الجزائر تستعيد بريقها الإقليمي بتعزيز قدرات الجيش

56
بوقدوم: هذه هي الحالات التي يشارك فيها الجيش خارج الحدود

بقلم : فريدة شراد

أفريقيا برسالجزائر. سمحت المناورة البحرية للجيش الجزائري التي جرت في الواجهة البحرية الغربية لولاية وهران، سمحت لأن يعلن الفريق السعيد شنڤريحة رئيس أركان الجيش الجزائري، عن طموح الجزائر أن يكون لها جيش قوي، يضمن لها على الدوام، التفوق الاستراتيجي في المنطقة كقوة إقليمية.

وقال قائد الجيش الجزائري بعد نجاح التمرين البحري، “مركب الردع 2021″ في القاعدة البحرية مرسى الكبير إنه ” يحق للجزائر الجديدة، أن يكون لها جيش قوي، متطور واحترافي، يمكنها من لعب دورها الكامل والمشروع كقوة إقليمية مهابة الجانب، ويضمن لها على الدوام، التفوق الاستراتيجي في المنطقة، جيش قادر، في كل وقت وحين، على الحفاظ على وديعة الشهداء الأبرار”. هذا التصريح لا يمكن إخراجه عن السياق الجيوسياسي الذي تعرفه المنطقة، مع المتغيرات الجديدة في منطقة شمال أفريقيا، ولا عن مسار تطوير الجيش الجزائري الذي بدء منذ أكثر من 15 سنة.

الجيش الجزائري يتفوق

وقد أظهرت بيانات موقع “غلوبال فاير باور” المختص بالشؤون العسكرية، أن الجزائر من أقوى دول العالم التي تمتلك أسطول غواصات، وجاءت الجزائر في المركز الـ 15 وتلتها مصر في المركز الـ 16 وتمتلك كل منهما 8 غواصات وكانت البحرية الجزائرية قامت بإدخال غواصتين جديدتين من طراز “كيلو” من المشروع 636 في حفل أقيم في قاعدة مرسى الكبير البحرية في وهران في 9 يناير 2019.

وسبق لنفس الموقع أن رتب الجيش الجزائري في المرتبة الأولى مغاربياً والثانية أفريقياً والثالثة عربياً والـ 28 عالميا
وقالت مجلة الجيش الناطق الرسمي باسم المؤسسة العسكرية في الجزائر؛ إن تقييم وتصنيف وترتيب جيوش العالم وقوتها لا يقاس بعدد جنودها وحجم عتادها العسكري، وإنما محدداته هي ميزانية الدفاع والخبرة القتالية وحجم الصناعات العسكرية الموجودة في الدولة، إضافة إلى المستوى التدريبي للجيش وقدراته المسلحة ووفرة الاسلحة والمعدات المتطورة ومدى اعتماد جيوش الدولة على الأنظمة الالكترونية هي من يتحكم في التصنيف.

جيش قوي

علي روينة، خبير عسكري وأمني

يرى الخبير العسكري والأمني علي روينة في تصريح خص به موقع “أفريقيا برس”، أن عقيدة الجيش الجزائري المستمدة من تاريخه فهو سليل جيش التحرير الوطني، قاهر أكبر قوة عسكرية في حرب التحرير ومن وراءها الحلف الأطلسي، وتسميته الجيش الوطني الشعبي تعطيه روحاً لأن عناصره من الشعب.

وأضاف روينة: “لا أفشي سرا إذا قلت أنه في السنوات الأخيرة تم بناء هذا الجيش تحت إشراف قادة أركان الجيش أي في حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بقيادة الفريق الراحل أحمد قايد صالح ومرافقيه من قيادة الأركان عدة وعتادا”.

وأكد روينة أن الجيش الجزائري جاهز لمواجهة كل المخاطر المحيطة بالبلاد من تحديات إقليمية كبرى كالحدود التي تتجاوز 7000 كلم، وتسلل الجماعات الارهابية كالقاعدة وبوكو حرام، والأزمة الليبية، التي اسقطت الدولة مباشرة بواسطة حلف الناتو بقيادة فرنسا.

وأضاف روينة في الصدد ذاته أن الجيش الجزائري يواجه تدفق الأسلحة التي تعد بالملايين وتسلل الجماعات الارهابية، وجماعات المرتزقة، التي تلقي بظلالها على الأمن القومي الجزائري.
وأضاف روينة قائلا: “الأزمة مع المغرب وتطبيعه مع الكيان الصهيوني كل هذه الأمور ساهمت بشكل كبير في تطوير الجيش وجعلت الجزائر قوية بجيشها وشبعها، فقوة الدول تقاس بقوة جيشها وبالتالي هذا الجيش له قوة و قوة كبيرة جدا”.

ميزانية الجيش الجزائري

وفي سياق تطوير الجيش أوضح الخبير الأمني علي روينة أن تخصيص ميزانية كبيرة لتجهيزه بأحدث الأسلحة ورفع عدد عناصره إلى أكثر من 600 ألف جندي بميزانية تتجاوز 13 مليار دولار سنويا في سنة 2017، مضيفاً أن هذا كله جاء لتعزيز قدرات الجيش وتجهيزه بأحسن المعدات الحربية، من طائرات وسفن ودبابات وأسلحة ثقيلة وخفيفة.

والجيش الجزائري يضم كل الفروع المسلحة من قوات برية وبحرية وجوية والحرس الجمهوري والدرك الوطني من قوات النخبة حسب علي روينة.

أما عن تعداد الجيش فقال روينة: “وهو جيش مكون من 600 ألف فردا من جنود وضباط صف وضباط..هو جيش مجهز على جميع المستويات وقادر على صد أي عدوان خارجي أو أي تهديد يهدد سلم وأمن الجزائر.. ناهيك أيضا عن سلاح الحرب الالكترونية الذي تم انشاؤه سنة 2010، والذي أصبح سلاحاً فتاكاً للدول، تستعمله كما حدث مؤخراً مع برنامج “بيغاسوس” الصهيوني الذي استعمله المغرب للتجسس، وفي الحقيقة هي حرب الكترونية تستعمل من أجل التجسس على الجيش الجزائري فيما يخص التدريبات والتجهيزات”.

كما تحدث الخبير الأمني والعسكري عن المناورة التي قام بها الجيش الوطني الشعبي من الناحية العسكرية الثانية، كانت المناورة في اليوم الأول برية و في اليوم الثاني كانت مناورة بحرية بإصابة أهداف برية انطلاقا من البحر.

من ناحية الأفراد أكد روينة أن وزارة الدفاع الجزائرية أصبحت تشترط مستوى سنة رابعة متوسط لأدنى جندي سواء للمتعاقد أو العامل وبالتالي أصبح هناك نخبة على مستوى الضباط وصف الضباط، والكثير من الأفراد يحملون شهادة دكتوراه وهذه تقم نوعي حتى على مستوى الأفراد. وأدرج علي روينة “هذه القوة في إطار بناء جيش عصري جيش قوي، يعكس قوة هذا البلد، وعراقة هذا البلد وإرث هذا البلد وتاريخه المجيد الطويل العريض”.

الصهاينة على الحدود

وفي سؤال “أفريقيا برس” حول سعي الجزائر في المدة الاخيرة لتطوير وتقوية الجيش بكل السبل والوسائل خاصة بعد إمضاء المغرب إتفاقية التطبيع مع العدو الصهيوني وأن هذه التقوية تمثل الدافع الأول للجزائر لاقتراب العدو الإسرائيلي من الحدود؟ أكد الخبير الأمني والعسكري علي روينة؛ أن “الجزائر مستهدفة منذ حرب 6 أيام أو حرب اكتوبر 1973 التي أبلى فيها الجيش الوطني الشعبي البلاء الحسن في معاركه ضد الكيان الصهيوني على الاراضي العربية المصرية والذين استهانوا به وبقوته رغم أنه قوة ضاربة كان لم يفصل عن استقلاله عن الاستعمار الفرنسي سوى سنوات قليلة وبالتالي الجيش مستهدف منذ ذاك التاريخ إلى يومنا هذا إلى حتى التطبيع مع نظام المخزن”.

وأضاف روينة: “وبالتالي تقوية الجيش الجزائري لها علاقة بكل المخاطر وليس بالتحديد العدو الصهيوني أو دولة محددة فكل الدول المحترمة والمهابة لها جيوش قوية تصنع مجدها وتصنع قوتها ومهابتها بين الجيوش في العالم والجيش الجزائري مستهدف منذ سبعينيات القرن الماضي”.

وحسب روينة فقد شهد الجيش الجزائري تطوراً كبيراً في فقترة تولي الفريق الرحل قايد صالح قيادة الأركان، قائلا: “منذ ذلك التاريخ والجيش في تطور مستمر سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى التجهيزات، أو على مستوى التدريبات النوعية والمناورات التي تقام من حين لآخر بمشاهدة الشعب الجزائري والعالم ككل، في النواحي العسكرية الستة وبالذخيرة الحية وبتمارين تكتيكية تؤهل الجيش وتطوره اكثر، ناهيك عن التربصات التي يقوم بها خارج الوطن خاصة في روسيا الفيدرالية، وبالتالي هو جيش يبنى باستمرار وجيش في جاهزية مستمرة للتصدي لأي خطر في كل وقت وفي أي ظرف، وهو يقول نحن بالمرصاد لأي خطر”.

ومن جهة أخرى تحدث روينة عن الميزة التي يتحلى بها الجيش الجزائري وهي أنه: “جيش وطني شعبي؛ بعني أن تركيبته من أفراد هذا الشعب، ليس لدينا أي مرتزقة أو خونة أو أناس قادمون من الخارج ولا شيء من هذا القبيل، هم أبناء الشعب يؤمنون بهذا البلد، يؤمنون بقضيته، يؤمنون بتاريخه المجيد الذي خطه الرجال بالدماء، وبالتالي هذا الجيش هو عصارة وإرث وامتداد لجيش التحرير الوطني الذي كما قلت في بداية الحديث؛ أبلى البلاء الحسن مدة سبع سنوات ونصف مقابل أعتى قوة في العالم بمساندة الحلف الأطلسي، والتاريخ بعيد نفسه فنفس الدول التي كانت ضد الجزائر سابقاً هي تتكالب عليه الآن وهي تقف مع العدو الصهيوني وتسند العدو الصهيوني أيضا”.

رفع ميزانية الجيش

وفيما يخص رفع ميزانية الجيش الجزائري قال الخبير الأمني علي روينة: “إن الجيش الجزائري يتم تقييمه من فترة إلى أخرى بمعنى أن كل سلاح له تأثير ويكون بمثابة القوة الضارية كمنظومة الصواريخ A400 وS500 التي ينتظر أن يكون الجيش الجزائري أول الذين يقتنونها”.

وأوضح روينة أن هذا التطور يدخل ضمن تقييم الجيش الجزائري، وحسب رأيه؛ “فمع تطور الأسلحة في العالم خاصة عند الشريك الأساسي للجزائر روسيا فالميزانية سترتفع لأنه كلما تطورت الأسلحة زادت أسعارها مقابل اقتناء السلاح بسبب فروق الأسعار وبالتالي اتوقع زيادة في الميزانية”.

وفي الصدد ذاته قال علي روينة: “مبلغ 17 مليار دولار في سنة 2017 ليس بالمبلغ الهين، وهي ميزانية ضخمة جدا في شمال أفريقيا وقليل من الدول في العالم الثالث ترصد مثل هذا المبلغ لتطوير قدرات جيوشها، وبالتالي ليس بالغريب أن الجزائر ستذهب مباشرة لزيادة الميزانية ليس من أجل مواجهة الأخطار والتهديدات فحسب بل من أجل تطوير الجيش”

ومن جهة أخرى يعتبر الخبير الأمني أن: “استقراء التاريخ يقودنا إلى أن المشروع هو تفكيك الدول العربية والإسلامية كما حدث في السودان وسيحدث في العراق وليبيا وكل الدول العربية والجزائر من بين الدول الممانعة التي تم استهدافها ويقيت صامدة، والجزائر تجابه كل المخططات ولا زالت عينها على كل شاردة وواردة لصد هذه المخاطر والمخططات الجهنمية التي تريد تفكيك هذا الشعب”.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here