أفريقيا برس – الجزائر. قالت صحيفة ‘الخبر’ الجزائرية المقربة من السلطة، إن الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون أرسل مستشارته لشمال إفريقيا والشرق الأوسط آن كلير لوجوندر إلى نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون محملة برسالة شخصية بُعيد فوز الأخير بولاية رئاسية ثانية، في أول تواصل دبلوماسي بين الجانبين بعد ما وصفته الصحيفة المحلية بـ”الخطيئة الفرنسية” حين اعترفت باريس بسيادة المغرب على صحرائه وبمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية حلا وحيدا قابلا للتطبيق لنزاع الصحراء المفتعل.
وكانت الصحيفة ذاتها قد أوردت في وقت سابق أن الجزائر سترد دبلوماسيا وبالإجراءات المناسبة على قرار فرنسا الاعتراف بمغربية الصحراء، لكنها عادت في تقرير نشرته الخميس للحديث عن استعجال فرنسي لإعادة فتح قنوات التواصل مع الجزائر، قائلة إن ماكرون لم ينتظر دخول تبون رسميا عهدته الرئاسية الثانية وسارع لإرسال مستشارته الخاصة حاملة رسالة للرئيس الجزائري.
ولم يُكشف عن تفاصيل الرسالة التي تأتي قبل أيام من مباشرة تبون لعهدته الثانية، ما يرجح أن تكون تهنئة، لكن الجزائر سعت إلى تسويق رواية مفادها أن باريس هي من يستعجل فتح قنوات تواصل لإنهاء الخلافات الكامنة والناشئة.
وتأتي هذه التطورات بينما تشير تحركات جزائرية إلى أن الرئيس عبدالمجيد تبون سيسعى خلال عهدة الرئاسية الثانية لترميم الشروخ في علاقات بلاده الخارجية. وقد حرصت الرئاسة الجزائرية ووكالة الأنباء الرسمية وكذلك الإعلام الذي يدور في فلك السلطة على استغلال نتائج الانتخابات الرئاسية لتسويق رسائل التهنئة التي تلقاها الرئيس وضمنتها في الأثناء إعلانات عن لقاءات قريبة بين تبون وعدد من القادة العرب بينهم رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وتعرف العلاقات بين الجزائر ودول الخليج حالة من الفتور منذ سنوات بسبب موقف دول مجلس التعاون الخليجي الداعم لمغربية الصحراء وسيادة المغرب على كامل أراضيها وفتح بعضها ممثليات قنصلية في مدينة الداخلة بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
ولا يبدو حديث ‘الخبر’ عن مسعى فرنسي لفتح قنوات تواصل مع الجزائر بعد التوتر الناجم عن اعتراف باريس بمغربية الصحراء، بعيدا عن هذه السياقات، أي التوجه لمراجهة السياسة الخارجية وتخفيف جبهات المواجهة.
لكن التقارير في الإعلام الجزائري لم تخل من مكابرة في تسويق هذه الروايات بغض النظر إن كانت الجزائر هي من بادر لفتح قنوات تواصل أم الدول الأخرى.
وأثرت العداءات المجانية التي افتعلتها الجزائر مع عدد من الدول التي تدعم سيادة المغرب على صحرائه، على علاقاتها الخارجية وظهرت كأنها تواجه عزلة متنامية لا خلاص منها إلا بالعودة إلى خلق نوع من التوازن بعيدا عن قضية الصحراء المغربية.
والأزمة بين الجزائر وفرنسا أكبر من رد فعل على موقف باريس من مغربية الصحراء، فالعلاقات الثنائية لم تغادر مربع التذبذب ولا تزال هناك ملفات خلافية كثيرة عالقة تأجلت بسببها زيارة تبون للعاصمة الفرنسية أكثر من مرة.
ولغمت الجزائر زيارة الرئيس لباريس باشتراطات عديدة من بينها ملف الذاكرة، إذ اشترطت استعادة ممتلكات تعتبرها تاريخية ومن بينها سيف وبرنس الأمير عبدالقادر المتواجدين في متحف الجيش الفرنسي، رغم أن الطلب يعدّ صعب التحقيق بما أن الدولة الفرنسية حصلت على ممتلكات المقاوم عن طريق هبة من عائلته.
وسعى وزير الخارجية الجزائرية أحمد عطاف إلى إزالة الشكوك بشأن زيارة تبون إلى فرنسا وأكد في تصريح سابق أنها “لا زالت قائمة”، مشددا على أنها “ستتم بمجرد تسوية الملفات الخلافية بين البلدين”.
ويثير التقارب المغربي الفرنسي هواجس الجزائر من فقدان مصالحها في المنطقة، لاسيما بعد أن أبدت باريس رغبتها في إعطاء دفعة قوية للتعاون الاقتصادي مع الرباط، فضلا عن نوايا استثمارية هامة في الصحراء المغربية.
وتكثف الجزائر مساعيها لترميم الشروخ في علاقاتها الخارجية بعد أن تفاقمت عزلتها في محيطها بسبب مواقفها الداعمة لجبهة بوليساريو الانفصالية، لا سيما بعد أن أعلنت أغلبية الدول دعمها لسيادة المغرب على صحرائه.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس