الجزائر تحتفل بمرور 67 سنة على ثورة نوفمبر في ظل أزمة مع فرنسا

13
الجزائر تحتفل بمرور 67 سنة على ثورة نوفمبر في ظل أزمة مع فرنسا فجرتها تصريحات ماكرون
الجزائر تحتفل بمرور 67 سنة على ثورة نوفمبر في ظل أزمة مع فرنسا فجرتها تصريحات ماكرون

أفريقيا برس – الجزائر. تحتفل الجزائر هذا العام بالذكرى الـ67 لاندلاع ثورة 1 نوفمبر/تشرين الثاني 1954، في ظل أزمة غير مسبوقة في العلاقات الجزائرية الفرنسية، فجرها ملف الذاكرة بين البلدين، والتي أعادت إلى الواجهة مسائلات تاريخية لفرنسا بسبب ماضيها الاستعماري ورفضها الاعتذار عن ما اقترفته من مجازر وجرائم ضد الإنسانية بالجزائر.

تحل ذكرى اندلاع ثورة التحرير الجزائرية لتعيد من جديد النقاش حول تاريخ فرنسا في الجزائر على مدار 132 سنة من التواجد الذي ميزه حرب ضد الإنسان الجزائري طالت هويته وثقافته وتاريخه وأرضه، استخدمت فيها فرنسا كل الوسائل الممكنة وغير الإنسانية لجعل من الجزائر فرنسية إلى الأبد، ولم تتوان في ارتكاب أبشع المجازر والانتهاكات وصلت إلى حد استخدام أبناء الجزائر كفئران تجارب في تجاربها النووية بالصحراء الجزائرية والتي لا زالت آثارها قائمة إلى اليوم.

الماضي الاستعماري الفرنسي اليوم، أو كما يطلق عليه بملف الذاكرة بين الجزائر وفرنسا أصبح حجر عثرة في وجه تطبيع العلاقات بين البلدين، وفي ظل اتهامات لفرنسا بمحاولة تسييس هذا الملف وتوظيفه من طرف المسؤولين الفرنسيين كورقة في أجنداتهم الداخلية خاصة في المواعيد الانتخابية على حساب الجزائر وتاريخها.

وكانت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة التي طعن فيها في تاريخ الجزائر ونفيه لوجود أمة جزائرية قبل وصول الاستعمار الفرنسي سنة 1830، إحدى حلقات التوظيف السياسي الفرنسي لملف الذاكرة لأغراض انتخابية، بسبب ارتفاع أسهم اليمين المتطرف الذي لا يزال يتباكى على ضياع حلم الجزائر الفرنسية، وهي التصريحات التي فتحت باب أزمة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين البلدين، استدعت الجزائر على إثرها سفيرها لدى باريس لغرض التشاور ولم يعد إلى حد الآن، خطوة تلتها أخرى أغلقت الجزائر بموجبها مجالها الجوي في وجه الطائرات العسكرية الفرنسية.

ووصفت الجزائر تصريحات ماكرون بالخطأ الجسيم، والتي جاءت بعد قرار فرنسي بتخفيض التأشيرات للمواطنين الجزائريين إلى النصف، أثار انتقادات حادة بالجزائر.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أكد في كلمة له عشية تخليد ذكرى مجازر 17 أكتوبر 1961، التي مات خلالها عشرات الجزائريين غرقا بنهر السين بباريس “هذه المناسبة تتيح لي تأكيدَ حرصنا الشديد على التعاطي مع ملفات التاريخ والذاكرة، بعيدا عن أي تراخ أو تنازل، وبروح المسؤولية، وفي منأى عن تأثيرات الأهواء وعن هيمنة الفكر الاستعماري الاستعلائي على لوبيات عاجزة عن التحرر من تطرفها المزمن”. واعتبر بأن هذه المجزرة تعد “وجها من الأوجه البشعة لسلسلة المجازر الشنيعة، والجرائم ضد الإنسانية التي تحتفظ بمآسيها ذاكرة الأمة”.

وترفض فرنسا إلى حد الآن الاعتذار عن جرائمها الاستعمارية، وتحاول التملص منها عبر كل الطرق، وهو ما أبان عنه بيان الإليزيه بعد تنقل ماكرون يوم 17 الجاري إلى مكان إغراق الجزائريين بنهر السين، الذي حمل مسؤولية هذه المجازر لرئيس شرطة باريس آنذاك موريس بابون وليس للدولة الفرنسية بقوله: “أقر بالوقائع: إن الجرائم التي ارتكبت تلك الليلة تحت سلطة موريس بابون (قائد شرطة باريس يومها) لا مبرر لها بالنسبة إلى الجمهورية”.

وتجاهلت الجزائر خطوة ماكرون، بزيارته لموقع الحادثة كونه أول رئيس فرنسي يقدم على هذه الخطوة ووصف ما حدث بالجريمة، كما تجاهلت فيما سبق تقرير المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا، والذي اعتبرته فرنسيا- فرنسيا لا يعني بشيء الجزائر.

وتتشبث الجزائر بمعالجة ملف الذاكرة بعيدا عن أي حسابات داخلية فرنسية، وتربط جودة العلاقات مع باريس كما أكد على ذلك الرئيس تبون في كلمته بمناسبة احتفالات الاستقلال الموافقة لـ5 يوليو بـ”مراعاة التاريخ ومعالجة ملفات الذاكرة التي لا يمكن بأي حال أن يتم التنازل عنها مهما كانت المسوغات”، وشدد على أن مواصلة استرجاع جماجم الشهداء واسترجاع الأرشيف وتعويض ضحايا التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية “ستبقى مفتوحة”، وعليه إن توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين على أسس صلبة يمر حتما عبر “معالجة هذه الملفات بجدية ورصانة”.

لكن يبدو أن عودة الدفء للعلاقات بين البلدين لن يكون غدا، بسبب تعدد أوجه الأزمة القائمة بين فرنسا والجزائر، والتي لا تتعلق فقط بملف الذاكرة، بل تعدته إلى ملفات تتعلق بقضايا إقليمية تخص المنطقة، على غرار قضية الصحراء الغربية، والوضع في الساحل خاصة بمالي، والتي ظهر بشأنها تباينا كبيرا في مواقف البلدين.

وأعادت الأزمة في العلاقات بين البلدين إلى الواجهة مطالب بمنع استعمال اللغة الفرنسية في الإدارات والمؤسسات الجزائرية وإعادة تفعيل قانون تعميم اللغة العربية المجمد منذ سنة 1992، وكانت 3 وزارات، الشباب والرياضة، التكوين المهني، العمل والضمان الاجتماعي، قررت استعمال اللغة العربية حصريا في جميع المراسلات والتقارير ومحاضر الاجتماعات والوثائق.. كما ارتفعت الأصوات المطالبة بإصدار قانون تجريم الاستعمار، من طرف أحزاب سياسية ومنظمات جماهيرية. وتعدت الإجراءات لتشمل التعاون الاقتصادي، حيث أعلنت جمعية محلية للمقاولين عن مقاطعة المنتجات الفرنسية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here