زراعة القطن في جنوبي الجزائر.. بين تنويع الاقتصاد والحتمية الزراعية

زراعة القطن في جنوبي الجزائر.. بين تنويع الاقتصاد والحتمية الزراعية
زراعة القطن في جنوبي الجزائر.. بين تنويع الاقتصاد والحتمية الزراعية

أفريقيا برس – الجزائر. باشرت الجزائر خطوات عملية لإعادة بعث زراعة القطن في جنوبي البلاد من خلال مشروع يمتد على مساحة 5000 هكتار، في مسعى لإحياء شعبة استراتيجية تعتبر ركيزة أساسية لتطوير الصناعة النسيجية وتقليص فاتورة الاستيراد، وقد تجلى هذا التوجه خلال زيارة وزير الصناعة الجزائري، يحيى بشير، إلى ولاية أدرار جنوبي الجزائر.

وتتجه السلطات الجزائرية اليوم إلى تعزيز الاقتصاد الوطني بالبحث عن مصادر جديدة لتطوير الصناعة ومنها النسيجية بغية تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليص فاتورة الاستيراد، في ظل تجارب سابقة في ولايات جنوبية أثبتت نجاحها في عملية الإنتاج.

ويتم تنفيذ المشروع بالتعاون مع المجموعة الإسبانية “LS Alcántara System”، والاعتماد على الكفاءات الأجنبية والزراعية في هذا المجال، التي ستتولى نقل الخبرة والتكوين، بهدف إعداد كفاءات محلية قادرة على إدارة مزرعة قطنية ضخمة وفق أحدث التقنيات العالمية.

وأكد الوزير أنه “سيتم تأهيل شبكات السقي، تقييم الآبار، وربط الأرضية بالشبكة الكهربائية لضمان استمرارية النشاط، ضمن توجه جديد يهدف إلى استعادة زخم الجزائر في إنتاج الذهب الأبيض أو القطن، وخلق ديناميكية إنتاجية في الجنوب تهدف إلى تنويع الاقتصاد وخلق مناصب شغل جديدة”.

وفي السياق ذاته، أفاد المهندس الزراعي بوشول بوسلهام، بأن الجنوب الجزائري يملك كل مؤهلات زراعة وإنتاج القطن

وقال بوسلهام: إن “توجه الجزائر اليوم لزراعة القطن في الصحراء راجع لكون الدولة تبحث عن تقليص التبعية للاستيراد وخلق صناعة نسيج محلية، وربط الزراعة بالصناعة لرفع القيمة المضافة، كما أن الجنوب يملك مساحات واسعة غير مستغلة، ويمكن تحويلها لمزارع كبرى للقطن مع توفر حرارة عالية تناسب نموه إضافة إلى رغبة الحكومة في تنويع الاقتصاد وخلق مناصب عمل في مناطق الجنوب خاصة بعد نجاح تجارب أولية ميدانية في إنتاج محلي محترم”.

وأكد بوسلهام أن “الطقس الجزائري الصحراوي مناسب جدا للقطن لأنه يحتاج حرارة عالية وضوء قوي وفترة جفاف طويلة، لكن التحدي الأكبر هو الماء، ولأن القطن يستهلك كمية معتبرة لذلك تعزيز نجاحه يكون عبر الري بالتنقيط أو الري تحت السطحي واختيار أصناف قصيرة الدورة، وقادرة على تحمل الملوحة واستعمال التغطية الأرضية لتقليل التبخر واعتماد جداول ري مبنية على الاحتياج الفعلي للنبات مع مراقبة ملوحة التربة والماء بانتظام”.

واعتبر أن “الجزائر يمكنها الاستثمار في القطن وتحقيق اكتفاء ذاتي جزئي ثم الانتقال نحو التصدير، إذا تم توفير ثلاثة عناصر أساسية وهي الماء والتقنية والبنية الصناعية لأن القطن يحتاج إدارة دقيقة للماء والملوحة وإلا تتدهور التربة كما يحتاج محالج ومصانع نسيج لخلق سلسلة قيمة كاملة والتحديات تكمن في تكلفة الري في الصحراء ومحدودية الموارد المائية والمنافسة العالمية القوية، لكن إذا تم تبني ري عالي الكفاءة وطاقة شمسية للتحلية وأصناف ملائمة للمناخ الصحراوي فالمشروع قابل للنجاح على المدى المتوسط مع آفاق كبيرة للصناعة النسيجية المحلية”.

بدوره، أفاد فادي تميم عضو منظمة حماية وإرشاد المستهلك بأن الجزائر تسعى لتحقيق الأمن الغذائي من خلال زراعة القطن محليا.

وقال تميم: إن الجزائر تسعى لتحقيق الأمن الغذائي في المجال الفلاحي، والقطن من بين المنتوجات التي تحقق هذا الأمن خاصة في مجال صناعة النسيج، مضيفا: “صحيح هذه الصناعة متأخرة في الجزائر، لكن من الممكن أن تحدث طفرة بناء على استثمارات جديدة”.

وأكد تميم أنه وحسب الخبراء، فهناك تأكيد أن الصحراء الجزائرية تستطيع رفع التحدي في كل المنتوجات الفلاحية وإحياء مشاريع مماثلة، خاصة إذا نجحت الخطوات الأولى، فإننا سنذهب إلى توسيع الاستثمار والاستفادة من تجارب الدول العربية الرائدة في هذا المجال مثل دولة مصر.

وأضاف أن “التجارب المستحدثة في الفلاحة ليست جديدة في الجزائر، قبل الآن جربت البلاد زراعة النباتات الزيتية، وكانت فكرة نجاحها مستعبدة وهي اليوم في تطور مستمر، لذا فإن الاستعانة بخبراء من دول أخرى، سيجعل من التجربة ناجحة وستتوسع في ولايات جديدة، خاصة مع التقسيم الإداري الجديد الذي يساعد على استمرار التجربة وتعميمها”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here