أفريقيا برس – الجزائر. أدانت محكمة الجنايات الاستئنافية بمجلس قضاء وهران الاثنين، المتورط في ارتكاب جنايتي محاولة القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد ومحاولة السرقة باستعمال العنف، بخمس سنوات سجنا، وهي الجريمة التي راح ضحيتها شابان، تعرضا لطعنات خطيرة من المتهم، بعد أن وجد منهما مقاومة شرسة حالت دون تنفيذ خطته في سلبهما مبلغ 450 مليون سنتيم عن طريق الاحتيال والاستدراج.
تعود وقائع هذه القضية إلى تاريخ 18-11-2020، عندما استقبلت مصلحة الاستعجالات بمستشفى وهران الجامعي حالتين في وضع صحي حرج للغاية، نتيجة تلقيهما عدة طعنات، أصابت أخطرها أحد المصابين في منطقة البطن، ما استدعى إخضاعهما لعمليات جراحية مستعجلة لإنقاذ حياتهما من الموت، فيما مكن التحقيق الذي باشرته عناصر الشرطة في الحادثة، من توقيف الفاعل وهو بصدد الفرار من مسكن يقع بشارع – إيميل كايلا -.
المتهم المدعو (ش. ع. م) اعترف بعد توقيفه بالجرم الذي اقترفه في حق ضحيتيه، موضحا في محضر سماعه أمام الضبطية القضائية أنه بسبب تعرضه لضائقة مالية ألحقت الأذى بعائلته، فقد اضطر للبحث عن أسرع وسيلة لتحصيل المال، وبأي طريقة يسهل عليه تنفيذها، ليهتدي بعد تفكير ملي في الأمر، إلى الترويج لمنشور على موقع للإعلانات التجارية، زعم فيه أنه ينشط في تحويل العملات الأجنبية بسعر صرف مغر، وله منها 30 ألف أورو، وبالفعل حرك الطعم صنارته، يتلقى في ظرف وجيز اتصالا هاتفيا من أحد الضحايا، الذي أبدى اهتمامه بالعرض، وحاجته لتحويل كل المبلغ الذي بحوزته بما يساوي من العملة الوطنية 450 مليون سنتيم.
واتفق الطرفان على مكان وتاريخ إجراء صفقة التسليم والاستلام، والتي لجأ المتهم لأجل حبك روايته تلك، وتهيئة الظروف المريحة لإتمامها، إلى الترتيب لتلك المقابلة باستئجار شقة لمدة 24 ساعة فقط، لكن في تمام الموعد المحدد، تفاجأ بالزبون الذي اتفق معه عبر الهاتف، يأتيه مرفقا بشخص آخر، الأمر الذي عقد بعض الشيء من مهمته، ورغم ذلك أصر على إكمال الخطة مهما كانت العواقب، خاصة أن الطرف الآخر قد أتاه اللحظة محملا بالغنيمة التي يريد لحل مشاكله المالية، وهو في المقابل لا يحتكم على أي سنتيم من عملة دول الاتحاد الأوروبي.
وصرح المدان أنه بعد استقباله الوافدين، قرر القيام في البداية بإجبارهما تحت التهديد على التخلي عن حقيبة المال التي أتيا بها، والنفاذ بجلدهما في صمت من دون أن يقع عليهما مكروه، غير أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، ويتلقى مقاومة ودفاعا مستميتا منهما، مبديين رفضا مطلقا للاستسلام لوعيده، مضيفا أنه بسبب حساسية الموقف الذي أقحم نفسه فيه، وإدراكه خطورة العواقب التي سيدفع ثمنها، ومن ذلك روحه التي بدت له أنه سيفقدها في تلك الأثناء على أيدي خصميه العنيدين حسب ادعائه، فزعم أنه لم يجد سوى السلاح الأبيض الذي كان يلوح به عليهما ليغرزه في جسديهما حتى يفلت منهما، نافيا في المقابل تبييته أي نية لإراقة الدم في سبيل الظفر بالمال، سواء بقتلهما أو بمحاولة ذلك بأي شكل من الأشكال، خاصة أن هدفه من وراء تلك الحيلة كان فقط تحصيل المال ليعوض عائلته ما دفعته لأجله في سبيل أن يستقل بمشروع خاص يسترزق منه، ويكون لها سندا وعضدا حين يشتد عوده به، لكنه يضيف أنه تعرض للاحتيال، وضاع معه رأس المال وما دونه وأهم منه.
في يوم المحاكمة، استقدم المتهم على كرسي متحرك، ومن شحوب محياه تبدو علامات المرض والاعتلال، حيث لم ينكر الأفعال المنسوبة إليه، وظل متمسكا بكل اعترافاته الأولى أمام جهات التحقيق، مبديا ندمه وأسفه على اقترافها في حق الضحيتين، مشيرا في المقابل إلى سوء المصير الذي آل إليه بسبب تطلعه إلى مال الغير، حيث بات كل شيء في نظره غير مهم بعد أن فقد صحته، محاولا في السياق استعطاف هيئة المحكمة بوضعه الصحي الذي تدهور خلف الأسوار، بعد إصابته بسرطان الدم، الذي قال إنه أخذ ينهش كل يوم من جسمه قطعة، راجيا منها فقط تخفيف العقوبة للخروج من السجن في أقرب وقت ممكن.
أما النيابة العامة، فقد أكدت على خطورة الوقائع التي كاد ضحيتاها أن يفقدا حياتهما بسببها لولا العناية الإلهية التي قدرت تدخل الأطباء في الوقت المناسب، معتبرة أن نية الجاني في إيقاع الأذى البليغ بهما كانت حاضرة، من خلال تسلحه بسكين، وبها نفذ جريمته، وكذلك ترصده لقدومهما من أجل الإجهاز عليهما وسلبهما المال بعد أن يفقدا قدرتهما على الرد والصد، لتلتمس تسليط عقوبة السجن المؤبد في حقه.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس