ميكانزمات جديدة لاستقطاب أموال “الشكارة” وتشجيع الادخار

25

طالب وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان، في اجتماع “طارئ”، جمعه بمديري قطاعات المالية والضرائب والجمارك، إعداد خطة مستعجلة لإنشاء سوق مالي يضمن المنافسة الشفافة لمختلف المتعاملين الاقتصاديين، وإعادة النظر في المنظومة التشريعية الضريبية، ورقمنتها وتصحيح الطريقة المعتمدة لتقييم العملة الوطنية، في خطوة لتحقيق الإصلاح المالي، الذي يعد ملفا مستعجلا في الوقت الراهن، لتخطي الأزمة المالية.

أمهل وزير المالية مديري الضرائب والجمارك والبنوك العمومية، إلى جانب محافظ بنك الجزائر، أياما لتقديم تصور عملي للإصلاح المالي، الذي ألزم به الرئيس تبون الحكومة في آخر اجتماع للوزراء، على النحو الذي تسمح آليات الإصلاح للخزينة العمومية باقتصاد حوالي 20 مليار دولار، قبل نهاية السنة الجارية، أي خلال فترة الخمسة أشهر المتبقية من السنة.

الرئيس تبون الذي لم يحدد لوزير المالية الجديد “الميكانزمات” الواجب اتباعها، لكنه ألزم الحكومة بتحقيق مجموعة من الأهداف على المدى القصير، أولها العمل على تعزيز التدابير المتخذة في وقت سابق، لوقف تضخيم الفواتير واسترجاع الأموال الموجودة في السوق الموازية، أي تلك الأموال التي تدور خارج القنوات الرسمية وغير معنية بأي نوع من أنواع الضريبة، وهي الأموال التي سبق وأن قدر الرئيس تبون أنها تتراوح بين 6 إلى 10 آلاف مليار دينار، كما شكلت مضمون تدابير ضمن قوانين المالية السابقة، قصد استقطابها ضمن ما عرف بالامتثال الضريبي الطوعي سنة 2017، وهو الإجراء الذي أخفق في تحقيق أهدافه، رغم التحفيزات التي أقرتها الحكومة لصالح هذا الإجراء.

وزير المالية بدأ في اجتماعه بحسب مصادر “الشروق”، ملتزما إلى أبعد الحدود بخارطة الطريق التي حددها الرئيس تبون، والتي تعتمد على الاصلاح البنكي والجبائي والجمركي، وتشجيع الصيرفة الإسلامية، والتحكم في الواردات، والعمل على استرجاع الأموال الموجودة في السوق الموازية، والتخفيف من فاتورة الواردات، من خلال خفض مصاريف النقل واستعادة احتياطات الذهب الوطنية من الأموال المجمدة منذ عشرات السنين على مستوى الجمارك، والمحجوزة على مستوى الموانئ والمطارات، وإدراجها ضمن الاحتياطات الوطنية، هذه الاحتياطات غير المستغلة بإمكانها بعد رفع “التجميد” عنها أن تشكل أحد موارد تمويل الاقتصاد الوطني.

مشروع الإصلاح المالي والمصرفي، والذي قال الرئيس تبون إنه أضحى يحمل صفة “فوق المستعجل”، والذي يعد المرافق الأساسي لإعادة هيكلة الاقتصاد، يؤكد الخبراء أنه رغم أهمية الجانب التشريعي لتحقيقه، إلا أن هناك عاملا أهم، في حال لم يتوفر لخطة الإصلاح المالي فلن تحقق أهدافها، ويقول الخبراء إنها تتعلق بمؤشر الثقة بين القطاع المالي والمتعامليين الاقتصادين،

وهي الحلقة المفقودة في الوقت الراهن، والتي يبقى استرجاعها مرتبطا بالضمانات الجديدة التي ستعرضها حكومة عبد العزيز جراد على أصحاب الشكارة لاستقطاب أموالهم، أضف إلى ذلك المعايير التي ستحدد مستقبلا للتمييز بين رجال الأعمال “النزهاء” أو “غير النزهاء”، باعتبارهم الحلقة الأساسية في إنجاح عملية استرجاع الأموال المتداولة في الأسواق الموازية من جهة، كما يعد “النزهاء” منهم – كما وصفهم الرئيس – محرك الاقتصاد غير الريعي.

الإصلاح المالي والمصرفي الذي وضعه الرئيس ضمن أولويات عمل الحكومة، يأتي في سياق سعي هذه الأخيرة البحث عن التمويلات اللازمة للنهوض بالاقتصاد الوطني، في ظل استبعاد فرضية الاعتماد على موارد التمويل الأخرى المتأتية من التمويل غير التقليدي أو الاستدانة الخارجية، والتي أكد الرئيس تبون في العديد من المرات أنها ممرات ممنوعة وغير موجودة ضمن حساباته.

ويبدو بحسب خارطة الطريق التي وضعها الرئيس لتحقيق الإنعاش الاقتصادي، أنه يراهن على ثلاثية: أموال السوق الموازية، ومدخرات الدولة الحكومية والمؤسساتية والعائلية، وعائدات الضرائب المباشرة وغير المباشرة لتمويل اقتصاديات الدولة مستقبلا.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here