أفريقيا برس – الجزائر. قدم بنك الجزائر بيانات المالية العامة للبلاد خلال العام المنصرم، أين حذر من هشاشة الوضعية في ظل تفاقم مؤشر العجز، لكن خطاب الحكومة ومعه وسائل الاعلام الموالية لم تبد اهتماما بالبيانات المذكورة، واكتفى باجتزاء التقرير والتركيز على بعض التفاصيل الايجابية، مما حدا بمختصين الى وضع الاقتصاد الجزائري في منعرج حاسم بين اصلاحات حقيقية مؤلمة للجبهة الاجتماعية، أو الاستمرار في المكابرة السياسية المؤدية للانهيار.
أطلق تقرير بنك الجزائر للمالية العامة للعام 2024، اشارات انذار حول الوضع المالي والاقتصادي للبلاد، بسبب التراجع المسجل في العديد من البيانات الاستراتجية، لاسيما في ظل التقلص الملحوظ في عائدات الخزينة العمومية، حيث تراجعت المداخيل من صادرات النفط والغاز، نتيجة تراجع الانتاج والأسعار في الأسواق الدولية، وهو ما يؤثر على الجباية الداخلية، خاصة وأنها تمثل أكثر من نصف عائدات الخزينة العمومية.
وهو ما يراكم الفشل في تحقيق طموحات التحرر التدريجي من التبعية النفطية، ففيما يتحدث خطاب السلطة عن 13 مليار خلال سنوات قليلة، وعن 7 مليارات في المدى القصير، تشير بيانات البنك الى نحو 5 مليارات فقط، وكذا العجز الآخر في الموازنة العامة خلال العام الجاري المقدر بـ 62 مليار دولار، الأمر المفضية الى ارتباك الحسابات الأساسية للدولة، ووضعها أمام خيارات محدود ومؤلمة، بين اصلاحات عميقة تلقي بالمزيد من الأعباء على الجبهة الاجتماعية، وبين الاستمرار في المكابرة السياسية والخطاب الشعبوي المؤدي بدوره الى الانهيار.
ومنذ ثمانينيات القرن الماضي دخل خطاب التحرر من التبعية النفطية وتنويع مصادر الدخل عبر حزمة من الاصلاحات، غير أن الحكومات المتعاقبة على ادارة الشأن الاقتصادي للبلاد، فشلت طيلة الخمسة عقود في تحقيق الهدف المنشود، لاعتبارات هيكلية وأخرى موروثة أو يساء ادارتها.
ويرى الخبير الاقتصادي والناشط السياسي عبدالكريم زغيليش، أنه “منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي، صعد الى السطح خطاب التحرر الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل واعتماد اقتصاد السوق، الا أن النتيجة بعد 45 عاما هو الانتشاء بمخزون النقد الأجنبي المتأتي كله من عائدات النفط”.
الدولة الاجتماعية كرست الكسل والاتكالية
وأضاف، في اتصال لـ “أفريقيا برس”، بأن “شعار الدولة الاجتماعية لا زال يهيمن على ذهنية وعقيدة النخب السياسية المتعاقبة على ادارة شؤون البلاد، امتثالا لعقيدة ثورة التحرير، لكن النتيجة هو استشراء الفساد والبيروقراطية وتبديد المال العام، حيث تسجل بيانات التحويلات الاجتماعية ارتفاعا مذهلا في السنوات الأخيرة، حيث ناهزت سقف الـ 50 مليار دولار، الأمر الذي يبرز حجم التسيير العشوائي لمقدرات الدولة، خاصة في ظل عجز الادارة عن الوصول الى بيانات وخرائط اجتماعية حقيقية ليكون الدعم الاجتماعي موجها، وليس لكل الفئات، ففي الجزائر يستفيد المعزوزن ورجال الأعمال من أسعار مدعومة في الغذاء والطاقة والمياه.. وغيرها”.
ويشدد المتحدث على أن “السياسة الاجتماعية في الجزائر والاعتماد على الوظيفة الحكومية في امتصاص البطالة بدل تنشيط وتثمين القطاع الاقتصادي والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أفضى الى استنفاذ ثلث الموازنة العامة في الرواتب، وبدل من الذهاب الى آليات لانهاء حالة العوز والفقر في المجتمع يتم الابقاء على التحويلات على أن تُثَبّت وضع تلك الفئة، وتكرس الكسل والاتكالية على الخزينة العمومية”.
ورغم جهود السلطة في السنوات الأخيرة، من الوصول الى تحرر تدريجي من تبعية النفط، عبر تشجيع الصادرات خارج المحروقات، وحديثها عن أرقام أولية تترواح بين 7 و13 مليار دولار في غضون العام 2029، الا أن بيانات تقرير البنك سجلت تراجعا مقارنة بالعامين 2022 و2023 الى ما دون الـ 5 مليارات دولار، فضلا على أن غالبية المواد المصدرة هي مواد مشتقة من النفط، بينما تبقى القطاعات الأخرى محدودة في الزراعة والالكترونيك والمواد المصنغة.
ويرى الخبير عبدالكريم زغيليش، بأن “عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد، والفوضى التي تسود عالم المال والأعمال في اطار ما يعرف بالحرب على الفساد، حيث يتواجد العشرات منهم في السجون، آخرهم رئيسة كونفديرالية المؤسسات الاقتصادية سعيدة نغزة، وتأميم مؤسساتهم، وتغول الادارة في ادارة الشأن التجاري والمالي، جعل المناخ العام منفرا لرجال المال والأعمال سواء كانوا من الداخل أو الخارج”.
أرقام الواقع وطموحات الحكومة
وتبرز في مؤشرات البنك، اشارات التحذير من الهشاشة المالية للبلاد، من خلال التركيز على تراجع نسبة النمو من 4.1 الى 3.6 بينما كانت الحكومة تتحدث عن 4.2، وهو ما يرهن الطموحات المعلنة في خطاب السلطة، بالوصول الى سقف 400 مليار دولار كناتج داخلي خام العام 2027، و13 مليار دولار كصادرات خارج المحروقات في غضون العام 2029، وتآكل مداخيل صندوق ضبط الايرادات الى نحو مليار دولار، بعدما كان خلال السنوات الماضة في حدود الـ 20 مليار دولار.
وبالموازاة مع ذلك يسجل تراجع الصادرات النفطية والغازية، فرغم بقاء الحساب ايجابيا مقارنة بالواردات (46 مليار صادرات 42 مليار واردات)، الا أنه قياسا بالأعوام الماضية فان الصادرات تقلصت من نحو 50 مليار، والواردات ارتفعت إلى 38 مليار)، وهو ما يبرز مسار المؤشرين الى تقليص الفجوة وربما التطابق وحتى تبادل الموقع، في ظل الضغوط الداخلية للتخفيف من قرار حظر الاستيراد وارتفاع الحاجيات، ودور التوازنات الاستراتجية والجيوسياسية في مصير ومستقبل أسعار الطاقة في العالم، فضلا عن تراجع مقدرات الانتاج الداخلي.
وكان خبراء في الاقتصاد والمالية، قد حذروا العام الماضي، من اعتماد موازنة ضخمة قدرت بـ 126 مليار دولار، 62 مليار دولار هو عجز، وتوقعوا أن يفضي الموضع الى خيارات غير ملائمة، طبع العملة الذي يزيد من التضخم، أو الاستدانة الخارجية، أو اصدار سندات داخلية غير مضمونة النتائج.
وفي هذا الشأن صرح المحلل الاقتصادي سليمان ناصر، لـ “أفريقيا برس”، بأن “اعتماد موازنة سنوية بنسبة عجز يقدر بنحو 50 بالمائة هو مجازفة غير محمودة العواقب، وكان على المؤسسات المختصة والنخب الاقتصادية والمالية مساءلة الحكومة عن دلالات وعواقب الخطوة، بالنظر الى تداعيات العجز المذكور على البنية الاقتصادية للبلاد بشكل عام”.
واعتبر المتحدث، بأن التخطيط لإصدار صكوك إسلامية سيادية بقيمة تقارب 2.3 مليار دولار، يدخل في إطار تدبير مصادر مختلفة للأموال بالنسبة للحكومة، لكن الرقم ضخم بالنظر إلى كونه أول إصدار للصكوك الإسلامية السيادية في تاريخ البلاد، وحتى لو افترضنا أن الاكتتاب كان كاملا وتم تحصيل كامل المبلغ فهو لا يغطي سوى نسبة 3.7 بالمائة من مبلغ العجز الكبير في موازنة 2025 والبالغ 62 مليار دولار، الأمر الذي يترجم حجم المأزق المالي الذي يخيم على المالية العامة.
العجز السنوي يلقي بظلاله على الحسابات
ويرى تقرير لموقع “مغرب ايمارجونت” المختص في الاقتصاد، بأن الخطوة تعتريها عدة صعوبات متوقعة، كون الجزائريين لا زالوا يشككون في مشروعية كل مكونات المالية الإسلامية (صيرفة إسلامية، تأمين تكافلي، صكوك إسلامية) بسبب فتاوى صادرة من وراء البحار، أو من فقهاء ليس لهم إلمام كافٍ بفقه المعاملات المالية، أو بسبب بعض الممارسات في الميدان كارتفاع هامش ربح البنك في معاملات الصيرفة الإسلامية.
الوضع المالي القائم في البلاد، هو تجربة مكررة من وضعيات سابقة في الاقتصاد والمالية العامة للجزائر، مع فوارق لافتة في المحيط الاجتماعي والسياسي وحتى الأمني، واذا كانت السلطة قد مررت خيارات الاعتماد على الاقتراض من صندوق النقد الدولي في تسعينيات القرن الماضي وتطبيق شروطه المجحفة من خلال تسريح العمال وغلق مؤسسات حكومية، بالوضع الأمني السائد حينها نتيجة الحرب الأهلية بين المجموعات الجهادية والمؤسسات الرسمية (جيش وأمن)، والتي أدت الى مقتل ربع مليون جزائري وفقدان نحو 20 ألف آخرين.
لكن الوضع الذي ساد أزمة صائفة العام 2014، ميزه الاعتماد على مخزون صندوق احتياطي الصرف الذي كانت فيه قرابة الـ 200 مليار دولار، وصندوق ضبط الميزانية، ووضع سلم لأولوليات الاستثمارات الحكومية التي وصلت لحد تجميد بعض المشاريع التنموية والبنى التحتية، ولجوء حكومة أحمد أويحيى المسجون لأول مرة لتحصيل رخصة من البرلمان لطبع ما يعادل نحو 62 مليار دولار من العملة المحلية في اطار اتفاق بين البنك والخزينة العمومية كدين داخلي.
وعلى مدار الفترة الممتدة بين 2014 و2020 استنفذت الجزائر نحو 150 مليار دولار من صندوق النقد الأجنبي، ورغم جائحة كورونا التي ضربت العالم في 2020، إلا أن التوترات الجيوسياسية والحرب الروسية- الأوكرانية ساهمت الى ضخ عائدات اضافية بسبب ارتفاع أسعار النفط والغاز، غير أن الاحتياطيات النقدية التي ارتفعت الى نحو 70 مليار دولار العام 2023، وارتفاع عائدات ضبط الميزانية الى نحو 20 مليار دولار، بدأ في الانحدار بداية من العام الماضي، بتقديرات تقرير البنك، حيث فقد الأول نحو مليار دولار، والثاني حوالي 19 مليار دولار خلال العام 2024.
أوجه متعددة لأزمة واحدة
وبالموازاة مع تفاقم الغضب الاجتماعي نتيجة سياسة التقشف المنتهجة وتغول التوجيه الاداري للاقتصاد والمالية، ومحدودية موارد الدولة، وتوجه المؤشرات العامة الى النزول، يضفي خصوصيات معينة على الأزمة الحالية، خاصة في ظل ارتفاع تكلفة التحويلات الاجتماعية (50 مليار دولار)، وكتلة الرواتب (34 بالمائة من الموازنة العامة).
ورغم الاعتراف المبطن بالفشل في تحقيق الطموحات الاقتصادية، حيث صرح رئيس الوزراء الجديد سيفي غريب، خلال تنصيبه، بأن “حكومته ستكون للميدان وللوقوف على الوضع الاقتصادي ووتيرة التنمية، وحتى اذا كانت صامتة فانها ستكون في شغل دقيق وعميق”، وهو ما يعني أسلافه لم يكونوا على تلك الوتيرة.
غير أن مختصين يرون بأن الفجوة عميقة بين الخطاب والواقع، فما كان يروج له حتى على لسان الرجل الأول في الدولة، الرئيس عبدالمجيد تبون، على أن مساهمة القطاع الزراعي في الناتج الداخلي الخام وصل الى 30 بالمائة، هو بعيد عن الحقيقة في ضوء تقرير البنك الذي قدره بـ 16 بالمائة فقط.
وفجر رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة، ما وصف بـ “القنبلة”، في الآونة الأخيرة، بعدما كشف عن تعمد وزير في الحكومة السابقة، (قبل التعديل الحكومي) تزوير الأرقام والبيانات، وذلك بأوامر أسداها لمسؤولي قطاعه على المستوى المحلي لرفع تقارير ايجابية الى السلطات العليا للبلاد.
ومع عدم كشفه حينها عن هوية الوزير، الا أن المعني اتضح أنه وزير الزراعة السابق يوسف شرفة، الذي أبعد من منصبه في التعديل الأخير، وخلفه ياسين مهدي وليد، الذي أكد بدوره في تصريح له، بأن “نصف التقارير والبيانات التي كانت ترد من القطاع مغلوطة وكاذبة”.
تقرير البنك على جرأته في طرح الوضع المالي للبلاد، يعتبر وثيقة مرجعية في سياق عام تكرس هيمنة السلطة التنفيذية على المؤسسات المالية للبلاد، خاصة في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت العديد من المؤسسات تتعمد تجنب نشر نتائجها وبياناتها الرسمية، كما هو الشأن بالنسبة لوكالة التشغيل التي تظهر أرقام ونسب البطالة.
تقرير جريء عكس تقارير الحكومة
وما عدا البنك المركزي وديوان الاحصائيات وبدرجة أقل الجمارك، التي تنشر بيانات دورية حول نشاطها، إلا أن باقي المؤسسات تكون مواقعها على النت معطلة، وهو ما يبرز حكم الآلة الادارية البيروقراطية التي تتفادى الشفافية واطلاع الرأي العام والمختصين بمختلف البيانات، وهو ما تحالفت فيه تقارير اعلامية محلية حاولت اجتزاء فقرات أو نقل بيانات ايجابية من التقرير، أو تقديم قراءات غير مكنملة كأرقام النمو الاسمي دون النمو الفعلي. الأمر يراه مختصون عائقا في طريق بناء اقتصاد ووضع المؤسسات الحكومية في وضع المتحكم والمستشرف.
ويرى المحلل الاقتصادي سليمان ناصر، بأن الشفافية والأمانة في نقل الوقائع والبيانات هو أساس بناء الخطط الاقتصادية، وأن كسب ثقة الشارع بشكل عام، وتحديدا فئة رجال المال والأعمال، يحتاج الى الصراحة بايجابيات وعيوب الواقع الاقتصادي والمؤسساتي.
وتابع: “أول الخطوات التي يتوجب على الحكومة الذهاب اليها تدريجيا هو تحرير العملة المحلية، على اكراهاتها، وفي كل الحالات لا تكون أكثر ألما من رؤية قيمتين متباعدتين لسعر الدينار الجزائري بين السعر الرسمي في البنوك، وبين الأسواق الموازية، الى جانب انسحاب الحكومة لدور الضابط والمرافق، وليس المسير لدواليب الاقتصاد والمالية، وترك المجال لنظام وقواعد السوق”.
أما الخبير عبدالكريم زغيليش، فيرى من جانبه، أن الاقتصاد الجزائري في منعرج حاسم، وكل الاتجاهات تنطوي على اكراهات معينة، لكن المهم هو اتخاذ الخطوة التي تخرجه الى بر الأمان حتى ولو اضطر المجتمع الى المرور بمراحل صعبة، على غرار مراجعة الدعم من الشامل الى الموجه، وتحرير المبادرة من قيود الادارة، والاعتماد على المؤسسات الصغرى والمتوسطة، والتخفيف من عبء الوظيفة العمومية على الخزينة العمومية، ومن التحويلات الاجتماعية.
وأكد لـ “أفريقيا برس”، بأن “الاقتصاد الوطني في حاجة الى اصلاحات هيكلية عميقة، تكفل له الاندماج مع الاقتصادات الحرة، وبقاء المؤسسات الرسمية في دور ضبط وتوازن الآليات، بما في ذلك تحييد الاقتصاد عن التجاذبات السياسية الداخلية والخارجية، التي كلفت البلاد خسائر فادحة، فمن أجل شعار السكن الاجتماعي والصحة المجانية والتعليم المجاني، تراكمت وتفاقمت بؤر الفساد”.
المراجعات المنتظرة
وأمام هذه المعطيات يجمع مختصون وحتى مؤسسات مالية عالمية كالبنك العالمي وصندوق النقد الدولي، على ضرورة تلك الاصلاحات، وجاء تقرير البنك المركزي، ليؤكد بصفة مبطنة أن نمط المكابرة السياسية والشعارات الشعبوية، كالاعلان عن استحداث نحو 70 ألف منصب شغل في قطاع التعليم، واعتماد ثلث الموازنة العامة لرواتب الوظيفة العمومي، والاستمرار في التحويلات الاجتماعية التي فاقت الـ 20 مليار دولار، سيضع المالية العامة أمام انهيار وشيك، في ظل التراجع في المداخيل وارتفاع التكاليف وغياب مصادر تمويل جديدة.
واذا كانت الجبهة الاجتماعية هي مفتاح الخيارين، فان مقياس الشفافية والصراحة والتضحيات العادلة هي التي تكفل تجاوز المراحل الصعبة قبل استعادة عافية الاقتصاد، أما الاستمرار في سياسة شراء السلم الاجتماعي على حساب المقدرات الوطنية هي التي تفضي إلى الافلاس.
وإلى جانب ذلك، يرى موقع “مغرب ايمارجونت”، بأن الرأي العام الاقتصادي في انتظار، مراجعات ضرورية خاصة فيما يتعلق بعقلنة الانفاق الحكومي ورسم الأولويات، والانفتاح على النخب الاقتصادية والأهلية للمساهمة في خيارات توافقية تكون فيها التضحيات عادلة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





