المكننة والرقمنة والدرون والسمارت فارمينغ لتصحيح أرقام الفلاحين

3
المكننة والرقمنة والدرون والسمارت فارمينغ لتصحيح أرقام الفلاحين
المكننة والرقمنة والدرون والسمارت فارمينغ لتصحيح أرقام الفلاحين

أفريقيا برس – الجزائر. يستعد المجلس الوطني المهني لشعبة الحبوب لرفع مجموعة توصيات خلال الندوة الوطنية للفلاحة المقررة نهاية أكتوبر المقبل، تركز على تطوير القطاع عبر الرقمنة وتوسيع استخدام آليات الفلاحة الذكية أو “السمارت فارمينغ” والمكننة الحديثة.

ومن أبرز التوصيات المنتظرة، اعتماد إحصاء دقيق “شبرًا بشبر” لأراضي ومحاصيل الفلاحين عبر منصة رقمية تشمل أسماء الفلاحين، أصناف المحاصيل، حجم الإنتاج، المناطق الزراعية، بهدف متابعة كل ما هو على الأرض بدقة، تصحيح الأخطاء، تعزيز التكامل بين الدعم اللوجستي والتقني والإنتاجي.

كما تشمل التوصيات توفير بذور مقاومة للجفاف وملوحة التربة، توسيع استخدام الطائرات المسيرة “الدرون” للمتابعة الميدانية وخفض التكاليف، حملات لتوسيع التأمين لحماية المحاصيل، وزيادة القدرات التخزينية لضمان الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي.

وفي السياق، كشف رئيس المجلس، عبد الغني بن علي، أن الموسم الفلاحي الحالي يفترض أن يتميز بطفرة لافتة في استعمال التقنيات الحديثة والرقمنة، وهو ما يعكس الرؤية الجديدة التي جاء بها وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجديد المهدي ياسين وليد، حيث جعل من التكنولوجيا والابتكار محورا أساسيا لتطوير شعبة الحبوب وضمان الأمن الغذائي للجزائريين، خلال اللقاء الذي جمعه بهم قبل أيام.

وأوضح بن علي أن الموسم الماضي اتسم بعناية كبرى من طرف دواوين الحبوب في توفير الإمكانات اللوجستية والمخازن الجوارية والاستراتيجية، إلى جانب إدماج آلات جديدة “صنع في الجزائر” التي وسّعت الحصاد وسهلته، وأكد أن النتائج كانت “مرضية جدًا”، خصوصًا في المناطق الشرقية على غرار قسنطينة، قالمة، سوق أهراس، أم البواقي، التي حققت إنتاجًا هامًا في القمح الصلب، بينما كان محصول الشعير “لا بأس به” في المناطق الغربية، الهضاب العليا، الجنوب الشرقي، الجنوب الوسط.

لكن رئيس الشعبة لفت في المقابل إلى صعوبات واجهت مناطق أخرى، إذ مسّها الجفاف في شهر أفريل، والرياح الساخنة في الغرب والجنوب الأوسط، إضافة إلى موجة برد ضربت الهضاب الوسطى، وهو ما جعل بعض الأراضي لا تُحصد بشكل كامل، كما أن موسم الحصاد في الجنوب امتد عشرين يومًا إضافيًا، إلى غاية 10 جويلية بدل منتصف جوان، ما اضطر الآلات للبقاء هناك وتأخر انطلاق الموسم في الشمال.

وفيما يخص الشعير، قال بن علي إن الفلاحين عادة ما يحتفظون بجزء منه لتربية المواشي وهو ما يجعل الأرقام المقدمة أقل من تلك المحقق، مشيرًا إلى أن المساحات المزروعة بالحبوب توسعت بشكل غير مسبوق، حيث انتقلت من 20 ألف هكتار في الجنوب إلى 150 ألف هكتار حاليا، مع السعي لبلوغ 300 ألف هكتار خلال هذا الموسم. وهو ما يستدعي ـ حسبه ـ دعمًا أكبر بالوسائل اللوجستية والتقنيات الرقمية لمسايرة توسع المستثمرات الجديدة.

أمطار الخريف سهلت الحرث.. والفلاحون مطالبون بالتأمين

وأضاف المتحدث أن المرحلة المقبلة من الحرث والبذر ستُخاض برؤية متطورة تعتمد على تقنيات علمية ورقمية، بالتوازي مع بداية تساقط الأمطار التي ستسهل العملية، مشددا على ضرورة توفير بذور نافعة تتحمل الجفاف وملوحة بعض الأراضي، خاصة في المناطق الغربية، مثل بذور الشعير والتريتيكال.

كما طرح بن علي جملة من الإشكالات خلال اللقاءات التي جمعت المهنيين بالوزير الجديد، في مقدمتها إعادة النظر في الخارطة الإنتاجية بما يضمن توفير المياه للسقي الفلاحي، تعزيز المكننة، الاعتماد على الرقمنة للحصول على أرقام صحيحة تسمح بتصحيح الأخطاء وتحقيق إنتاج أوفر.

وأشار إلى أن الفلاحين مطالبون أيضا باللجوء إلى التأمين لحماية محاصيلهم وضمان التعويضات عند الكوارث الطبيعية، معتبرًا أن “التأمين على الرزق الفلاحي” ضرورة لا مفر منها، كما دعا إلى أن يتوسع الدعم ليشمل الإنتاج الفلاحي ككل وليس فقط الأسمدة، مما سيدفع الفلاحين للعمل أكثر مقابل مساهمة أكثر من الدولة.

وفي السياق نفسه، شدد بن علي على أهمية إدخال المكننة الحديثة على غرار “الدرون” للزراعات الاستراتيجية، خاصة في الأراضي التي يصعب على الجرارات الوصول إليها، مؤكدًا أن هذه التقنية ستُسهم في خفض التكاليف وضمان متابعة رقمية دقيقة لمساحات الفلاحين، أنواع المحاصيل، أحجام الإنتاج، بما يحقق التكامل ويعزز مردودية القطاع.

وذكّر رئيس الشعبة بأن رئيس الحكومة الجديدة “يعمل في الميدان”، والوزير وليد “شاب متمكن من التقنيات الحديثة”، وهو ما يعكس توجها جديدا لتطوير القطاع بالاعتماد على العلماء والمعاهد وتوسيع استعمال “السمارت فارمينغ”، حيث بات الفلاحون يتابعون رطوبة التربة مثلا عبر الكمبيوتر والهاتف.

وأضاف أن تعليمات الوزير الأول جاءت واضحة بضرورة رفع الإنتاجية لتحقيق الأمن الغذائي، في انسجام مع توجيهات رئيس الجمهورية، لافتا إلى أن المخازن ستصل قدرتها التخزينية إلى 90 مليون قنطار بحلول 2029، ما يستوجب مضاعفة الجهود لبلوغ هذا الهدف.

كما اشار إلى أن ندوة وطنية للفلاحة ستُعقد أواخر أكتوبر المقبل لاستلام التقارير والتوصيات، بهدف تحديد العراقيل محليا ومركزيا والعمل على إزالتها، مع تعزيز انفتاح الفلاحة الوطنية على الشركات.

وختم بن علي بالقول: “الدولة قدمت الكثير، واليوم صار لزاما أن نعتمد على العمل التكنولوجي والرقمي، ونوجّه الفلاحين لشراء أحسن الآلات، نتبع معهم المسار التقني لرفع المردود، ونرافقهم بنكيًا حتى لا يخسروا، هكذا فقط نضمن قوت الجزائريين”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here