قضية الحراقة.. أزمة جديدة بين فرنسا والجزائر

32

بقلم : فريدة شراد

أفريقيا برسالجزائر. ارتفعت مؤخراً أعداد قوارب المهاجرين المغادرة للسواحل الجزائرية، والمتجهة بأغلبيتها إلى إسبانيا، كما ارتفعت عمليات إحباط محاولات هجرة مماثلة في مناطق متعددة على الساحل الجزائري.
وأحبط حراس السواحل محاولات هجرة غير نظامية لـ 701 حراق جزائري عبر سواحل البلاد كانوا على متن قوارب تقليدية الصنع، حسب بيان لوزارة الدفاع الجزائرية بشأن الحصيلة العملانية للجيش الوطني الشعبي، خلال الفترة الممتدة من 13 إلى 19 أكتوبر 2021.

وأوقف حراس السواحل 118 مهاجراً غير شرعي من جنسيات مختلفة بكل من إن أمناس وتلمسان وعين تيموشنت وغرداية. وعادت ظاهرة الهجرة غير النظامية من سواحل الجزائر نحو أوروبا للبروز بشكل لافت خلال الأشهر الأخيرة.
وتحول المهاجرون غير الشرعيين في الفترة الأخيرة إلى أزمة سياسية جديدة بين الجزائر وفرنسا التي تشهد علاقتهما توتراً كبيراً في الفترة الأخيرة، أصبح كل تصريح يدلى به يقابله رد عليه من الجهة الأخرى.

الرئيس تبون يُكذّب

اتهم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يوم السبت 11 أكتوبر الماضي وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان بالكذب بشأن عدد الجزائريين الذين تريد فرنسا ترحيلهم لأنهم في وضع غير قانوني. وقال الرئيس تبون في لقائه الدوري مع الصحافة الجزائرية: “لم يكن هناك يوماً سبعة آلاف جزائري تريد فرنسا ترحيلهم، وفرنسا تتحدث لنا عن أكثر من 94 جزائرياً”. وأكد الرئيس الجزائري أن مسألة التأشيرات هي مسألة سيادة لجميع الدول، بما فيها الجزائر، شريطة أن تحترم اتفاقيات إفيان واتفاقيات 1968 التي تملي بعض التدابير.

ويحظى الجزائريون بموجب هذه الاتفاقيات بنظام خاص يسهل دخولهم إلى فرنسا ويمنحهم حرية الاستقرار فيها لمزاولة التجارة أو كمستقلين ويسهل عليهم الحصول على تصاريح إقامة لعشر سنوات.

وأضاف الرئيس تبون أن القائمة التي وردت الجزائر عام 2020 بها الثلاث القوائم تتضمن 94 حالة تم قبول 21 منها ورفض 16. وأوضح الرئيس قائلا: “لن يعودوا لأنهم على ارتباط بالإرهاب، قدموا من سوريا هناك حاملو جنسيتين ليس لديهم عائلة هنا”.

وكانت باريس قررت في 28 سبتمبر تشديد شروط الحصول على تأشيرات دخول لمواطني المغرب والجزائر وتونس فيما تسعى لترحيل مهاجرين قدموا منها، موضحة أن القرار ناتج عن فشل الدول الثلاث في القيام بما يلزم للسماح بإعادة المهاجرين في وضع غير قانوني في فرنسا، وعلى الإثر، استدعت الخارجية الجزائرية السفير الفرنسي لديها فرنسوا غوييت لإبلاغه “احتجاجا رسميا”.

وزير الداخلية الفرنسي يرد

رد وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان على ما جاء على في تصريح الرئيس عبد المجيد تبون بخصوص جزائريين تستعد باريس لإبعادهم عن ترابها. وقالت وزارة الداخلية الفرنسية؛ إن القائمة المؤلفة من 94 جزائرياً التي أشار إليها الرئيس عبد المجيد تبون تتوافق مع الملفات ذات الأولوية القصوى لعلاقتها بالتطرف والذين تعتبرهم فرنسا الأكثر خطورة، وتريد إعادتهم في أقرب وقت ممكن. وأكد بيان الوزارة أن الداخلية الفرنسية أصدرت حوالي 7730 قراراً بمغادرة الأراضي الفرنسية في حق جزائريين منذ مطلع 2021.

الرسائل المشفرة

الدكتور سمير محرز، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدّولية

يرى الدكتور سمير محرز، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدّولية في تصريح خص به موقع “أفريقيا برس”؛ أن الحوار الأخير الذي أجراه رئيس الجمهورية مع الإعلام أخذ الجانب الدبلوماسي وكل ما يتعلق بالسياسة الخارجية الجانب الأكبر حيث أعطى من خلاله الرئيس عدة رسائل سياسية مشفرة وأخرى توضيحية.

وأضاف محرز أن حديث الرئيس تبون في ما يخص ملف العلاقات الجزائرية الفرنسية كان جاداً وواضحاً خاصة في ما يتعلق بموضوع استدعاء السفير الجزائري في باريس وعدم إرجاعه لغاية تقديم فرنسا توضيحات للتصريحات الأخيرة للرئيس ايمانويل ماكرون.

وقال محرز: “قراءتي للتصريحات الأخيرة للسيد رئيس الجمهورية غايتها الأساسية وضع حد لسلوك فرنسا وخطاباتها اتجاه الجزائر، وهذا ما كوّن انطباعاً إيجابياً لدى الشعب ومؤسسات الدولة في ما يخص ضرورة احترام فرنسا الرسمية للشعب الجزائري من جهة وضرورة تقديم اعتذار رسمي للسلطة السياسية في الجزائر من جهة أخرى، إن كانت لفرنسا نية صادقة في الحفاظ على العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية مع الجزائر”.

كذبة القرن والعقوبات

وفي تعليقه عن تصريح الرئيس تبون حول “كذبة القرن” قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدّولية: “صحيح هي كذبة القرن لأن الجزائر تعاملت مع تصريحات وزير الداخلية الفرنسية جيرالد دارمانون بخصوص وجود جزائريين تستعد باريس لإبعادهم عن ترابها والبالغ عددهم 7730 ملف، حيث قابله هذا التصريح بالتكذيب من طرف الجزائر وعلى لسان رئيس الجمهورية بأن الجزائر استقبلت قائمة مؤلفة من 94 جزائرياً لعلاقتهم بالتطرف واتهامهم بالانتماء للمجموعات الإرهابية والذين تعتبرهم فرنسا خطراً على أمن فرنسا وتريد إعادتهم في أقرب وقت ممكن لبلدهم الأصلي”.

وأضاف محرز قائلا: “حيث قابلت هذا الطلب الفرنسي والمكون من 94 اسم فقط سنة 2020 بكل مسؤولية قبلت البعض منهم ورفضت آخرين باعتبارهم مزدوجي الجنسية ولا علاقة لهم بالجزائر ولا وجود لعائلات لهم هنا في البلد”.

ويرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدّولية؛ في شخص وزير الداخلية الفرنسي تطرفاً كبيراً في خطابه اتجاه دول المغرب العربي كاملة والمسلمين بشكل خاص، وذلك بعد قراره الأخير في شهر سبتمبر بإغلاق ستة مساجد في فرنسا وهذا ما يتنافى مع قيم الديمقراطية واحترام الآخر.

وفي الحديث عن الجانب الاقتصادي والتحالف الجديد بين الجزائر وإسبانيا أوضح  سمير محرز أن الرئيس في خطابه الأخير قدم عدة رسائل من بينها توجه الجزائر لتنويع شركائها الاقتصاديين الدوليين، والتعاون الإسباني الجزائري أخذ الجانب النفطي بالخصوص، وبرز هذا التعاون بشكل أكبر بعد قطع الجزائر إمداد الغاز للمغرب.

وحسب محرز فالتوجه الجزائري في دبلوماسيتها الاقتصادية برزت مع مجيء الرئيس عبد المجيد تبون، خاصة تراجع الاهتمام الجزائري تجاه فرنسا وفي المجال الاقتصادي على وجه الخصوص، وهذا ما بدى واضحاً في انزعاج فرنسا من الجزائر خاصة بعد عدم تجديد عقود اقتصادية مثل شركة سيال للمياه حسب تصريح وزير الموارد المائية السيد ميهوبي، وتجميد التعاون وعدم تجديد العقد لشركة ميترو RATP PARIS, وجدولة النشاط وتقليص العمال لدى شركة رونو للسيارات الفرنسية وتوجه الجزائريين لمتعاملين جدد، وفي ما يخص توجه الجزائر لشركاء جدد ابرزهم تركيا ايطاليا والصين وإسبانيا؛ وهذا يدخل ضمن استراتيجية جديدة تبنتها الجزائر من أجل تطوير وإنعاش اقتصادها الوطني”.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here