ميناء بجاية… بوابة حيوية تتطلع إلى مشاريع التطوير

1
ميناء بجاية… بوابة حيوية تتطلع إلى مشاريع التطوير
ميناء بجاية… بوابة حيوية تتطلع إلى مشاريع التطوير

أفريقيا برس – الجزائر. يعد ميناء بجاية من أبرز الموانئ الجزائرية وأكثرها نشاطًا على البحر الأبيض المتوسط، حيث يجمع بين موقع جغرافي استراتيجي في قلب الخليج الذي يحمل اسمه، وبنية تحتية متطورة تجعله نقطة وصل رئيسية بين الجزائر والأسواق الأوروبية والمتوسطية، إذ، وعلى مر العقود، تحوّل الميناء من منشأة محلية إلى قطب تجاري دولي، يضطلع بدور محوري في حركة الصادرات والواردات الوطنية.

وتعود نشأة الميناء إلى أوائل القرن العشرين، ومنذ ذلك الحين شهد سلسلة من أعمال التوسعة والتحديث شملت تعميق الأحواض وتشييد أرصفة جديدة وتجهيزها بمعدات مناولة حديثة، واليوم، يتكون الميناء من ثماني منشآت إرساء بحرية و18 منصة رسو، بعمق 13.7 مترا، ما يمكّنه من استقبال سفن عملاقة من فئة “باناماكـس” و”سوبر باناماكـس”، إضافة إلى رصيف نفطي بعمق 9.1 متر.

أنشطة متنوعة

يستحوذ الميناء على دور محوري في شحن وتصدير النفط الخام ومشتقاته، خاصة عبر أنبوب “كابيلي” الذي يربطه مباشرة بالحقول النفطية في الجنوب، كما يستقبل واردات أساسية من السلع الاستهلاكية والمواد الأولية للصناعات المحلية، إلى جانب تصدير المنتجات الزراعية والصناعية، ويُعرف الميناء أيضًا بكونه الوحيد في الجزائر المؤهل للتعامل مع البضائع الخطرة، إضافة إلى احتضانه أنشطة مرتبطة بصناعة البتروـ كيماويات، إذ جرى في هذا الشأن تصميم وتجهيز جزء من منشآت الميناء وفق معايير أمان صارمة تتيح استقبال وتخزين وشحن المواد الكيميائية القابلة للاشتعال، والمواد السامة، والمواد ذات المخاطر البيئية العالية، وتتوفر هذه المنطقة على أنظمة متقدمة لمكافحة الحرائق، وأجهزة كشف تسرب الغازات، وأحواض احتواء خاصة تمنع أي تسرب محتمل إلى البحر، كما يعمل فيها طاقم مدرَّب على التعامل مع الحالات الطارئة، وفق بروتوكولات السلامة الدولية، وهو التخصص الذي يمنح لميناء بجاية ميزة تنافسية على المستوى الوطني والإقليمي، ويجعله وجهة رئيسية لشركات الطاقة والصناعات البتروكيماوية التي تتطلب شروط نقل وتخزين خاصة.

تقليّص زمن انتظار السفن إلى أقل من النصف

وتفيد معلومات أن الميناء قد عالج منذ مطلع عام 2025 نحو 603 ألف طن من الخشب، بزيادة لافتة بلغت 48 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، مع استقبال 142 سفينة محملة بالخشب، بمتوسط حمولة لا يقل عن 4.500 طن لكل سفينة، ويمتد نهائي الخشب على مساحة سبعة هكتارات، بطاقة استيعابية تصل إلى 15 ألف وحدة مكدسة على ثلاثة طوابق. أما على صعيد الحاويات، فقد عالج الميناء خلال السنة الفارطة ما يفوق 271 ألف حاوية مع هدف الوصول إلى 300 ألف حاوية سنويًا. وإثر اعتماد نظام عمل 24 ساعة على 24 بداية من مارس 2025، انخفض وقت انتظار السفن من عشرة أيام إلى أربعة فقط، في خطوة تعكس تحسن الكفاءة التشغيلية.

ويضم الميناء مساحات تخزين مغلقة تبلغ 18 ألف متر مربع، وساحات حاويات مفتوحة تمتد على 400 ألف متر مربع، إضافة إلى ست حظائر بمساحة إجمالية تقدر بـ140 ألف متر مربع، حيث تتكامل هذه المرافق مع أنظمة مراقبة وأمن متطورة وخدمات بحرية تشمل الإرشاد والإرساء والصيانة، مما يضمن انسيابية العمليات بأعلى المعايير الدولية. وبرز ميناء بجاية كمحطة أساسية في استقبال أفراد الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج، حيث استقبل الآلاف، خلال صائفة 2025، عبر مختلف الرحلات البحرية، في أجواء تنظيمية متميزة عززتها إجراءات تسهيل العبور وتوفير خدمات استقبال عائلية وودية، وقد ساهم هذا النشاط في تنشيط الحركة الاقتصادية والسياحية بالولاية، خاصة في قطاعات النقل، الإيواء والمطاعم.

دور اجتماعي وبيئي

إلى جانب مكانته الاقتصادية، يشكل ميناء بجاية مصدر رزق لآلاف الأسر من خلال الوظائف المباشرة وغير المباشرة في مجالات النقل والخدمات اللوجستية والصيانة، كما تبذل إدارته جهودًا متزايدة لتبني ممارسات صديقة للبيئة عبر تحسين أنظمة معالجة النفايات البحرية وتقليص الانبعاثات.

إذ بفضل مزيج من التاريخ العريق والتحديث المستمر، يظل ميناء بجاية شريانًا استراتيجيًا يربط الجزائر بالعالم، ويعكس صورة مدينة تجمع بين عبق الماضي وحيوية الاقتصاد المعاصر، ومع مشاريع التوسعة وتعميق الأحواض والرقمنة، يبدو الميناء ماضياً بخطى ثابتة نحو تعزيز مكانته كإحدى بوابات المتوسط الاقتصادية الكبرى.

مشاريع نحو المستقبل

ويواصل اليوم، ميناء بجاية مساره نحو التحديث والتوسع، من خلال مشاريع تطوير البنى التحتية وتوسيع الأرصفة وتعميق الأحواض لاستيعاب سفن أكبر، إضافة إلى رقمنة الخدمات لتسريع الإجراءات وتقليل زمن الانتظار، كل ذلك يجعل من الميناء نموذجًا للمرافئ العصرية التي تجمع بين الكفاءة التشغيلية، السلامة، الانفتاح على المستقبل، إذ من المتوقع أن يشهد ميناء بجاية دفعة قوية في قدراته التنافسية مع دخول مشروع الطريق السريع الرابط بين الميناء والطريق السيار شرق – غرب حيز الخدمة، في شطره الأخير، ما سيسهّل نقل البضائع والمسافرين ويختصر زمن الرحلات البرية بشكل ملحوظ، كما أن مشروع عصرنة خط السكة الحديدية، الذي يشمل تحديث البنية التحتية وزيادة سرعة القطارات، سيمكن الميناء من ربط أسرع وأكثر انتظاماً بالمراكز الصناعية والتجارية الكبرى وكذا الموانئ الجافة، ما يعزز جاذبيته كمحطة إستراتيجية في حركة التجارة البحرية ويخفض تكاليف النقل واللوجستيك.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here