فريدة شراد
أفريقيا برس – الجزائر. تطوي سنة 2021 بأيام حملت العديد من الأحداث وُصفت بالساخنة بالنظر إلى خطورتها وأهميتها وقيمتها، ولعل أبرز ما ميز هذا العام هو وضوح السياسة الخارجية للبلاد التي اتسمت بالحزم حيال مواقف كانت ستعصف بأمن البلاد والعباد.
ومع كل نهاية عام يقف الجميع على تقييم ما تحقق فيها من إنجازات وانتصارات في مختلف المجالات، وكذلك ما لم يتحقق، وهنا نطرح تساؤلات عن الملفات والإنجازات التي نحجت الحكومة في تحقيقها خلال السنة المنتهية وكذلك تلك التي لم تُحل بعد، خاصة وأن 2021 شهدت عدة أحداث وحتى أزمات استدعت تدخلا فوريا للحكومة.
وفاة بوتفليقة وجدل الجنازة
كان الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة من أكثر الشخصيات الوطنية التي أشيع خبر وفاته خاصة بعد الأزمة الصحية التي ألمت به منذ 2013، إلى أن وافته المنية بتاريخ 17/09/2021، بعد فترة حكم للرجل تعد الأطول دامت نحو 20 سنة. بوتفليقة الذي قيل أنه كان يطمع أن يموت وهو رئيس وتكون له جنازة يحضرها كل رؤساء دول العالم بالنظر إلى السمعة التي كان يتمتع بها أنذك، لكن حساباته سقطت في الماء، وخانته صحته وحتى أهله، ليُقعده المرض لسنوات على كرسي متحرك وإن كان قد تحققت أمنية واحدة ودفن في مقبرة العالية إلى جانب رؤساء سابقين للبلاد.
صنعت جنازته التي لم تكن في مستوى سمعة رجل حكم الجزائر لـ 20 سنة وأشتهر سنوات التسعينات وبداية الألفية الجديدة، خاصة إذا قارناها بجنازات شخصيات مثل بومدين والقايد صالح، وانقسم الناس حتى بين من أعطى للميت حقه من الرحمة وبين من اعتبر موته لا حدث في ترجمة صريحة إلى عدم رضاهم على ما آلت إليه البلاد في السنوات الأخيرة إبان فترة حكمه وانتشار الفساد بشكل فاضح.
المغرب عدو الجزائر
من أبرز الأحداث والقرارات التي شغلت الرأي العام في الجزائر والوطن العربي وكل العالم قطع الجزائر لعلاقاتها الدبلوماسية مع المغرب بشكل نهائي وإغلاق مجالها الجوي في وجه الجار الغربي الذي أتهمته الجزائر بالكيد لها ومحاولة زعزعة استقرارها الداخلي.
وأعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في شهر أوت الماضي، قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب ما وصفها بالأعمال العدائية للمملكة المغربية.
وقال لعمامرة في مؤتمر صحافي إن بلاده “قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية ابتداءً من اليوم (يوم الاعلان)”. وفي معرض تقديم الأسباب التي أدت إلى هذا القرار، قال وزير الخارجية الجزائري “ثبت تاريخياً أن المملكة المغربية لم تتوقف يوماً عن الأعمال العدائية ضد الجزائر” سارداً الأحداث منذ حرب 1963 إلى عملية التجسس الأخيرة باستخدام برنامج بيغاسوس الإسرائيلي.
كما حمل لعمامرة: “قادة المملكة مسؤولية تعاقب الأزمات التي تزايدت خطورتها”، معتبراً أن “هذا التصرف المغربي يجر إلى الخلاف والمواجهة بدل التكامل في المنطقة” المغاربية.
وكانت الجزائر قررت قبل هذا القرار إعادة النظر في علاقاتها مع المغرب الذي اتهمته بالتورط في الحرائق الضخمة التي اجتاحت شمال البلاد، وهو ما أعاد لعمامرة التذكير به. كما قرر مجلس الأمن الذي ترأسه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون “تكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية” لبلاده.
وذكر بيان للخارجية الجزائرية أن المملكة المغربية جعلت من ترابها قاعدة للتعاون مع المنظمتين الإرهابيتين “حركة انفصال القبائل” (الماك) و”رشاد” اللتين ثبت ضلوعهما في الحرائق التي شهدتها العديد من المناطق مؤخراً”. كما أشار البيان إلى تورط التنظيمين في قتل شاب بمنطقة القبائل، والتنكيل بجثته.
غضب الجزائر يتوسع
سنة 2021 كانت مناسبة ليُظهر الأعداء عدائهم بشكل فاضح فبعد المغرب جاء دور فرنسا والدور البهلواني الذي قام به ماكارون من خلال التصريح الذي تطاول فيه على تاريخ الجزائر حين قال: “أنه لم تكن هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار”، التصريح الذي لم يعجب أحد وعلى رأسهم الرئيس الجزائري تبون، لأن ماكرون تجاوز الخطوط الحمراء وكان الرد حازما خاصة وأن الرئيس تبون رفض أي اتصال أو أي دعوة من طرف ماكارون في إشارة إلى موقف الغضب مما صدر منه.
وإذ حاول الرئيس الفرنسي ترميم ما يمكن تريميه وحضر الاحتفاليات المخلدة لأحداث نهر السين، لكن هذه المرة فضل صيام الكلام على أن يورط نفسه في تصريحات قد تعصف ببقايا العلاقات بين البلدين.
فرنسا من البلدان المغضوب عليها من طرف الجزائري بسبب خلفية ملف الذاكرة الذي ما زال عالقا ولم تظهر بوادر انفراج الأمور بعد، وربما هناك مستجدات مع منتصف العام الجديد، أما سنة 2021 فكانت عقيمة من ناحية التعاون أو أي شكل من أشكال التوافق.
وغضب الجزائر وصل مداه على فرنسا وأغلقت عليها السماء ومنعت طائرتها العسكرية من المرور على أجوائها من أجل الوصول إلى مالي أين تواجه القوات الفرنسية الكثير من الصعوبات.
الجزائر تعيد القضية الفلسطينية الى الواجهة

سنة2021 كانت سنة للقضية الفلسطينية بإمضاء جزائري، كان حظ فلسطين سياسيا وحتى رياضيا، والتفتت أنظار العالم إلى الراية الفلسطينية التي رُفعت في ملاعب قطر حين حملها الجمهور الجزائري وحتى اللاعبين في فعاليات كأس العرب فأضفت لمسة جمالية مميزة على مدرجات وملاعب دولة قطر.
على المستوى السياسي كان التصعيد الاستفزازي المغربي اتجاه الجزائر بتوسيع دائرة شركاتهم مع الكيان الصهيوني مناسبة مواتية لترد الجزائر بطريقتها على الخيانة وأنصفت فلسطين ماديا ومعنويا من خلال أستقبال رئيسها محمود عباس ومنح 100 مليون دولار ومنح أخرى المقدمة لطلبة العلم ومن خلال مساعدات أخرى واستضافة شخصيات فلسطينية فاعلة على أرض الوطن.
فلسطين كانت حاضرة إعلاميا على مستوى الاعلام وقد فعلتها الجزائر واخذت حقها من التحليل ومن خلال الحديث عن الاسرى ومعاناتهم وبطولاتهم كما حدث مع الابطال الهاربين من سجن جلبوع.
والدعم المطلق واللامشروط من طرف الجزائر للقضية الفلسطينية فتح ويفتح عليها جبهات صراع لكن الموقف الجزائري كان وسيبقى ثابتا.
تشريعيات ومحليات وعهد مع الجزائر الجديدة
على المستوى الوطني كان الشعب على موعدين انتخابيين الأول في 12جوان وانتخاب الهيئة التشريعية أين تربع حزب جبهة التحرير على عرش البرلمان بأغلبية ساحقة وتوزعت باقي المقاعد على بعض الأحزاب وبعض الأحرار، هيئة لم تنل الرضى المطلوب من طرف الشعب على اعتبار أن النواب كثيرا ما صوتوا لقوانين ضيّقت على الشعب في وقت كانوا ينتظرون قوانين تسهل عليهم الحياة.
تاريخ 27 نوفمبر هو الآخر موعد انتخابي هذه المرة لانتخاب المجالس البلدية والولائية، ابرز ما ميز الانتخابات هذه السنة هو قطع الطريق أمام أسماء كان لها خيط مع أصحاب الفساد وهو الأمر الذي أعطى للانتخابات نكهة خاصة بترشح أسماء عُرف عنها الاستقامة والنجاح في أعمالها.
متحور اوميكرون
لم تكد الدولة ترتب أمورها وتضبطها على جديد ومستجدات فيروس كورونا حتى أطلت علينا متحورات بأسماء متنوعة نسبة للبلدان التي ظهرت فيها، ليكون اوميكرون الفيروس الذي أراد ان يقول كلمته مع نهاية سنة 2021 وظهرت اول الحالات لشخص قادم من الخارج. اللافت للأنتباه هو ردة فعل المواطن تجاه الفيروس الجديد ففي الوقت الذي طالبت وزارة الصحة بمواصلة تدابير الوقاية من ارتداء الكمامة وغيرها يواصل المواطن استهتاره وكأنه يقول أنه قد تأقلم وتعايش مع هذه الفيروسات.
الجزائر سيدة العرب
سنة 2021 لم تكن سنة انكسارات وحرائق ولم تكن سياسة وانتخابات وفيروسات وأمصال وفقط، الختام كان مسكا حين فعلها أشبال الماجيك عبد المجيد بوقرة واحرزوا كأس العرب عن جدارة واستحقاق وكانت مشاركة الفريق الوطني في هذه المنافسة مبهرة وأعطى حضور الجزائر عبر فريقها الوطني الرديف نكهة خاصة لأجواء المنافسات بالنظر إلى الأداء المبهر واعترف الجميع بقوة الفريق ولم تأبى كأس العرب هذه المرة إلا بأرض الجزائر محطة لها في أول مشاركة لبلادنا في هذا المحفل الرياضي الذي كان عرسا كرويا عالميا بامتياز كبير.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس