغرب، أين يشعر المواطنون في الدول المتقدمة بالانتماء، وهو ما يجعلهم أيضا يعملون على تحقيق مختلف الغايات، حيث يستهدف جزء من المواطنين هذا الانخراط ويتحولون إلى فاعلين لتعبئة المواطنين الآخرين، وبعدها يحدث التلاقي بين المؤسسة والمواطن الفرد الصالح الناشط الفاعل، لأن جزءا من المعالجة يخضع للمؤسسة التي تعمل في الغرب على معاقبة ومرافقة ومراقبة السلوك، سواء بالتحفيز أم العقاب، وبعدها تأتي أخلاقية وحضارية المواطن ومواطنته، بينما عندما نكون في مرحلة نقل المجتمعات من مجتمعات عدوانية ومتذمرة ومستقيلة إلى مجتمعات عادية بمدلول مواطنة وعلاقات تعاقدية نحتاج إلى تعبئة وضغط مؤسساتي عقابي، وبالتالي، فإن جزءا من سلوكيات المواطن قد يعود عليها بشكل دائم، وبالتالي صعب جدا التخلص منها بمجرد قرار، بل تحتاج إلى سيرورة انتقال ترتبط دائما بشعور المواطن بالانتماء أو الإقصاء بالإدماج أو بالتهميش.
ووصف المختص في علم الاجتماع السياسي المواطن الجزائري بالمستقيل والمهمش والمتذمر. والدليل، بحسبه، غلاء الأسعار الذي ينعكس على النفسية ويصبح له جزء من السلوك الانتقامي أو سلوك لامبالاة وعدم الالتزام، وليس شرطا أن يكون ذلك إراديا، يكفي فقط أن ينعدم الشعور بالانتماء والانخراط في مشروع مجتمع.
وأضاف المختص أنّ الانخراط الوحيد الموجود هو الانخراط بالخوف في حال وجود خطر أجنبي أو أزمة اقتصادية ستحدث ، غير أنّ الشعور بالخطإ لا يبني وطنا وليس كافيا فهو يحفز الفرد مرحليا وبشكل مؤقت والمؤشرات كثيرة على ذلك الجزء الكبير من الانخراط يكون في المجال الضيق “التنظيف داخل البيت أو أمامه أو الاعتناء بالحالة الشخصية وقد تنتقل إلى علاقات القرابة القريبة جدا الأبناء أو الوالدين.
ولفت المتحدث الانتباه إلى وجود مستويات الانخراط الكبيرة والرغبة موجودة عند الكثيرين لأن المجتمع تطور بشكل كبير، لكن المشكل الأساسي أنه لم يحدث هزّة أو قفزة تحدث التحول وتنقل المواطن من السلوكيات القديمة إلى سلوكيات حديثة تتماشى مع النموذج الموجود في دينه. ويرى بكيس بأن الحل للخروج من كل هذا التخبط هو حل مؤسساتي يتمثل في إشراك المواطن وإشعاره بأنه مشارك بشكل كامل وإشعاره بالانتماء، مستغربا الاستقالة المواطناتية حتى داخل الجامعة: لماذا لا يشعر الأستاذ والطلبة بالانتماء ولا يعملون من أجل تغيير واقع مؤسساتهم التعليمية وإصلاحها.
وأردف: “ما نلاحظه، هو عند وجود هبات وطنية كبيرة تحت ضغط إعلامي نجد قابلية كبيرة لدى المواطن لكن بمجرد ذهاب سياق التدافع والتجييش يعود المواطن للنسخة الأصلية الخاصة به التي لم تنخرط بعد في مشروع مجتمع”.
وبشكل عام هنالك ازدواجية، يقول المختص، فهنالك رغبة لكن لا يوجد اقتناع بالانخراط ولا يوجد مؤشرات تلاقي تبين بأنّ المواطن انتقل من نسخة ما يريد.
للتذكير، فقد كشفت الشركة الوطنية للنقل البحري للمسافرين عن فتح تحقيق في الصور والفيديوهات المتداولة رصدت الحالة الكارثية لسفينة “باجي مختار 3” عقب أوّل رحلة لها، مؤداه أنه سيتم تجميع كل الفيديوهات المسجلة عبر كاميرات السفينة، وتحديد حجم الخسائر ومن ثم إرسالها إلى السلطات المختصة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس