الجزائر تحسم موقفها من الأزمة الروسية الأوكرانية

11
مبنى سفارة الجزائر في العاصمة الأوكرانية كييف
مبنى سفارة الجزائر في العاصمة الأوكرانية كييف

فريدة شراد

أفريقيا برس – الجزائر. منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والجزائر لم تحسم موقفها بتصريح رسمي من وزارة الخارجية المسؤولة الأولى عن إعلان مثل هذه القرارات. وفي أخر ظهور لوزير الخارجية رمطان لعمامرة رفض الإجابة عن سؤال حول موقف بلاه من الأزمة الروسية الأوكرانية مكتفيا بالقول أن الأهم الآن هو إجلاء الجزائريين.

هل هو الحسم؟

عبدالحميد عبداوي – مدير الاتصال والإعلام بوزارة الخارجية الجزائرية

كشف عبدالحميد عبداوي مدير الاتصال والإعلام بوزارة الخارجية الجزائرية، وفي تصريحات إعلامية للصحافة الجزائرية، عن موقف بلاده من الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حاسما بقائها على الحياد وعدم الاصطفاف لجهة عن الأخرى. وأكد السفير السابق للجزائر في المملكة المغربية أن “الدولة الجزائرية لها سياسة ترفض المشاركة في أي نزاع”، هي تنأى بنفسها عن المشاركة في أي نزاع يريدون إقحامها فيه.

من جهة أخرى، اتهم المتحدث ذاته جهات لم يسمها بمحاولة إقحام بلاده في الصراع الذي أحد أطرافه روسيا والتي تربطها بالجزائر علاقات سياسية وعسكرية إستراتيجية تعززت منذ 2001، بعد توقيع البلدين على “اتفاقية التعاون الاستراتيجي”. وشدد الدبلوماسي الجزائري على أن “أولوية الأولويات” لدى السلطات الجزائرية هي “حماية رعاياها في الخارج”. كما ترتبط بمصالح اقتصادية كبيرة مع الاتحاد الأوروبي من خلال “اتفاق الشراكة الاقتصادية والتجارية” منذ النصف الثاني لتسعينيات القرن الماضي.

كشف مدير الاتصال والإعلام بوزارة الخارجية عن اجتياز 1400 جزائري الحدود الأوكرانية، منذ بداية العملية العسكرية الروسية، وهذا حسب إحصائيات الدول المجاورة لأوكرانيا. وأكد المتحدث ذاته أنه سيتم برمجة رحلات إجلاء حسب طلب الرعايا الجزائريين، مشيرا إلى أنه لم يتم تسجيل أي حالة وفاة جديدة لدى الجالية الجزائرية في أوكرانيا.

وفيق بوقعدة - الباحث والأستاذ في العلوم السياسية بجامعة الجزائر
وفيق بوقعدة – الباحث والأستاذ في العلوم السياسية بجامعة الجزائر

وبخصوص حياد الجزائر، قال توفيق بوقعدة، الباحث والأستاذ في العلوم السياسية بجامعة الجزائر في تصريح خص به موقع “أفريقيا برس”؛ إن بلاده  تعودت على مثل  هذا القرار منذ الاستقلال وانخراطها في حركة عدم الانحياز، التي لطالما عبرت فيها الجزائر أنها تنأى بنفسها عن مثل هكذا صراع  دولي بين قطبي العالم في تلك الفترة وهما القطب الشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي والقطب الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

ووصف الباحث والأستاذ في العلوم السياسية الحياد بالإيجابي بسبب وجود مصالح مع طرفي الصراع، مؤكدا استحالة التدخل في الأزمة ولا وجود لإمكانية لذلك لصالح طرف على طرف آخر. وأضاف قائلا: “الحياد ينسجم مع موقف الجزائر، في العلاقات الدولية كذلك ينسجم مع موقفها في ودستورها الذي يدعو إلى الحياد في مثل هكذا أزمات عالمية”.

يرى بوقعدة، إن موقف الجزائر من الأزمة الروسية الأوكرانية هو موقف طبيعي جدا، باعتبار أن هذه الأزمة دولية لديها رهاناتها على المستوى العالمي بين قوة كبرى، رهانات جيواستراتيجية تسعى إلى تحقيقها والوصول إليها، وبالتالي فموقف الجزائر هو موقف محايد ليس مع أي طرف من أطراف هذه الأزمة. وأضاف المتحدث ذاته أن ما يميز الصراع الروسي الأوكراني لاعتباره قضية بعيدة عن الجزائر جغرافيا، حتى وإن كان لها تأثيرات على الجزائر إلا أنها تبقى على المستوى الاقتصادي وليس على المستوى الأمني  أوعلى المستوى الجيواستراتيجي في رؤية الجزائر للمنطقة.

إقحام الجزائر في الصراع

وبخصوص تصريح المدير العام للاتصال والإعلام بوزارة الشؤون الخارجية وشؤون الجالية الوطنية في الخارج، عيد الحميد عبداوي، حول وجود أطراف تسعى لزج الجزائر في الأزمة الروسية الأوكرانية يتحدث بوقعدة، عن هوية هذه الأطراف التي أشار إليها الدبلوماسي بشكل ما. وقال إنه يوجد اتجاه في العالم الغربي نحو ضرورة انخراط كل دول العالم في إدانة الحرب الروسية في أوكرانيا.

وأضاف المتحدث ذاته أن هذا “الاصطفاف حول فكرة أن هذه الأزمة هي حرب بوتين –الرئيس الروسي- ضد العالم، وليس ضد أوكرانيا فقط وفي تصوري أنه لحد الآن لم تصدر أي تصريحات من أي جهة في للعالم تضغط على الجزائر من أجل اتخاذ هذا الموقف خاصة إن هذا الموقف ليس موقف الجزائر وحدها بل هناك العشرات من الدول لها نفس الموقف وهو موقف متزن يحفظ مصالح الجزائر ورهاناتها الاقتصادية والعسكرية والأمنية والجيواستراتيجية”.

إجلاء الجزائريين من أوكرانيا

وفي 4 فيفري 2022، وصل 76 جزائريا يقيمون في أوكرانيا  إلى الجزائر العاصمة قادمين من بوخارست الرومانية في أول رحلة إجلاء للرعايا الجزائريين فيما تمت برمجة 4 رحلات أخرى خلال الأيام القادمة.

وكان رمطان لعمامرة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج في استقبال هؤلاء الرعايا لدى وصولهم إلى مطار الجزائر الدولي على متن رحلة للخطوط الجوية الجزائرية. وفي تصريح لوسائل الإعلام ، ذكر لعمامرة أن “عملية اليوم هي الأولى من نوعها و أن أربع رحلات أخرى منتظرة في الأيام المقبلة”. وأضاف رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن “مصالح سفاراتنا مجندة على مستوى الحدود مع أوكرانيا لتسهيل عبور أعضاء جاليتنا نحو رومانيا والمجر و بولونيا”. مشيرا مع ذلك إلى أن “الإجلاء لا يتم بشكل إجباري، لكن مع الأخذ بعين الاعتبار رغبة أعضاء جاليتنا في العودة أم لا إلى ارض الوطن”. وبهذا الصدد أوضح لعمامرة أن “الكثير من الرعايا الجزائريين الذين وصلوا إلى عواصم البلدان المذكورة أعلاه لم يرغبوا في الإجلاء في رحلة اليوم بالرغم من توفر الأماكن في الطائرة”.

وأضاف الوزير “إن البعض منهم يتمنون الرجوع الى مقاعد الدراسة في الجامعات في القريب العاجل وآخرون بقوا لأسباب أخرى” مؤكدا في نفس الوقت “أن السفارات والقنصليات الجزائرية تبقى على اتم الاستعداد للتكفل بكل جزائري يرغب في العودة الى أرض الوطن”. وبهده المناسبة حيا الوزير تضامن عائلات جزائرية عدة مع إخوانهم على مستوى الحدود مع أوكرانيا بتوفير لهم الطعام والمأوى” وأضاف أن “عائلات أجنبية قدمت أيضا يد العون إلى الرعايا الجزائريين” معترفا ان عبور هؤلاء التراب الأوكراني نحو الحدود لم يكن سهلا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here