بقلم: فريدة شراد
أفريقيا برس – الجزائر. منذ بداية الأزمة الجزائرية المغربية الأخيرة طفت إلى السطح العديد من تحليلات وقراءات لسيناريوهات محتملة لما قد تؤول إليه القطيعة بين البلدين من قبل وسائل إعلام دولية، مع عودة الحديث عن سباق التسلح المستمر منذ عقود للبلدين وسط احتمال أن يتطور الوضع على الأرض إلى مناوشات عسكرية بين الرباط والجزائر.
وتشهد المنطقة المغاربية في السنوات الأخيرة تغييرات وصفت بالمقلقة بعد أن تحولت إلى الوجهة الأولى لصادرات الأسلحة التقليدية والمتطورة، وفقًا لبيانات معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام لعام 2020، فالجزائر والمغرب هما المستوردان الرئيسيان للأسلحة في المنطقة وفي كل القارة الأفريقية. حيث احتلت الجزائر المرتبة الأولى أفريقيا والرابعة والعشرين بين أكبر مستوردي الأسلحة في العالم، واحتلَّ المغرب المرتبة الثانية أفريقيا والأربعين في الترتيب العالمي.
أقوى جيش مغاربي
صنفت آخر تقارير معهد “غلوبال فاير باور”، الجيش الجزائري المرتبة الثانية بين أقوى الجيوش في القارة الأفريقية بعد الجيش المصري، فيما يحتل الجيش المغربي المرتبة الخامسة في نفس التصنيف. أما على المستوى الدولي، فيحتل الجيش الجزائري المرتبة 27 بين أقوى 140 جيشا في العالم، بينما حل الجيش المغربي في المرتبة 53 في الترتيب العالمي.
وأوضحت أرقام غلوبال فاير باور، أن الجزائر تملك 2024 دبابة و7000 عربة مدرعة و324 مدفعا ذاتي الدفع و396 مدفعا ميدانيا و300 قاذفة صواريخ، يقابلها 3033 دبابة و8000 عربة مدرعة و510 مدفع ذاتي الدفع و156 مدفعا ميدانيا و144 قاذفة صواريخ.
ويتألف الأسطول العسكري المغربي من 121 وحدة بحرية، بما في ذلك 6 فرقاطات وقارب كورفيت، و22 زورق دورية. في حين تملك الجزائر، 201 وحدة بحرية، بما في ذلك 8 فرقاطات و10 طرادات و8 غواصات و65 زورق دوريات وكاسحتي ألغام بحريتين.
هذه الأرقام هي محصلة ونتيجة استراتيجية تطوير وعصرنة الجيش الجزائري التي كان قد أعلن عنها، قائد الأركان الأسبق الراحل الفريق محمد العماري، والتش شرع في تنفيذها خليفته في المنصب، الراحل الفريق أحمد قايد صالح منذ سنة 2005.
تطور الجيش الجزائري
مشروع تطوير الجيش الجزائري أملته الظروف التي عاشتها الجزائر خاصة خلال العشرية السوداء الفترة ما يين 1991 و 2000، وفق خارطة طريق طويلة المدى، بدء العمل بها سنة 2005، وهي فترة عرفت فيها ميزانية وزارة الدفاع، ارتفاعا وتراجعا في مرات عديدة، فبين عامي 2006 و2010، ارتفع الإنفاق العسكري الجزائري من 3.4 مليارات دولار إلى 5.3 مليارات دولار، أي زيادة بحوالي ملياري دولار في خمس سنوات.
وعرفت الفترة من 2010 إلى 2016، زيادة في الإنفاق العسكري حتى وصلت سنة 2016 إلى 10.5 مليار دولار .

ويعود هذا الارتفاع في الميزانية إلى الانتقال لمرحلة جديدة من استراتيجية تطوير الجيش الجزائري حسب تصريحات الخبير الأمني، العقيد المتقاعد بن جانة لموقع “أفريقيا برس” والتي تمثلت في تجهيز مختلف الوحدات بأحدث الأسلحة والمعدات، خاصة القوات الجوية والبحرية، أضافة إلى زيادة تعداد الجيش، وتحسين رواتب العاملين في المؤسسة العسكرية وتحسين المعاشات.
وعاد حجم الإنفاق في الجزائر إلى التراجع من بين سنتي 2016 و2019، حتى بلغ 9.5 مليار دولار في سنة 2018، و9.7 مليار دولار سنة 2020.
التسلح المغربي
وعرفت ميزانية دفاع المغرب زيادة متواصلة في العشر سنوات الأخيرة لتصل إلى 4.8 مليار دولار سنة 2020، بزيادة قدرها 29 في المائة مقارنة بعام 2019، و54 في المائة عن الإنفاق العسكري للمملكة في عام 2011. حيث كانت تزيد كل سنة، في منحنى تصاعدي، لتقارب 2 مليار دولار كزيادة.
وأظهر مشروع قانون المالية لسنة 2022 أن ميزانية وزارة الدفاع المغربية ارتفعت مرة أخرى لتصل إلى 50 مليار درهم، أي 5.53 مليار دولار، هذه الأرقام جعلت المغرب من بين الدول التي تنفق أكثر على الأسلحة في القارة الأفريقية.
وبرر المغاربة تركيز المملكة بشكل كبير على شراء الأسلحة يهدف إلى خلق نوع من توازن القوى مع الجزائر أكبر مستورد للسلاح في أفريقيا، معتبرين أن بقاء بؤرة التوتر بشأن إقليم الصحراء يفسر سباق التسلح بين الجارتين.
الجزائر لا تخشى أحد

ويرى الخبير العسكري والأمني أحمد روينة خلال حديثه مع ” أفريقيا برس”؛ أن تحديث وتطوير الجيش الجزائري، ليس سرا وليس بالأمر الخفي، والعملية بدأت منذ سنوات عديدة، ما يفسر الزيادة في ميزانية وزارة الدفاع، والعملية كانت تحت إشراف قادة أركان الجيش، أي في حكم الرئيس السابق الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وبقيادة الفريق الراحل أحمد قايد صالح ومرافقيه من قيادة الاركان، وتم العمل على تجهيز الجيش عدة وعتادا وجعله جاهزا لمواجهة ما تواجهه الجزائر من تحديات إقليمية كبرى كالحدود التي تتجاوز 7000 كلم، وتسلل الجماعات الارهابية كالقاعدة وبوكو حرام، والأزمة الليبية، التي اسقطت الدولة مباشرة بواسطة حلف الناتو بقيادة فرنسا تدفق قطع الأسلحة تعد بالملايين وتسلل الجماعات الإرهابية، وجماعات المرتزقة، وبالتالي هي أمور تلقي بظلالها على الأمن القومي الجزائري.
وأضاف المتحدث ذاته أنه في سياق تطوير الجيش تم تخصيص ميزانية كبيرة لتجهيزه بأحدث الأسلحة ورفع عدد عناصره إلى أكثر من 600 ألف، جندي وهي ميزانية وهذا كله لتعزيز قدرات الجيش وتجهيزه بأحسن المعدات الحربية، من طائرات وسفن ودبابات وأسلحة ثقيلة وخفيفة. والجيش الجزائري يضم كل الفروع المسلحة من قوات برية وبحرية وجوية و الحرس الجمهوري و الدرك الوطني من قوات النخبة. وهو جيش مكون من 600 الف فرد من جنود وضباط صف وضباط مجهز على مختلف المستويات وقادر على صد أي عدوان خارجي أو أي تهديد يهدد سلم وأمن الجزائر.